TOP

جريدة المدى > سياسية > حالات انتحار الطلبة تثير المخاوف.. النظام التربوي بحاجة إلى إعادة تقييم شاملة

حالات انتحار الطلبة تثير المخاوف.. النظام التربوي بحاجة إلى إعادة تقييم شاملة

التربية تستحدث قسماً للصحة النفسية

نشر في: 21 يناير, 2025: 12:07 ص

 بغداد / جنان السراي

في حادثة مؤلمة هزت الأوساط التعليمية والاجتماعية في العراق، أقدمت طالبتان في محافظة النجف على الانتحار معاً، تاركتين خلفهما رسالة مكتوبة في دفتر إحداهما. الرسالة كشفت عن شعورهما بالظلم من قبل إدارة المدرسة والتي طالبتا فيها بتغيير القانون وانصاف الطلبة.

رسالة وداع مؤلمة
الناشط المدني علي النجفي وصف الحادثة قائلاً:
“ما حدث في النجف ليس مجرد مأساة فردية، بل هو دليل على أن النظام التعليمي في العراق يدفع الطلبة إلى حافة الانهيار. الرسالة التي تركتها الطالبتان تحدثت عن الظلم الذي تعرضتا له من المدرسة، وعن خوفهما من العقوبات الأسرية التي تنتظرهما. شعرتا بأنهما محاصرتان، ولم تجدا خياراً سوى إنهاء حياتهما".
وأضاف النجفي "الطالب العراقي يعيش في بيئة تعليمية مليئة بالنواقص. هناك نقص في الكوادر التعليمية، قلة في المستلزمات الأساسية، وغياب شبه تام للدعم النفسي. هذه الضغوط لا يشعر بها المسؤولون أو حتى الأهالي في كثير من الأحيان، لكن الطلبة يتحملون العبء الأكبر، وغالباً ما تكون النتيجة مأساوية".

غياب الدعم النفسي في المدارس
تُظهر هذه الحادثة الحاجة الملحة إلى وجود دعم نفسي داخل المدارس العراقية. تقول سرور حسن، معلمة في إحدى المدارس المتوسطة ببغداد: “المدارس العراقية تعاني من افتقار كبير للدعم النفسي المخصص للطلبة. لا توجد كوادر متخصصة تتعامل مع مشكلات الطلبة النفسية أو تساعدهم على تجاوز الصعوبات التي يواجهونها سواء داخل المدرسة أو خارجها. يتم التعامل مع الطلبة كأرقام فقط، دون الالتفات إلى مشاعرهم أو معاناتهم".
وأشارت سرور إلى أن الضغط المتزايد من المناهج الدراسية والتهديد بالعقوبات سواء من الأهل أو الإدارة يجعل الطلبة يعيشون في حالة من الخوف الدائم.
“هذا الخوف قد يدفع الطلبة إلى الهروب من المدرسة، أو في أسوأ الحالات إلى إنهاء حياتهم. نحن بحاجة إلى نظام تعليمي يضع صحة الطالب النفسية على رأس أولوياته.”

الضغط النفسي
من جانبه، أكد الدكتور جعفر البريقعاوي، أخصائي الطب النفسي، أن المشكلة ليست محصورة بالمدارس وحدها، بل تمتد إلى الأسر العراقية التي تمارس ضغطاً كبيراً على أبنائها لتحقيق النجاح الأكاديمي بأي ثمن.
“الطلبة في العراق يعيشون بين مطرقة المدرسة وسندان الأهل. يُطلب منهم التفوق في بيئة تعليمية تفتقر إلى أبسط مقومات النجاح، وعندما يفشلون، يُعاقبون بشدة. بعض الأهالي يهددون بحرمان أبنائهم من احتياجاتهم الأساسية أو يعاملونهم بعنف لفظي وجسدي، مما يؤدي إلى تدهور حالتهم النفسية.”
وأشار البريقعاوي إلى أن المدارس تخلو من وجود مرشدين نفسيين مؤهلين يمكنهم الاستماع للطلبة والعمل كحلقة وصل بينهم وبين الإدارة والأهالي.
“وجود المرشد النفسي ضرورة. ليس فقط لحل المشكلات الفردية، بل لتخفيف الضغط العام عن الطلبة. إذا لم يتم توفير دعم نفسي في المدارس، سنشهد المزيد من هذه المآسي.”

دعوات لتغيير القوانين المدرسية
وفي ظل هذه الأزمات المتكررة، دعا الناشط المدني حيدر عدنان إلى إجراء إصلاح شامل للنظام التعليمي، قائلاً:
“القوانين الحالية تركز على المناهج والامتحانات فقط، متجاهلة أن الطالب هو محور العملية التعليمية. يجب أن تعمل وزارة التربية على سد النقص الكبير في الكوادر التعليمية، وتوفير مرشدين نفسيين في كل مدرسة، إلى جانب تغيير السياسات التي تعتمد على الترهيب والتهديد.”
وأضاف "الطالب العراقي هو الضحية الأولى لنظام تعليمي يفتقر إلى الإنسانية. نحن بحاجة إلى قوانين تعزز من قيمة الطالب كإنسان، وليس مجرد متلقٍ للمعرفة. الاستثمار في صحة أبنائنا النفسية هو استثمار في مستقبل العراق". اختتم حديثه بأن "الحوادث المتكررة لانتحار الطلبة ليست مجرد مآسٍ فردية، بل هي صرخات استغاثة تطالب بإصلاح شامل للنظام التعليمي. يجب أن تكون الأولوية لتوفير بيئة تعليمية آمنة وداعمة للطلبة، مع التركيز على الصحة النفسية كجزء لا يتجزأ من العملية التعليمية".

قسم للصحة النفسية
وفي تصريح خاص للمدى، قال المتحدث باسم وزارة التربية كريم السيد"تم استحداث قسم جديد للصحة النفسية هذا العام، يهدف إلى تقديم الدعم اللازم للطلبة في مواجهة الضغوط النفسية والاجتماعية. كما تعمل الوزارة على تنظيم ورش عمل تستهدف المعلمين والمرشدين التربويين لتوسيع أدوارهم النفسية داخل المدارس.”
واختتم حديثه "نحن ندرك أهمية التعاون مع مجالس الأباء لتوفير بيئة تعليمية متكاملة تركز على الجانب النفسي للطلبة، إلى جانب الجانب التعليمي. هدفنا هو تقليل المخاطر النفسية التي تواجه الطلبة وضمان تقديم الدعم اللازم لهم"

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

القوانين الجدلية على جدول أعمال البرلمان يوم غد الثلاثاء
سياسية

القوانين الجدلية على جدول أعمال البرلمان يوم غد الثلاثاء

بغداد / المدى عاد مجلس النواب إلى الانعقاد بعد غفوة طويلة بسبب الخلافات، حيث صوت المجلس يوم أمس على مشروع قانون جهاز المخابرات الوطني.وسيعقد مجلس النواب، يوم غد الثلاثاء، جلسة اعتيادية يفترض ان يصوت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram