المدى/متابعة
يشهد العراق تزايدًا ملحوظًا في ظاهرة تعاطي المخدرات بين النساء، إذ تشير الإحصائيات إلى أن النساء يشكلن 15% من إجمالي عدد المتعاطين، وسط تقديرات بوجود نسب غير معلنة بسبب الخوف من الوصمة المجتمعية والملاحقات العشائرية.
وتتعدد أسباب تفشي الظاهرة بين الفقر، البطالة، وتأثير صديقات السوء، مما يهدد بتفاقم الأزمة الاجتماعية والنفسية. في المقابل، تواجه المؤسسات العلاجية تحديات كبيرة، أبرزها نقص الكوادر النسائية والمراكز المتخصصة، في ظل غياب حملات توعوية فعّالة ودعم حكومي كافٍ لمعالجة هذه الأزمة.
وفقًا للدكتور مصطفى علي الساكني، مدير مستشفى العطاء لمعالجة الإدمان والتأهيل النفسي، تشكل النساء نحو 15% من إجمالي عدد متعاطي المخدرات في العراق. ومع ذلك، يُرجَّح أن تكون النسبة الحقيقية أعلى، بسبب الخوف من الملاحقات العشائرية والوصمة المجتمعية.
وتتراوح أعمار الفتيات المدمنات بين 18 و30 عامًا، حيث يكثر تعاطي حبوب “اللاريكا” لسهولة الحصول عليها من الصيدليات، إلى جانب مادة الكريستال.
وأشار الدكتور الساكني إلى غياب قسم خاص لرقود النساء في المستشفى، بسبب الحاجة إلى كادر نسائي ومبنى منفصل. لكن المستشفى يوفر استشارات وعلاجًا طبيًا ونفسيًا للنساء بسرية تامة ومجانًا، مع متابعة دورية أسبوعية لحالاتهن. وشدّد على أهمية الدعم الأسري في تشجيع النساء على بدء العلاج، مؤكدًا أن الأسرة تلعب دورًا حاسمًا في نجاح التعافي.
من جهته، أوضح الدكتور حيدر منير أن علاج الإدمان يمر بثلاث مراحل: مرحلة التخلص من السموم خلال أسبوعين، مرحلة التأهيل النفسي التي تمتد إلى ستة أشهر، ومرحلة المتابعة المستمرة لتقليل خطر الانتكاسة. وأضاف أن المخدرات تسبب أضرارًا جسدية ونفسية خطيرة، مثل الكآبة، اضطرابات الذهن، الجلطات الدماغية، والخرف المبكر، مع الإشارة إلى نقص الباحثين النفسيين والأدوية اللازمة لعلاج الحالات المزمنة.
أما الدكتور عبد الله خليل، فقد أشار إلى أن المستشفى يمنع تمامًا أي مواد مخدرة عن المرضى، ما يؤدي إلى ظهور أعراض انسحابية، مثل اضطرابات النوم والانهيار العصبي، ويتم التعامل مع هذه الأعراض باستخدام أدوية تقلل من الرغبة في التعاطي.
وفقًا لدراسة صادرة عن الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، فإن النساء أكثر عرضة للإدمان والانتكاسة بسبب التعقيدات الهرمونية. كما أن الوصمة الاجتماعية تمنع الكثيرات من طلب العلاج.
الناشطة في حقوق الإنسان، آلاء الياسري، أشارت إلى تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات بين النساء نتيجة للتغيرات الاجتماعية، العوامل الاقتصادية مثل البطالة، وتأثير صديقات السوء. ولفتت إلى أن الفتيات في المدارس والجامعات يعرضن للتعاطي بحجج مثل تخفيف ضغوط الدراسة أو تحسين التركيز.
بدورها، أكدت الحقوقية أنوار الخفاجي أن القانون العراقي يعاقب على حيازة وتعاطي وبيع المخدرات بالسجن والغرامات وحتى الإعدام، وفق قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017. لكنها شددت على أهمية تعزيز التوعية المجتمعية، ودعم المؤسسات الأهلية والحكومية لمعالجة الظاهرة.
وأوضحت ريزان شيخ دلير، البرلمانية السابقة، أن الفقر والتهميش يدفع النساء، خاصة المطلقات والأرامل والعاطلات عن العمل، إلى التعاطي أو التجارة بالمخدرات. وأوصت بإنشاء مشاريع اقتصادية توفر فرص عمل للنساء كوسيلة للحد من استغلالهن من قبل الشبكات الإجرامية.
وفي هذا السياق، أكدت نبراس المعموري، رئيسة منتدى الإعلاميات العراقيات، أن التوعية بمخاطر المخدرات تتطلب حملات مستمرة تستهدف النساء والفتيات، بالإضافة إلى إنشاء مراكز تأهيل مخصصة تقدم برامج شاملة تشمل الدعم النفسي والاجتماعي.
وأوضح أرشد الحاكم، المتحدث باسم جهاز الأمن الوطني، أن الجهاز نفذ عمليات نوعية لتفكيك شبكات تجارة وتهريب المخدرات، شملت اعتقال متهمين من جنسيات مختلفة، من بينهم نساء.
وأكد استمرار التعاون بين الأجهزة الأمنية في جميع المحافظات، بما فيها إقليم كردستان، لمكافحة هذه الظاهرة المتنامية.
المصدر: وكالات