TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قانون الأحوال الشخصيّة، واستهداف الحرية الفردية خطوةٌ إلى الوراء

قانون الأحوال الشخصيّة، واستهداف الحرية الفردية خطوةٌ إلى الوراء

نشر في: 23 يناير, 2025: 12:01 ص

‎الكاردينال لويس روفائيل ساكو

‎  استجدّت مؤخراً إجراءات تستهدف المجتمع العراقي، كحقوق المرأة المعاصرة (زواج القاصرات)، وتعالت ضدّها أصوات من الرجال والنساء من المجتمع المدني ومختلف الشرائع المذهبية. هذه الآراء تدعو إلى إعادة النظر العقلانية في جملة امور كانت من ثوابت المجتمع العراقي والدولي.

  1. تعديل قانون الأحوال الشخصية
    ‎يتميز العراق بتنوعه الحضاري، والإثني والديني والمذهبي، لذا يتعين على البرلمان والحكومة العراقية أن يضعا في اعتباراتهما هذا التنوع، وان يعملا مع المجتمع الدولي في الاتجاه الصحيح بتطابق قوانين العراق مع القوانين الدولية، وشرعة حقوق الانسان حتى تأتي التشريعات سليمة، تحافظ على التوازنات، وتوطّد العلاقات وتخلق التقارب والارتياح بين المكونات.
    ‎علينا ان نتقدم لا أن نبقى نعيش في الموروث، أي في ذاكرة التاريخ! يقول الشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي: “كل شيء إلى التجدد ماضٍ، فلماذا يُقَرُّ هذا القديم“؟ القوانين قابلة للتغيير بحسب تطوّر العصر وثقافة الناس وظروفهم الحياتية.
    ‎الدولة المدنية هي الخيارالأفضل، الدولة المدنية ليست ضد القيم الدينية، ولا تأخد مكان رجال الدين. الدستور المدني يساوي بين كل المواطنين على إختلاف أديانهم وطوائفهم. كذلك المرجعيات الدينية أيّاً كانت لا ينبغي أن تفرض تشريعاتها على المجتمع. الدين يعرض ولا يفرض. والدين في خدمة الناس! ومن ثمّ، ينبغي على الدولة أن تتبنى قانون الأحوال الشخصية المدني المعمول به في معظم دول العالم ومنها العربية، وتترك الممارسة الدينية للأفراد بحسب إنتمائهم الديني أو المذهبي. الدين للافراد وليس للدولة!
    ‎قانون الأحوال الشخصية في الزمن الملكي والجمهوري شرّع سن الفتاة بـ 18 عاما تماشياً مع القانون الدولي والكنيسة التزمت به ولا تزال. كما ان المادة 41 من دستور سنة 2005انصفت المرأة. والكنيسة تساوي بين الرجل والمرأة في الإرث.
    ‎من الصادم أن يعود موضوع تعديل قانون الأحوال الشخصية، الى الوراء في أمور تتعلق بالحريات وحقوق المرأة وتزويج القاصرات (في الشرعية الدولية انتهاك لحرمة الطفولة)، وقضايا الطلاق والارث وحضانة الأطفال وحقوق الأقليات. إن تعديل القانون بهذه الصيغة، في القرن الواحد والعشرين، وعلى أيدي مسؤولين حكوميين وبرلمانيين، “تعديل” يفكك النسيج الوطني.
  2. منع المشروبات الكحولية
    ‎المشروبات الكحولية اليوم جزء من آداب المائدة في معظم دول العالم، ومسموح صنعها وبيعها حتى في الدول العربية.
    ‎من النتائج الكارثية لهذا القرار:
    ‎– منع الكحول إنتهاك للحرية الشخصية في بلد يُفترض أن يكون مواكباً لبلدان عربية وعالمية.
    ‎– تشجيع للسوق السوداء
    ‎– دفع الكثيرين الى المخدرات.
    ‎– ما معنى ان يكون مسموحاً بها في إقليم كردستان وممنوعاً في المركز؟
    ‎المقترح المنطقي هو اتباع سياق حضاري لتنظيمها:
    ‎– حصرها بالبالغين، 21 سنة فما فوق
    ‎– منع ظاهرة تناولها في المناطق العامة
    ‎– السماح بتناولها في النوادي أو مطاعم بدرجات خاصة
    ‎– تحديد أوقات تناولها خلال النهار وحتى ساعة معينة من الليل
    ‎ما يجب ان نوصي به، هو الاعتدال في المأكل والمشرب، والتحذير من السّكر والادمان الذي يضر بالصحة، وتوعية الناس ونصحهم بعدم تناولها. 
    ‎إزاء هذه القرارات، يؤسفنا أن نجد جملة من المفارقات التي تستهدف الواقع الأخلاقي والقيَمي. وعليه ندعو البرلمان والحكومة إلى الخروج من مرحلة التناقضات والتداعيات والاحتراب، الى بذل الجهود لمعالجة المشاكل، خصوصاً الفساد، والانفلات القيمي والأخلاقي بعيداً عن ضوابط منطقية وعصرية، لبناء دولة متطورة، دولة قانون، دولة محترمة، دولة عادلة ترعى جميع مواطنيها، دولة تربي اجيالا متحضرة واعية تقبل الاختلاف وترسخ العيش المشترك المتناغم. 
    ‎ ما يجب ان نوصي به، هو الاعتدال في المأكل والمشرب، ونحذر من الادمان على اي شيء يضر بالصحة، من وتوعية الناس بعدم تناولها.
  3. الكوتا المسيحية وجودها وعدمه سيّان
    ‎الهدف من الكوتا تمكين الأقليات من التمثيل في السلطة التشريعية لتشارك مع الأغلبيات الوطنية في رسم الخارطة التشريعية للبلد.
    ‎كما هو معلوم منذ إنشاء نظام الكوتا عملت جهات معروفة على الاستحواذ على الكوتا المسيحية، لصالح أجندتها الخاصة، السياسية والمادية، لذا في الواقع وجودها لا فائدة منه للمسيحيين.
    ‎لذا يتعين على الحكومة والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات حصر التصويت لمقاعد الكوتا المسيحية بالمكوّن المسيحي نفسه كونه حق.
    ‎فمن المنطق أن يصوّت أبناء المكون لمن يمثلهم تمثيلاً حقيقياً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: براءة نور وتابعه هيثم !!

جامعة بغداد، منارة العلم والمعرفة في قلب العراق

العمود الثامن: من أين لك هذا ؟

قناطر: حوارٌ غيرُ هادئ

العمود الثامن: غابات السامرائي

العمود الثامن: عبعوبه وعقدة دبي

 علي حسين ليس أمامك عزيزي المواطن العراقي ، سوى أن تصدّق تغريدات النائبة عالية نصيف ، خصوصاً عندما تقرر الجلوس مكان امين بغداد الاسبق نعيم عبعوب الذي اختفى منذ سنوات بعد ان حول...
علي حسين

الإدارة العامة ووطنية الأداء

ثامر الهيمص عادة ان تكون الزراعة هي القطاع الاول في الاقتصادات، ما قبل الدولة وما بعدها، اي بعد ان تزدهر الزراعة والثروة الحيوانية، هنا تحتاج الى ادارة، محددة الاهداف من خلال قوانين واعراف. وتتطور...
ثامر الهيمص

عن المصلحة وأصولها

عبد الكريم البليخ ماذا نفهم عندما نقول إنَّ زيداً أو عمراً من الناس لا يَعرفكَ أو يأتيك إلّا عند حاجته؟ هذه "المصلحة" قد تدوم فترةً من الوقت، وقد تكون قصيرة، بل قد لا تتجاوز...
عبد الكريم البليخ

سوريا العادلة أفضل بيت لمكوناتها

غسان شربل يزورك الخوفُ حين تتابع من بيروتَ ما يجري في سوريا. محاولةُ إعادة عقاربِ الساعة إلى الوراء بالغة الخطورة. كان سقوط نظام بشار الأسد مفاجأةً مدويةً باغتت حلفاءَه وخصومه معاً. في الداخل هناك...
غسان شربل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram