TOP

جريدة المدى > عام > رواء الجصاني: مركز الجواهري في براغ تأسس بفضل الكثير من محبي الشاعر

رواء الجصاني: مركز الجواهري في براغ تأسس بفضل الكثير من محبي الشاعر

يرى أنه وثق حب الجواهري الكبير للحياة والجمال، والمرأة

نشر في: 21 يناير, 2025: 12:01 ص

حاوره: علاء المفرجي
رواء الجصاني من مواليد العراق عام 1949، -أنهى دراسته في هندسة الري من جامعة بغداد في عام 1970، نشط في مجالات الاعلام والثقافة والفعاليات الجماهيرية داخل، -العراق حتى العام 1978، وفي الخارج بعد ذلك التاريخ، -نشر في العديد من الصحافة العراقية والعربية، في الشؤون الثقافية والسياسية، تخصص منذ أكثر من ثلاثة عقود في تراث وتأريخ الجواهري الكبير
يشرف على ادارة "مركز الجواهري في براغ" ونشاطاته الثقافية، أسس "بابيلون" عام 1990 بالتعاون مع الاديب والمترجم الراحل عبد الاله النعيمي.
تأسس في نيسان/أبريل 2002 "مركز الجواهري الثقافي في براغ"، التي أقام فيها الشاعر الكبير بشكل شبه دائم ثلاثة عقود، كتب خلالها أكثر من 15 قصيدة ومقطوعة عن التشيك، جمالاً وطبيعة ومجتمعاً. إضافة إلى أكثر من خمسين قصيدة أخرى عن مختلف مناحي الحياة.
المدى التقت بمدير المركز، للحديث عنه:
حدثنا في بداية هذا الحوار عن مركز الجواهري في براغ، متى تأسس، ما الغاية من تأسيسه، ومن يختص، وعن نشاطاته المختلفة؟

  • جاء رحيل الجواهري الخالد (1899-1997) حافزا اضافيا لما كان يشغل البال، بان يكون هناك منبر/ موقع/ مركز، لحفظ تراث وارث الشاعر العظيم، واعني "العراق العجيب" بحسب تعبيره في بائيته الهادرة عام 1985.. وهكذا وبعد "دردشات" تحولت الى استقراءات اراء محبين واصدقاء، وتهيئات اولية، اطلقتُ بتاريخ 2002.4.17 مع العلامة محمد حسين الاعرجي، والمستعرب التشيكي القدير، يارومير هايسكي، اعلان بدء نشاط المركز، اطارا مدنيا مسجلا رسميا في تشيكيا، وتقصدنا ان يكون الافتتاح متواضعا في احدى مقاهي براغ التاريخية، بحضور نخبوي ضم مثقفين ومستشرقين ودبلوماسيين ومحبين، عراقيين وعربا وتشيك..
    ومنذ ذاك تنوعت النشاطات بالعربية والتشيكية، وغيرهما، اصدارات وندوات وعلاقاء ولقاءات، وكثير كثير غيرها.. ولأننا لسنا بتوثيق تلك العشرات من الانشطة، ساركز على عينّات فقط قد توحي وتعبر وتوجز، منها:
  • اطلاق فكرة، ومن ثم تنفيذ "بيت/ متحف" الشاعر العظيم في بغداد كما سترد تفاصيله في متن الفقرات القادمة..
  • اطلاق مقترح نشيد وطني، وطني، عراقي جديد من شعر الجواهرى، وطرحه في البرلمان، وقد كاد ان يقر لولا التعقيدات السياسية المعروفة، وقد بادر عدد من الملحنين البارزين لـ "موسقته" باداء بارع وقد تم بث ذلك في عدد من وسائل الاعلام، ولعل ما نراه مميزا ما انجزه الفنان عادل نجمان، وهو منشور حتى الان على شبكة الانترنيت.. ومطلعه: "سلام على هضبات العراق وشطيه والجرف والمنحنى"..
  • توثيق وبث 85 حلقة اذاعية بعنوان "الجواهري.. ايقاعات ورؤى" من اذاعة صوت العراق الحـر، الشهيرة في براغ خلال الاعوام 2009-2011..
    لقد كانت الاصداء الاولى لاعلان بدء نشاطات المركز تتوزع بين تساؤلات منطقية حريصة، و"غرضية" مفتعلة، وتوقعات (وربما تمنيّات!) بمحدودية الانجازات، ووقتيّتها، ولكن راحت الفكرة واقعا، والخلاصات بيّنة والنتائج وفيرة جهد الممكن والمستطاع، وبتطوع مخلص منذ البدء، لنخبة محبين للجواهري: الفقيد عبد الاله النعيمي، نسرين وصفي طاهر، د. عدنان الاعسم.. ثم لاحقا، سلوان الناشئ..
    وبالمناسبة ما برحتُ اسمي المركز بـ "المغامرة" ولي مسبباتي في ذلك اذ تحيط بالتوجه والانطلاق متطلبات ممكن ايجازها بـ: صدق النوايا، والقدرة على الايفاء بالوفاء، وتوفر الوقت، ومساع اضافية لاستكمال وتنسيق ما متوفر من ارشيف ووثائق دعوا عنكم الشهادات والخلاصات عن المعايشات اليومية التي تمتد لعقود.. ذلك كله مرفوقا بشؤون التمويل، خاصة وكان القرار، والى اليوم: الابتعاد عن قبول اية منح او دعومات مالية، من اية جهة او مجموعة او افراد، لا من الاقربين ولا الابعدين، لا عراقية ولا عربية ولا تشيكية او غيرها..
    اما عن اللواحق من الطموحات فهي كثيرة ايضا، مؤمنا بانه ما ان ينتهي طموح المرء المنتج، سيتوقف دوران مراوح وعجلات العطاءات الافكار والطموحات.. ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، فكثير من الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن..
    لماذا لا يكون فرع آخر للمركز في بغداد أو النجف حيث مسقط رأسه؟
  • اقول بان مختلف الاحداث والوقائع في العراق اليوم، لا تؤهل – بتقديري على الاقل- انشاء مركز/ اطار/ منبر، خاص بالجواهري وعنه في العراق، ولا اظن بان هذا الرأي يتطلب شرحا طويلا مفصلا.. فكلنا "يعرف البئـر وغطاه" وما يحويه ويحيط به: سياسيا وثقافيا واجتماعيا.. وبرغم ذلك جهدنا في السنوات القليلة الماضية ان تُؤسس في بغداد ممثلية لمركزنا - مركز "الجواهري" في بغداد، وعلى اساس انه منظمة "اجنبية" يحق لها تشكيل فروع في الخارج.. ففوجئنا بتعقيدات عديدة، ولم نرغب ان ننضم الى عشرات الاطر والمنظمات غير الحكومية (الثقافية – الانسانية – المدنية…) المنتشرة و بـ " اكثر من اللازم والضروري" لاسباب ووقائع معروفة، ولا نقول أكثر، واللبيب تكفيه الاشارة كما هو متداول!..
