ثائر صالح
هناك عدد كبير من المخطوطات العربية القديمة عن الموسيقى محفوظ في المكتبات، منها مكتبات غربية مثل مكتبة المتحف البريطاني. أغلبها نسخ عن نسخ ويندر العثور على نسخ أصلية. بين هذه المخطوطات مجلد يضم 14 رسالة عن الموسيقى باللغتين العربية والفارسية نُسخت بتكليف من شاه قباد بن عبد الجليل الحارثي البدخش (توفي في دلهي 1672 / 1673 م). كان شاه قباد أحد كبار رجال بلاط الإمبراطور المغولي السادس محي الدين محمد المعروف بلقب اورانجزيب (حكم بين 1658 -1707) وهو أشهر الحكام المغول. وتوجد في مكتبة بودلاين في اوكسفورد نسخ أخرى لرسائل موسيقية نُسخت لنفس الشخص، مما يدل على اهتمامه بالموسيقى.
يضم المجلد الرسائل التالية باللغة العربية:
1 - الأرموي، صفي الدين عبدالمؤمن بن يوسف: الأدوار في الموسيقى (1216 - 1294).
2 - كاتب مجهول: شرح الأدوار.
3 - شرح مولانا مبارك شاه عن كتاب الأدوار.
4 - عطاري، عبد المنعم محمد: حاشية على رسالة في نسبة التأليف.
5 - الكندي، يعقوب بن اسحق: رسالة في خبر تأليف الألحان (801 - 873) مجتزأ من سبعة أوراق.
6 - الشرواني، فتح الله: رسالة في علم الموسيقى (عاش في القرن الخامس عشر الميلادي).
7 - ابن زيلة، الحسين بن محمد: كتاب الكافي في الموسيقى (توفي في 1048 وهو من تلاميذ ابن سينا).
8 - ابن المنجم، يحيى بن علي: رسالة في الموسيقى (855 - 912) مولى المعتضد بالله
9 - الفارابي، أبو نصر محمد بن محمد بن طرخان: من كتاب المدخل في الموسيقى (870 - 950) أربع صفحات.
كما نرى، هناك رسائل تعود إلى فترات قديمة مثل أعمال الكندي والفارابي وابن المنجم، ورسائل متأخرة نسبيا أهمها الرسالة في الأدوار للأرموي.
تحوي المخطوطات على خلاصة البحث العلمي في علم الصوت الذي قام به هؤلاء العلماء، حيث نجد تعريفات غاية في الأهمية. يقول ابن زيلة مثلاً: إن الصوت يحدث منه قرع عنيف من جسم مقاوم لجسم مقاوم تموج له الهواء السيال الذي بينهما بعنف تموجاً يستمر إلى الصماخ …. وان الأصوات تختلف تارة بالجهارة والخفاتة وتارة بالحدة والثقل وان الحدة والثقل هما اللذان بهما يختلف حكم النغم في تلاومهما وتنافرهما" وهذا تفسير علمي دقيق لطبيعة الصوت والأمواج الصوتية، وأن الفارق في تردد النغمة هو ما يحدد التآلف والتنافر (تداخل الأمواج الصوتية المختلفة يسبب التنافر إذا كانت محصلته ضربات بعدد معين).
ثم يقول "بعد ان نعلم أحكام الايقاعات والصوت من حيث يبقى زمانا محسوسا يسمى نغمة وكل مجموع نغمتين مختلفتين في الحدة والثقل يسمى بعداً ومن اجتماعات الابعاد اجتماعات يسمى كل واحد منها جنسا ومن اجتماعات الاجناس اجتماعات يسمى كل واحد منها جمعا والتصرف على عدد النغم المسماة جنسا أو عدد النغم او عدد الاجناس المسماة جمعا على ترتيب مقبول متفق وانتقال متفق وايقاع مقبول يسمى التلحين والحادث منه لحنا.. ".
أهم ما يلفت النظر هو اعتماد الأبعاد المختلفة استناداً إلى موقع النغمة على الوتر وتسميتها بحروف الأبجدية. وهناك أبعاد رئيسية يجري إبرازها، مثل بعد بـ وبعد حـ حتى نصل إلى "الذي بالأربع" و"الذي بالخمس" ثم "الذي بالكل" وهي النغمة الرابعة والخامسة والأوكتاف في السلم الغربي على التوالي.