TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المعاهدة الروسية – الإيرانية: تؤسس لنقلة نوعية في علاقات البلدين

المعاهدة الروسية – الإيرانية: تؤسس لنقلة نوعية في علاقات البلدين

نشر في: 23 يناير, 2025: 12:03 ص

د. فالح الحمراني

وقع الرئيسان فلاديمير بوتين ومسعود بيزشكيان اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران في 17 كانون الثاني في الكرملين. وجاء توقيع الاتفاقية نتيجة الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس الإيراني إلى موسكو. وأجرى محادثات مع رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين.ووفقا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين "إن الاتفاقية التي وقعناها تخلق أساسًا إضافيًا مهمًا وجديًا لبناء علاقات ذات طبيعة ثقة وعلى أساس المبادئ التي ذكرتها للتو. هذا اتفاق على أولوياتنا، وعلى الالتزام بهذه الأولويات. هذا الاتفاق يسمح لنا بتعزيز علاقاتنا الثنائية لصالح الشعب الإيراني وشعبي الاتحاد الروس".

وترتبط روسيا بإيران بعلاقات شراكة استراتيجية مميزة من بين العلاقات التي تقيمها مع دول المنطقة الأخرى. فرغم اختلاف طبيعة الأنظمة والتركيبة الاجتماعية / الدينية فروسيا تجد بإيران البلد الأكثر قبولا، في الظرف الدولي الراهن، لتعميق العلاقات معها على كافة الأصعدة بما في ذلك الحساسة. أن روسيا تقيم أيضا علاقات تصفها بالشراكة الاشتراكية مع بعض دول المنطقة لاسيما الجزائر ومصر، ومضت شوطًا بعيدا في علاقات بالأمارات العربية المتحدة، وتتحدث عن علاقاتها الطيبة متعددة الأوجه مع بلدان المنطقة الأخرى، بيد أن تلك العلاقات على ما يبدو تبقى ذات أساس هش وقلق، أو بالأحرى مقيدة، نظرا لوجود تلك الدول على هامش محور الغرب الجماعي، وربطت مصيرها الاقتصادي والأمني الخارجي والداخلي فيه، وليس بوسعها المضي باستقلالية شوطا أكثر مما هو مسموح لها. وعلى خلفية تلك الصورة تتمتع العلاقات مع إيران بمضمون وجوهر آخر، فهي احدى الدول التي خرجت من خيمة المحور الغربي، وتحاول الظهور بمظهر الدولة الإقليمية النافذة. ويواجه البلدان خصوم مشتركين وعقوبات غربية ترمي لأضعاف قدراتهما الاقتصادية والعسكرية ومحاصرتهما لمنع لتصدير موارد الطاقة لديهما، بل وكل إنتاجهما للأسواق العالمية، فضلا عن سد الطرق أمام الاستثمارات والتداول المالي واللوجستي، وإيجاد السبل لزعزعة الاستقرار الداخلي ودعم القوى المعارضة لكلا النظامين. لذلك فان المعاهدة الجديدة التي تعد تطويرا لأساس المعاهدة السابقة وتوسع مجالات التعاون والتفاعل، ستعمل على شد ازر البلدين بعضهما الآخر للتغلب على انعكاسات العقوبات وعموما الموقف الغربي منهما، والتقليل من نفوذه الإقليمي والعالمي. ويصب تطوير الاتفاقية مع إيران في سياسة روسيا الخارجية التي تتجه نحو توسع العلاقات مع دول الجنوب العالمي، بعد قطع الجسور مع الغرب الجماعي اثر العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، ودخول الغرب بصورة غير مباشرة في حرب مع روسيا.
وتجدر الإشارة إلى أنه ورغم تشابه اسم الاتفاقية بين روسيا وإيران مع الاتفاقية التي وقعتها روسيا مع كوريا الديمقراطية، إلا أن هناك اختلافا جوهريا فيها. ففي حالة وقوع هجوم على كوريا الديمقراطية أو روسيا، يتعين على البلدين الاتفاق على تدابير عملية لتقديم المساعدة العسكرية لبعضهما البعض. وينص الاتفاق مع إيران على أنه إذا تعرضت إيران أو روسيا لعدوان، فلا يجوز للطرف الآخر تقديم مساعدة عسكرية أو غيرها للمعتدي. وتنص الاتفاقية الموقعة على تبادل أجهزة الاستخبارات والأمن في البلدين المعلومات والخبرات، واستمرار التعاون العسكري والعسكري الفني، والتفاعل في التدريبات العسكرية المشتركة. وسوف تمتنع الدول أيضًا عن الانضمام إلى العقوبات التي تفرضها دول ثالثة ضد بعضها البعض. بالإضافة إلى ذلك، اتفقت روسيا وإيران على التعاون في تطوير بنية تحتية مستقلة للدفع، في مجال الحد من الأسلحة ونزع السلاح وضمان الأمن الدولي.