    لماذا براغ، أعنى لما اخترت المدينة التي يكون فيها مركز للشاعر الكبير الجواهري دون غيرها؟
  • واما لـمَ براغ هي مركز للجواهري، فاقول لانها براغ!.. تلك التي أوجز عنها ولها حين ناغاها عام 1968 فقال في قصيدة ذات 24 بيتا، منها:
    (أطلتِ الشوط من عمري.. أطالَ الله من عمرك.. ولا نبئت بالسوء ولا بالشر من خبرك… حسوتُ الخمر من نهرك، وذقت الحلو من ثمرك.. الا يا "مزهرَ الخلـد" تغنى الدهر في وترك)..
    ففي براغ امضى الجواهري ثلاثة عقود (1961-1968) متصلة ومتوزعة بعد ان لجأ اليها مغتربا من بلاده، ومهضوما من اهلها، وغاضبا ومغاضبا، فأحتضنته وبادلها الوفاء بالوفاء.. وكتب فيها وعنها عشرة قصائد، الى جانب قصائده العديدة الاخرى التي تتجاوز العشرين، ليغدو "ديوان الجواهري "البراغي" شاملا نحو 30 قصيدة بمختلف العناوين والمحاور والاغراض.. وها هي – براغ – تبادله حتى اليوم الوفاء بالوفاء، وتستذكره وخاصة نخب المثقفين والمستعربين، ولعلّ الحدث الابرز على تلك الطريق، اقامة نصب / معلم للشاعر العظيم في العاصمة التشيكية صيف العام الماضي 2024 سعى اليه، وافتتحه السفير العراقي فلاح عبد الحسن، ومسؤولون تشيك، بحضور حاشد، بارز في الكثير من شخصياته، ومن بينهم الوفد العراقي الرسمي والثقافي القادم من بغداد لهذا الغرض وضم الاصدقاء الافاضل: عارف الساعدي، وعلي الفواز وعمر السراي، وفاضل ثامر..
    وصلني منك قبل فترة كتيب مهم جدا، بعنوان (شخصيات وأسماء وشؤون ثقافية عراقية في ذاكرة براغ) استعرضت في أن براغ كانت ملتقى لاكثر مثقفي اليسار نهاية السبعينيات، ما الذي جعل هذه المدينة هي الملتقى؟
  • اصدرت ونشرت اواخر عام 2024 كتيّبا بعنوان "شخصيات وأسماء وشؤون ثقافية عراقية في ذاكرة براغ" ركزت لان يؤشر ولو بايجازات عن عشرات المبدعين العراقيين الذين عاشوا واقاموا وانتجوا في براغ، وعلى امل ومسعى لان يتوسع في فترات لاحقة..
    واستثنائية براغ بهذا الخصوص تتلخص بكونها كانت في فترة مابعد الحرب العالمية الثانية اي ما بعد منتصف الاربعينات الماضية، وحتى مطلع تسعينات القرن الماضي مركزا لعدد من المنظمات العالمية " اليسارية" مثل "منظمة الصحفيين العالمية" و"اتحاد الطلاب العالمي" و"اتحاد النقابات العالمي" و"مجلة قضايا السلم والاشتراكية".. ولا شك بان ذلك اتاح واوجد فرصا واسعة، اضافية، ليكون فيها – في براغ- كتاب وشعراء وفنانون ومبدعون ومثقفون اخرون "يساريون" ووطنيون ومعارضون للانظمة الدكتاتورية في بلادهم، اقاموا للعمل، او لمواصلة الدراسات العليا ذات الصلة، ثم لتاسيس علاقات عائلية مشتركة..
    رواء الجصاني انتقل من هموم ثقافية كثيرة وأنشغالات حياتية، ومن اختصاص الهندسة أيضا، ليتفرغ لتراث وأثار الجواهري، ما الذي دفعك الى ذلك.؟
  • للاجواء البيتية والاسرية - كما يتفق الجميع على ما ازعم - تأثيراتها على شخصية المرء واتجاهاته اللاحقة، وانا أؤمن ايضا بـ "التأثير الجيني" في ذلك.. فقد ولدت ونشأت في عائلة معنية بشؤون الثقافة والتنوير. الوالد، جواد الجصاني، من اوائل المثقفين والخريجين العراقيين، تسنم مواقع مهمة في اختصاصه التربوي، ومنذ مطلع ثلاثينات القرن الماضي.. اما الوالدة، نبيهة الجواهري، فهي شقيقة الشاعر العظيم، وهكذا رحت ناشطا في السياسة والصحافة والثقافـة، وما بينها، ومنذ ستين عاما، واظن الى اليوم!.. وما كان تخرجي مهندساً باختصاص الموارد المائية الا شهادة فحسب، وبدوافع اجتماعية فرضت علي، اذ قُبلت في كلية الاداب/ الصحافة بجامعة بغداد عام 1967 ولكني تركتها لانتقل الى دراسة الهندسة، و"مكره أخاك لا بطل" اذا ما صح القول..
    ثم عدت للاعلام والصحافة، وبمواقع ومهمات مختلفة، وما زلت احمل هوية نقابة الصحفيين العراقيين منذ عام 1974 اي منذ نصف قرن، وازيد قليلا.. مؤمنا: "لا يُولَدُ المرءُ لا هِرًّا ولا سَبُعًا، لكن عُصارةَ تجريبٍ وتلقينِ" بحسب الجواهري في نونيته الشهيرة" يا دجلة الخير"..
    اما العناية والحب - واقول الشغف ولا اتردد - بتاريخ وارث وشعر الجواهري فأمتد منذ الولادة "مَجازا" والى الان، ليس بدوافع الخؤولة فحسب، بل الاهم اني كنت الاقرب للشاعر العظيم، ودا وانسجاما، وتعلقا واهتماما، وخاصة وقد كنت معه كل يوم تقريبا لثلاثة عشر عاما في براغ التي وصلتها هاربا سياسيا / مغتربا عام 1979 ولحين غادرها الجواهري عام 1991 ليقيم في دمشق حتى عام رحيله علم 1997.. وكنت حقا "صندوق اسراره" التي يصلح بعضها للنشر، وما لايصلح، فللمجالس امانات!..
    وماذا عن جريدة بابليون، التي ترأس تحريرها، حدثنا عن توجهاتها ورسالتها؟
  • هروبا من تداعيات الخيبات، وآلام ذلك النفسية على الاقل، رحت قـدر ما استطيع، بعد انهيار الانظمة "الاشتراكية" الحاكمة في شرق اوربا، لارتكن الى فضاءات الصحافة والثقافة والاعلام، "لجوءا" انسب، نسبيا بالطبع.. وهكذا اطلقت "بابيلون" مع الراحل المترجم والكاتب القدير عبد الاله النعيمي وذلك اواخر عام 1990 اي قبل 34 بالتمام والكمال، وما برحت.. وقد جاءت "بابيلون" مشروعا طموحا بامكانيات مالية محدودة جدا، ولكنه فكرة ومحاولة رائدة مكانيا وزمانيا وكل ذلك " بالف دولار، قرضا من الجواهري، وبريشة محمود صبري، ودعمه المعنوي اساسا".. كما ارخت لذلك قبل سنوات احتفاء بذكرى التأسيس..
    .. ثم احتلت "بابيلون" مكانتها ليس دار اعلام، وبؤرة ثقافة، فقط، بل تعدت ذلك لتصبح منبرا عربيا وحيدا – وما زال- في بلاد التشيك: في اهتماماتها الرئيسة، وفي دورها الاجتماعي ايضا.. اما "منجزاتها" فتخصصت اولا بتوثيق التحولات في البلاد التشيكية من الطريق "الاشتراكي" المركزي، الى نظام السوق التنافسي، وما يترتب عليه من متطلبات.. ثم عنت والى اليوم بشؤون العلاقات العربية التشيكية، وبالعكس، في مجالات الاقتصاد والسياسة والثقافة وغيرها عديد..
    بعد تأهيل بيت الجواهري في بغداد، ليكون متحفا لشاعرنا، هل هناك تنسيق مع إدارة هذا المتحف من قبل المركز، وآلية ذلك، خاصة وأن الاثنان يقتربان من تخليد هذا الاسم الكبير؟
  • كنا في العقود السابقة نتجنب، في العمل السياسي والوطني، وبشكل شبه مطلق، الاعلان او الترويج للنشاطات الفردية، والسعي لنسبها الى مجمل انجازات الحزب او الحركة او المنظمة التي نعمل ضمنها، وبقناعات تامة. كان ذلك في زمان مضى، ولربما لن يعود، بقيّمه ووقائعه وتميّزه.. اما اليوم، ومنذ سنين، آمنت بضرورة الاعتراف بالجهود الذاتية، افتخارا، ثم احترازا من اخرين، افرادا ومؤسسات، سعوا – ويسعون- لانتهاز اية فرصة لاستلاب ما يقوم به غيرهم، للاتجار، وابراز "الانـا" الذميمة..بل وتطرفت في ذلك بالدعوة ليس للاعلان عما يتحقق من نجاحات فقط، بل اشاعة "التباهي" بها لانها ملك الساعين والناجحين..
