بغداد/ المحرر السياسيعد الرأي العام ومراقبون سياسيون قرار رئيسي الجمهورية والوزراء بتخفيض راتبهما خطوة ايجابية، رغم أنها جاءت متأخرة.لكن تقليص الرواتب في هذه المرحلة الحساسة التي يتصاعد فيها الغضب الشعبي من سوء الأحوال المعيشية ليس كافيا على صعيد موازنة وتعديل أوجه صرف الأموال.
في المقابل، فان مصدرا برلمانيا كشف للمدى أمس فضل عدم ذكر اسمه، أن كتلا سياسية تتجه إلى رفض مشروع قانون تُخفض بموجبه رواتبهم ومخصصاتهم، وذلك بدعوى أنهم ينتظرون قرارا بتخفيض المنافع الاجتماعية للمسؤولين الحكوميين.وينظر بعض المحللين السياسيين إلى أن الخلاف حول مسألة التخفيض قد تدخل في باب التجاذبات السياسية.وبينما يشكو الشارع العراقي نقص الخدمات وتعذر المؤسسات الحكومية بعجز في التخصيصات المالية، يضم ملف الرواتب والمنافع الكثير من الجدل. إذ من المفترض أن تتم معالجة جميع رواتب الدرجات الخاصة، سواء في البرلمان أو الحكومة المركزية أو الحكومات المحلية بمن فيهم النواب والوزراء والمحافظون ورؤساء مجالس المحافظات والوكلاء والمستشارون والمدراء العامون.وفي هذا الباب أيضا يرى الخبراء الاقتصاديون أن معظم التجارب الديمقراطية في العالم لا توفر امتيازات التقاعد للبرلمانين السابقين، كما هو الحال في العراق حيث يحصل النواب السابقون على امتيازات مبالغ فيها. يؤشر هذا الملف، أيضا، أهمية الالتفات إلى الامتيازات غير المبررة التي يحصل عليها المسؤولون، وهي تندرج، فيما تندرج، بمستحقات تأجير الدور وبدلات السفر والضيافة والمرافقين والنثرية الخاصة ولائحة طويلة من المصروفات التي تصل، في كثير من الأحيان، إلى مبالغ مرتفعة جدا.وفي وقت تعاني فيه وسائل الإعلام صعوبة الحصول على إحصائيات دقيقة ورسمية لحدود المنافع الاجتماعية، يتجه المسؤولون إلى تقليص رواتبهم، الإعلان، بشفافية، عن حجم تلك المنافع، بل وتقليصها، أيضا.وفي هذا الصدد يقول الخبير الاقتصادي ماجد الصوري للمدى إن تأثير خفض رواتب المسؤولين لا يمكن معرفته ما لم يتم الإعلان عن حجمها والمقدار الأصلي لما يتحصلون عليه.ومادامت الحكومة العراقية تفكر اليوم، إزاء احتجاجات متنامية على نقص فادح في وسائل العيش الكريم، فأن عليها متابعة خروقات واضحة تتعلق، أيضا، بطرق صرف المال العام.ومنها المخصصات المالية التي تصرف كرواتب ومخصصات لهيئات عراقية مستقلة يرتبط عملها، أساسا، بمهام وفترات زمنية محددة.وهنا يتعلق الحديث بهيئات مثل مفوضية الانتخابات، التي يقتصر عملها على إجراء الانتخابات وإعلان نتائجها، دون أن تكون هناك ضرورة لأن تتواصل طيلة أربع سنوات. والحديث مثله ينطبق على مؤسسة السجناء السياسيين، والتي تتعلق بتركة خلفها النظام المباد، وعلى المؤسسة الحكومية انجاز هذا الملف وتسوية آثاره السلبية، عبر تعويض الضحايا في فترة محددة.هذا الملف الشائك الطويل، الذي يفتح النقاش حوله قرار تخفيض مسؤولين لرواتبهم دون الإعلان عن مقدارها وبقية أوجه الصرف التي يحصلون عليها، هذا الملف يكشف، في إحدى أوجهه، تفاوتا فاضحا بين رواتب الدرجات المتدنية وتلك التي يحصل بموجبها أعلى موظف في الدولة، رئيس الوزراء، على راتبه.الفرق الصارخ في الأرقام يؤشر خللا في آلية توزيع الدرجات وفجوة كبيرة تعترض سلمها.ففي وقت يرى الخبراء أن الدرجة السابعة، وهي أقل درجة تعيين حكومية، تتقاضى راتبا –حوالي 400 ألف دينار – ضئيلا ولا يقارن، أبدا، بحجم الدرجات الخاصة.ويرى الخبير الاقتصادي ماجد الصوري أن الأزمة الاقتصادية وغياب أهداف التنمية لا يمكن حلها بإجراءات ترقيعية، بل يتطلب الأمر خطة زمنية معروفة النتائج وتنطوي على خطوات مترابطة وواضحة.في هذا الوقت، تعكف لجنة خاصة مؤلفة من ممثلي الرئاسات الثلاث على إعادة النظر في الرواتب والمخصصات التي يتقاضاها قادة الدولة و منتسبو الدوائر الرئاسية.وعلى ما يقول بيان رئاسي، فأن الرئيس جلال طالباني وجه بأن يكون هو شخصيا في مقدمة من تخفض رواتبهم مقترحا أن يشمل التخفيض جميع منتسبي رئاسة الجمهورية، بالإضافة إلى وضع المقترحات المتعلقة بخفض رواتب الوزراء والنواب وذوي الدرجات الخاصة.ويرى الرئيس أن المبالغ المستقطعة يجب أن تساهم في تحسين أوضاع الفقراء وذوي الدخل المحدود، علاوة على أن مثل هذا الإجراء سيكون في سياق ضمان العدالة الاجتماعية.
خبراء: تخفيض الرواتب ليس كافيا وإلغاء الامتيازات غير المبررة يخفف من الأزمة
نشر في: 7 فبراير, 2011: 09:30 م