وستكون المعاهدة قادرة على إضفاء الطابع الرسمي على الشراكة الاستراتيجية، التي تبلورت فعليًا قبل ذلك بكثير، كما يقول خبير RIACكيريلسيمينوف: "هذا نوع من الضمان في مختلف المواقف الغامضة بأن روسيا وإيران ستأخذان في الاعتبار مصالح كل منهما بعناية، في إشارة إلى إلى المعاهدة." ويستشهد بمثال التحسن المحتمل في العلاقات مع الدول الغربية: طهران تخشى مثل هذه الخطوة من روسيا في حال التوصل إلى تسوية في أوكرانيا، وموسكو تخشى ذلك إذا توصلت حكومة بيزشكيان الإصلاحية إلى نوع من التوافق مع الولايات المتحدة. وتم إبرام الاتفاقية بعد ثلاث سنوات من الإعلان عنها في عام 2022. وبحسب سيمينوف، فإن فكرة الوثيقة نفسها نشأت حوالي عام 2014، ولا ينبغي أن يكون "التأخير" الواضح في وضع صيغتها النهائية مربكا. وأشار سيمينوف إلى أن الإيرانيين لديهم عملية موافقة مماثلة مع الصينيين، لمدة خمس سنوات على الأقل.
ويعود مستوى الالتزامات الدفاعية في الاتفاق الروسي/ الإيراني إلى موقع روسيا الفريد في الشرق الأوسط، كما يقول مراد صادق زاده، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط: "إن موسكو في الواقع على مسافة متساوية ولديها علاقات إيجابية إلى حد ما مع العديد من الجهات الفاعلة في المنطقة". منطقة." ويتذكر أن العدو الرئيسي لإيران في المنطقة اليوم هو إسرائيل. تتمتع روسيا وإسرائيل بعلاقات بناءة للغاية - على الرغم من الصراعات في غزة وأوكرانيا، لا تزال الاتصالات بين موسكو وتل أبيب قائمة. ويعتقد صادق زاده أنه "على ما يبدو، فإن هذا هو السبب وراء نص الاتفاق على رفض مساعدة المعتدي، وليس المساعدة في صد الهجوم". ووفقا له، لأول مرة، يتم تسجيل التعاون العسكري الفني القائم بين إيران وروسيا قانونيا على هذا المستوى العالي، على الرغم من حقيقة أن الإمدادات يتم تنفيذها منذ سنوات، ويتم التنسيق في ظروف القتال في على الأقل في سوريا خلال العقد الماضي.
ويشير صادق زاده إلى أن عقوبات "عدم الاعتداء" مهمة أيضًا، وبشكل عام، فإن وجود مثل هذا الإطار القانوني يسمح للبلدان بتسريع تسوية تنظيم التعريفات الجمركية، ووضع تشريعات البلدين في شكل لا يعيق التعاون بين البلدين: "هناك كل الفرص حتى عام 2030 لتحقيق مستويات أعلى من حيث حجم التداول التجاري الذي يبلغ 30 مليار دولار بالفعل (لمدة 10 أشهر من عام 2024، بلغ 3.77 مليار دولار)، - يقول الخبير.
بفضل الاتفاقية، يجب أن يتغير التفاعل بين الدول من الناحية النوعية، حيث تم بالفعل تحديد خارطة طريق للتعاون والاتفاق عليها بين الطرفين، كما يعتقد ستانيسلافلازوفسكي، باحث مبتدئ في مركز دراسات الشرق الأوسط في IMEMORAS. لقد تعلمت إيران إنتاج توربينات الغاز الضرورية لقطاع النفط والغاز الروسي في ظل العقوبات. وفي المقابل، يمكن للجانب الروسي تقديم المنتجات الهندسية ومنتجات النقل، وسلع الصناعات الخفيفة، والمنتجات الغذائية والزراعية.
وعقب المفاوضات، قالوزير الطاقة سيرغيتسيفيليف إن روسيا وإيران اتفقتا على مسار خط أنابيب الغاز عبر أذربيجان، وتجري الآن مناقشة سعر إمدادات الغاز من روسيا. ووفقاً لحسابات وكالة الطاقة الدولية، تحتل روسيا المرتبة الأولى في احتياطيات الغاز، وتحتل إيران المرتبة الثانية، كما يتذكر الخبير في الجامعة المالية إيجور يوشكوف: "كلا البلدين من كبار المصدرين العالميين، لذا فإن إمدادات الغاز الروسية إلى طهران تبدو غريبة، والتعاون صعب. لكن إيران لديها خصوصية: الاحتياطيات الرئيسية من الغاز الإيراني تتركز في جنوب البلاد - في الخليج، بداية، هذا هو الحقل الأكبر، الذي تتقاسمه مع جارتها: "فارس الجنوبي" (من الجانب الإيراني)، و"القبة الشمالية" (من الجانب القطري). يقول يوشكوف: "لذلك، تستطيع روسيا إمداد الغاز فعليًا إلى شمال إيران، حيث يصعب توريده من الجنوب، على الرغم من أن الإيرانيين لديهم خطوط أنابيب غاز هناك".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

جلسة "القوانين الجدلية" تحت مطرقة الاتحادية.. نواب "غاضبون": لم يكن هناك تصويت!

القانونية النيابية تكشف عن الفئات غير مشمولة بتعديل قانون العفو العام

نيمار يطلب الرحيل عن الهلال السعودي

إنهاء تكليف رئيس هيئة الكمارك (وثيقة)

الخنجر: سنعيد نازحي جرف الصخر والعوجة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

أسباب تخلف العالم العربي في العلوم والتكنولوجيا

العمود الثامن: لجنة المرأة تحارب النساء

بين المتطلبات الأكاديمية والتحديات المهنية تعقيدات تطبيق تعليمات الترقيات العلمية

العمود الثامن: كشكش يك في مجلس النواب

العمود الثامن: ليلة نوبلية في دبي

العمود الثامن: تحت شعار: جئنا لنبقى!!

 علي حسين ما يجري على الساحة السياسية الآن يثيرُ شكوك وسخرية الناس بكائن هجين احتارت الناس ماذا تسميه، مؤتمر وطني، اجتماع وطني أم ورقة الإصلاح؟ المواطن يدرك انه كلما طرحت بادرة للتقارب بين...
علي حسين

كلاكيت: المخرجون عندما يقعون في غرام الأدب

 علاء المفرجي 8 -من هنا يمكن لنا رصد مستويين للرؤية: المستوى الاول هو مستوى سرد للاحداث والمستوى الثاني لحظة ولادة اوسكار مستوى معايشة الاحداث، الذاتي والموضوعي اذن هو اساس التحكم في جميع العلاقات...
علاء المفرجي

المعاهدة الروسية – الإيرانية: تؤسس لنقلة نوعية في علاقات البلدين

د. فالح الحمراني وقع الرئيسان فلاديمير بوتين ومسعود بيزشكيان اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران في 17 كانون الثاني في الكرملين. وجاء توقيع الاتفاقية نتيجة الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس الإيراني إلى...
د. فالح الحمراني

عجائب الثورات.. قطاعو طرقٍ ولصُوصٌ

رشيد الخيون تجد كتب التَّاريخ ملأى بالغرائب والعجائب؛ تسمع بشخصية ذي مكانة في قيام ثورة مِن الثَّورات، أو دولة مِن الدُّول، وإذا به وصل إلى ما هو عليه، بعد إشقاء النّاس بقطعه الطّريق، واللصوصيَّة....
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram