اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > بلطجة ضد الإعلام

بلطجة ضد الإعلام

نشر في: 8 فبراير, 2011: 04:33 م

فريدة النقاش حدثت سلسلة من الوقائع المشينة ضد عدد من الإعلاميين الذين انخرطوا في تغطية انتفاضة الشباب في المدن المصرية من الأجانب والمصريين حتي إن أحد مكاتب الصحف الأجنبية في القاهرة كان يضم ثلاثة عشر صحفيا لم يبق منهم بسبب الملاحقات والمضايقات الأمنية سوى واحد.
ولم يتعلم القائمون على الإعلام في مصر أي درس مما حدث ومن عزلتهم وصغر شأنهم فقاموا مجددا باجتزاء الوقائع وتزييفها كما فعلوا دائما ناسين أن لدي الجمهور بدائل متنوعة من الإذاعات والصحف والفضائيات العربية والعالمية يستطيعون أن يتعرفوا عبرها أكثر من أي وقت مضى على الحقائق من مصادرها، وأن يفكروا ويحللوا لأنفسهم في ضوء خبرتهم الذاتية وتضامنهم وضميرهم الجماعي.وهؤلاء المسؤولون من جهة أخرى كأفراد أمن وليسوا كإعلاميين أصحاب رسالة عليهم أن ينقلوا الوقائع والمعارف بأمانة وموضوعية لأن ذلك هو حق الجمهور عليهم من جهة، ولكي يستطيعوا الصمود في المنافسة القوية أمام الإذاعات والفضائيات والصحف العالمية والإقليمية من جهة أخرى، وبدلا من ذلك انخرط الإعلام المحلي في التعامل مع الأحداث بطريقة تثير السخرية وتضيف جديدا إلى أسباب فقدان الجمهور الواسع للثقة في النظام القائم كله وتشكك هذا الجمهور في مدى جدية التعهدات والتنازلات التي يقدمها النظام يوما بعد يوم بسبب عمق الانتفاضة ومثابرتها، ويلعب الإعلام بهذه الطريقة دورا أساسيا في تعميق الأزمة وإدامتها بدلا من العمل على انفراجها عبر الطريق الوحيد لانفراج حقيقي وهو الاستجابة لمطالب الشباب وتطلعاتهم.وبدلا من ذلك يتأكد جمهور واسع يوما بعد يوم أن لا شيء تغير رغم أن الانتفاضة غيرت الكثير في الواقع السياسي والاجتماعي المصري.. وأن ما تم حتى الآن لا يتجاوز الوعود والتعهدات دون آليات لتنفيذ أو جداول زمنية.والإعلام الرسمي المصري هو جزء عضوي في بنية طفيلية يلعب الإجرام والبلطجة والعنف أدواراً رئيسية في طريقة تشغيلها، كان بوسعنا أن نتعرف على تجلياتها مساء الأربعاء الماضي حين انقضّ البلطجية على جموع المتظاهرين في ميدان التحرير الذين كانت انتفاضتهم السلمية الراقية والمتحضرة تدخل أسبوعها الثاني دون أي إشارة أو سلوك من جانب المحتجين ينم عن اللجوء إلى العنف بأي صوره ولو حتى اللفظي وصولا إلى شهادة النساء المشاركات في الانتفاضة من أنه لم تحدث ولا حالة تحرش واحدة، ولا ولد واحد عاكس بنتاً، بل إنهم تعاونوا ووزعوا الأدوار في ما بينهم شبابا وفتيات دون أي تمييز وكأن جزءاً من المجتمع المصري يقطع في أيام معدودة شوطا كبيرا في اتجاه تجذير مبدأ المساواة بين النساء والرجال علي الأرض ليقوم هذا المبدأ على الاحترام المتبادل والاعتراف بإنسانية كل البشر رجالاً ونساء.أما العنف المبني بناء متجذراً في طبيعة النظام القائم وانعكس في الإعلام فقد بدأ منذ أن انقضّ هذا النظام على إنجازات ثورة يوليو/ تموز الاجتماعية - الاقتصادية مقابل قشرة رقيقة من الحرية السياسية العرفية مع تعميق الطابع الأمني البوليسي للدولة وكان حصاد سياسة الانفتاح السداح مداح هو اتساع قاعدة الفقر والبطالة حيث احتمى الفساد الشامل بالاستبداد ليسلب وينهب من اللحم الحي للبلاد، وسيطرت فئة طفيلية كنبت شيطاني على مقدرات البلاد وسياستها وأنشأت لنفسها حزبا وإلى جانبه أجهزة شبه عسكرية مخصصة لمواجهة الخصوم السياسيين بالقوة لأن الحزب لا يمتلك سياسة عقلانية يمكن أن تقنع الآخرين، فما بالك بالمنتفضين الذين بيّن لهم الحزب الحاكم وجهه الحقيقي مساء الأربعاء الماضي مستخدما الحثالة التي حصلت على الفتات من مائدة الفساد، وكانت مساندة الإعلام الحكومي لهذه البلطجة عملا مخزيا بكل المعايير، فازداد الطين بلة.إن للبلطجة المادية وجهاً آخر يمكن أن نسميه بلطجة الأفكار، وقد استخدم جهاز الدولة الإعلامي الأداتين معا حين طارد المراسلين الأجانب بقسوة بهدف التعتيم على الانتفاضة لكنه لم يفلح، وحين حاول - إلاّ قليلا - تقديم صورة مشوهة عنها مستخدما ترسانة من الأفكار المعروفة جيدا في قاموس الفاشيين عبر التاريخ حول التدخل الأجنبي والمؤامرة والمندسين لكن هذا الإعلام نسي تماماً أننا في القرن الحادي والعشرين فضلاً عن وجود أسباب موضوعية عميقة للانتفاضة المجيدة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram