المدى/متابعة
أزمة حادة يعيشها مجلس النواب العراقي، بسبب تعثر أدائه التشريعي والرقابي، والذي يقترب من نهاية دورته التشريعية الخامسة، حيث أصبحت الغيابات المتكررة للنواب والتأجيلات المستمرة للجلسات سمة بارزة في العمل البرلماني.
وتكشف إحصائيات حديثة عن غياب نحو 140 نائباً بشكل متكرر، في وقت يوصف فيه أداء المجلس بالضعيف والمنفلت.
وأكد النائب محمد عنوز، عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب، أن "غالبية الجلسات تشهد غياب قرابة 140 نائباً، وهو ما يعيق عمل المجلس بشكل كبير".
وأضاف إن "معدل غياب النواب يصل إلى 140 نائباً في معظم الجلسات، كما لم يتحدث حوالي 100 نائب أي كلمة خلال جلسات عام 2024، بينما اقتصرت مشاركة 85 نائباً على كلمة واحدة فقط".
وأشار عنوز إلى أن "المجلس لم يلتزم بالنظام الداخلي وقوانينه، مما أدى إلى تعطيل عمل اللجان المختصة في مناقشة وبلورة القوانين".
وأكد أن ""هناك حقوقاً للجنة القانونية مثبتة، لكن لا أحد يعمل بها، مثل عرض أي خلاف داخل المجلس على اللجنة القانونية"، معتبراً أن "كسر النصاب القانوني أصبح "بدعة" متكررة".
وفي محاولة لمعالجة هذه الأزمة، وجه رئيس البرلمان محمود المشهداني مؤخراً بفرض غرامة مالية قدرها مليون دينار على كل نائب يتغيب عن الجلسات، مع نشر أسماء المتغيبين على الموقع الإلكتروني الرسمي للمجلس.
كما أعلن عن إلغاء جميع الإيفادات للنواب، والعودة إلى التصويت الإلكتروني على مشروعات القوانين، وتفعيل طلبات استجواب الوزراء.
من جهة أخرى، كشف النائب عدنان الجابري عن "مفاجأة صادمة تعرضت لها حمايات مجلس النواب خلال جلسة انتخاب رئيس البرلمان، حيث لم يتمكنوا من التعرف على عدد من النواب الحاضرين".
وقال الجابري: "حمايات المجلس صدموا من عدد الحضور الكبير خلال الجلسة، مما دفعهم إلى استجواب بعض النواب للتأكد من كونهم أعضاء في البرلمان".
وأكد الجابري أن "العديد من النواب لا يؤدّون أي دور فعلي في العمل البرلماني"، معتبراً أن "غياباتهم المتكررة هي السبب الرئيس في تعطيل عمل المجلس".
وتشهد غالبية جلسات مجلس النواب تأجيلات متكررة، حيث نادراً ما تعقد الجلسات في موعدها المحدد.
وأشار مزهر جاسم الساعدي، رئيس المرصد النيابي، إلى أن "بعض الجلسات تتأخر لساعات طويلة، مما يظهر انفلاتاً في تنظيم العمل البرلماني".
وقال الساعدي إن "بعض الجلسات المقرر عقدها في الواحدة ظهراً تتأخر لساعات، فيتم تأجيلها نصف ساعة أولاً، ثم تستمر التأجيلات لساعتين أو ثلاث أو حتى أربع ساعات".
وأضاف إن "هذه الخروق تدل على وجود انفلات كبير في عقد الجلسات، مما أضعف الدور التشريعي والرقابي للمجلس خلال عام كامل".
ويرى مراقبون أن "تعطل إقرار العديد من القوانين الحيوية، مثل قانون العفو العام وقانون التقاعد، أحد أبرز مظاهر أزمة مجلس النواب".
ويؤكدون أن "لجوء البرلمان إلى مبدأ التوافقية السياسية أدى إلى تأجيل قوانين مهمة كان الشارع العراقي ينتظرها بفارغ الصبر".
ويرى المراقبون أن "استمرار هذه الأزمة سيؤدي إلى مزيد من إضعاف ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة، خاصة في ظل غياب أداء تشريعي ورقابي فعّال".
المصدر: وكالات