    واستطرادا للسطور اعلاه اوثق بان "مركز الجواهري" وانا شخصيا، من كان وراء تحويل بيت الشاعر العظيم ببغداد الى متحف رسمي، لجمع وتنسيق وعرض بعض الارث والتراث، وادامة نشر العبقرية، واشاعة المواقف الجواهرية الوطنية والشعرية والفكرية.. وتبدأ الحكاية حين عـرض "بعض" ذوي العلاقة ذلك البيت للبيع تجاريا، فتصديّتُ باسم مركز الجواهري، وبشدة لذلك المسعى، ووجهت رسالة مفتوحة نشرت في عدد من وسائل الاعلام، اوائل ايار 2011 موجهة - مع حفظ المواقع والمكانات- للذوات: رئيس الجمهورية، جلال الطالباني، ورئيس الحكومة، نوري المالكي، ورئيس مؤسسة المدى، فخري كريم.. وكذلك الى امانة بغداد واتحاد الادباء ونقابة الصحفيين ووزارة الثقافة، وتحت عنوان " اوقفوا هدم بيت الجواهري".. وقد لقيّت الرسالة اهتماما كبيرا من الحريصين، ليس عراقيا فحسب وعربيا ايضا، ونجحت "حملة" محترمة في انجاز المطلوب، والى ان صار قيام امانة بغداد باستملاك البيت، وتعويض الورثة الشرعيين بمقابل مالي، وفقا للسوق السائدة..
    وهنا بدأت الاجراءات اللاحقة، والمتطلبات القانونية والفنية والمالية، بمتابعة جادة، وجهود مثابرة من الدكتور كفاح، النجل الرابع للجواهري، باشتراكنا عن بعد من براغ، وطوال اكثر من عشرة اعوام، ليفتتح بعدها البيت/ المتحف الحالي صيف عام 2022.. واظن بان من الجدير ان نشير هنا الى جهود ومتابعات وادوار ذوات محترمين كانت لهم مبادرات وعمل حثيث في انجاز هذا المنبر الحضاري: صباح عبد اللطيف مشتت، ممثل رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، امين بغداد الحالي عمار موسى، وسابقته ذكرى علوش، والمسؤولين في امانة العاصمة الافاضل: محمد الربيعي وعبد المنعم العيساوي، وخولة موسى، وكذلك المعمارية البارزة شذى العامري، اضافة طبعا لمشاركات عـدد من عائلة الشاعر الخالد..
    وبالملوس والتوثيق، لا بالاحاديث والتصريحات الاعلامية الملقاة على عواهنها، أوجز الى اننا قمنا في مركز الجواهري، وبمتابعتي المباشرة، بتحرير اللوحة التذكارية التي تتصدر الباب الرئيسة لمدخل المتحف، وتوفيرنا عشرات الصور النادرة، وتوثيقات عن اطاريح الدكتوراه ورسائل الماجستير عن الشاعر العظيم، وصورا لمؤلفات واصدارات قديمة له وعنه، وغيرها وغيرها، فضلا عن اصداراتنا الخاصة بالمركز، والتي تحتل الان في المتحف رفاً خاصا بها.. وما برحت الى اليوم التداولات والمتابعات المتاحة والممكنة في ادامة وتطوير المتحف / البيت، سواء من بـراغ، او عبر مسؤول ممثلية مركز الجواهري في بغداد، ظافر الجناحي..
    هل هناك ما تحدثنا به عن أشياء خاصة للشاعر الكبير الجواهري، لا يعرفها الكثير؟
  • في السنوات السابقة ركزت في الحديث والتوثيق عن "الوجه الاخـر" للجواهري، انسانيا واجتماعيا، لاعتقادي بان الناس تريد ان تعرف المزيد عن حال هذا الرمز العراقي، وخاصة وانه لم يكن شاعرا تقليديا، ولا اقول اكثر لان شهادتي مجروحة كما يقال في مثل هذه الحالات، وفي ضوء ذلك نشرت في كتبي الاربعة عن الشاعر العظيم نحو مئة لقطة تحت عنوان "الجواهري.. بعيدا عن الادب والسياسة!! " وكلها معايشات ووقائع موثقة..
    وعلى سبيل التأشير لا الحصر، لضيق المجال، وثقت مثلا عن حبه للحياة والجمال، والمرأة رمز بيّـن لذلك، واستشهد بذلك من شعره ليس الا، ما كتبه ونشره اواخر الاربعينات بجرأة وصراحة لا يعتمدها، ويعتمرها سوى الواثقين من انفسهم: "ما شاء فليكتب علي الدهرُ اني لا أبالي.. ان كان خصركِ في اليمين، وكان كأسي في الشمالٍ".. ومن اللقطات الاخرى سريعا: كتبت ووثقت بانه بارع في طبخ واعداد بعض الوجبات التي يحبها، وانه في براغ – مثلا – كان يغسل ملابسه بنفسه، وقد اشار لذلك في قصيدته عام 1977 الموسومة بـ" لغة الثياب" وانه لا يحب "التلفزيون" ولا يشاهده، وانه غالبا ما يقول "عندي وداع حمامة، فإذا استثرت فجوع نمرِ" وانه يضجر من التظاهر بالفخامة والتفخيم، وعلى ذلك الغرار شواهد ووقائع عديدة اخرى تؤكد بيقين ان العبقري يبقى انسانا قبل كل ذلك وهذا..
    هل هناك ما يشغلك غير الاهتمام بتراث واثار الجواهري؟
  • اظن بان الوقائع تؤكد حقاً بان من شبّ على شئ شاب عليه. وفي ضوئه فلا مناص من مواصلة الاهتمام بالشأن الوطني العام، قدر الممكن، الذي بدأ منذ ستة عقود، والى اليوم.. واطمح برغم مشاغل العمل الاعلامي والثقافي، المهني، العام ان تتوفر الظروف والاوقات لاستكمال ما وعدت به في خلاصات وايجازات تضمنهتا توثيقاتي السابقة وابرزها:
  • اتمام توسيع ما نشرته في كتيّـب عنيّ بحياة الجواهري وتاريخه للفترة ما بين توقفه عن اكمال ذكرياته، اي للفنرة 1969 الى الرحيل عام 1979..
  • اكمال ما ضمنته في كتاب بمئة صفحة صدر خريف عام 2017 بعنوان " مشاهير وشخصيات في قصيد الجواهري1921- 1994"..
  • توسيع واكمال نحو عشرة توثيقات وشهادات اخرى نشرتها في سنوات سابقة، ضمن ما مجموعه 400 مقالة وموضوع، ودراسة عن حياة وشعر الجواهري، وتأرخة ما لم يفصل في التأرخة عنه..
    لماذا لا يتبع مثل هذه التجربة أعني تجربة مركز ثقافي للجواهري لتشمل مبدعين أخرين استقروا في براغ، أمثال الفنان الكبير محمود صبري، وأخرين؟
  • ما يتعلق بهذ الشأن يتطلب جهودا كبيرة ليست فردية او مشتركة وحسب، وانما رسمية، وعسى ان تتعافى الاوضاع العراقية واكرر "عسى" لتكون هناك مراكز ثقافية، فعلية، في عواصم ومدن ذات صلة بالابداع العراقي في الخارج.. واظن بان مثل تلك "الطموحات" اليوم بعيدة لغياب التوجهات والبرامج الواضحة وخاصة على الصعيد الثقافي، التنويري، الحضارى.. وفي التفاصيل شؤون وشجون تطول وتعرض..
    من هي الشخصيات الأدبية التي غالبا ما كانت تلازم شاعرنا الكبير سواء في براغ أو غيرها؟
  • اينما يحلّ يصير مكان اقامته، كَبّر ام صغر، مزار شخصيات ووجوه ثقافية وسياسية واجتماعية، دعوا عنكم الاقارب والاهل، ذلك كان حال الجواهري في بغداد وبراغ ودمشق، وانا هنا شاهد عيان على مدى ازيد من اربعة عقود ونصف، وحتى رحيله.. ولذلك فمن الصعوبة بمكان الحديث عن مجالس الشاعر العظيم، التي كان من روادها عشرات المثقفين البارعين، والرسميين والسياسيين، ومن شتى النحل والرتب والمناصب، والمكانات الاجتماعية، عراقيين وعربا وغيرهم.. ولربما انحو بذلك الاتجاه لاحقا لاوثق بالملموس والشواهد، عن الاقربين للجواهري في بغداد وبراغ ودمشق بشكل رئيس..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

كوجيتو مساءلة الطغاة

علم القصة: الذكاء السردي

موسيقى الاحد: 14 رسالة عن الموسيقى العربية

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي

أوليفييه نوريك يحصل على جائزة جان جيونو عن روايته "محاربو الشتاء"

مقالات ذات صلة

رواء الجصاني: مركز الجواهري في براغ تأسس بفضل الكثير من محبي الشاعر
عام

رواء الجصاني: مركز الجواهري في براغ تأسس بفضل الكثير من محبي الشاعر

حاوره: علاء المفرجيرواء الجصاني من مواليد العراق عام 1949، -أنهى دراسته في هندسة الري من جامعة بغداد في عام 1970، نشط في مجالات الاعلام والثقافة والفعاليات الجماهيرية داخل، -العراق حتى العام 1978، وفي الخارج...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram