المدى/ محمد علي
تواجه محافظة الأنبار تحديا خطيرا يتمثل في تفشي ظاهرة المخدرات التي اصبحت من أخطر القضايا الاجتماعية ما يجعلها أحد أبرز التحديات الاجتماعية والأمنية في المنطقة، وقد شهدت المحافظة في السنوات الأخيرة انتشارا متزايدا لمواد مخدرة مثل الكبتاغون والكريستال مما يشكل تهديدا مباشرا للشباب والمجتمع.
يقول مدير مكافحة مخدرات الأنبار، أكرم الراشد، خلال حديث لـ(المدى) إن "المواد المخدرة الأكثر انتشارا في المحافظة هي الكبتاغون في المرتبة الأولى تليها مادة الكريستال بينما تأتي المؤثرات العقلية والحشيشة والهيروين بنسب أقل انتشارا".
ويشير الراشد إلى "وجود مركز تأهيل في الأنبار بسعة 450 سرير مخصص لمعالجة مدمني المخدرات حيث يهدف المركز إلى فصل المتعاطين عن التجار والمروجين مما يسهم في تحسين فرص التعافي".
ويضيف مدير مكافحة المخدرات أن "المديرية تتعاون بشكل واسع مع منظمات المجتمع المدني والجهات الإعلامية والأمنية والصحية للتوعية بمخاطر المخدرات والحد من هذه الآفة الخطيرة وحماية المجتمع".
ومن جهته يؤكد المختص بالشأن القانوني علي التميمي، خلال حديث لـ(المدى) أن "قانون المخدرات رقم 68 لسنة 1965 كان يعاقب متعاطي المخدرات بالسجن لمدة تصل إلى 15 عاما، رغم أن انتشار المخدرات حينها لم يكن بالخطورة التي نراها اليوم".
ويبين التميمي أن "القانون الجديد رقم 50 لسنة 2017 المادة 32 منه خفف العقوبة على متعاطي المخدرات لتصبح جنحة عقوبتها الحبس من سنة إلى سنتين وغرامة مالية تصل إلى 10 ملايين دينار وهي عقوبة هزيلة ولا تتناسب مع حجم المشكلة خاصة وأن العراق أصبح سوقا رئيسيا للتعاطي وليس للإنتاج". إلى ذلك يحذر الناشط المدني، همام عبد، خلال حديثه لـ(المدى)، "من تصاعد خطورة هذه الظاهرة وانتشارها في الفترة الاخير وتأثيرها السلبي على المجتمع خصوصًا فئة الشباب".
ويؤكد الناشط المدني على "ضرورة تكثيف الجهود لمكافحة هذه الآفة من خلال تعزيز دور الأجهزة الأمنية وتفعيل الرقابة على الحدود وتنفيذ حملات توعية تستهدف الأسرة والمدارس". ويضيف أن "المخدرات لا تهدد فقط الأمن الاجتماعي بل تؤدي أيضا إلى تدهور الوضع الصحي والاقتصادي للأفراد والمجتمع ككل".
ودعا عبد إلى "تعاون أكبر بين الجهات الحكومية والمنظمات المجتمعية للتصدي لهذه الظاهرة بفاعلية وتوفير الدعم النفسي والتأهيل للمُتعاطين وتعزيز الرقابة على تجارة المخدرات وتعاطيها". ويضيف المختص بالشأن القانوني أن "الهدف من العقوبات الجنائية هو الردع وتحقيق العدالة الاجتماعية وقرار تخفيف العقوبة في هذا القانون لم يكن قرارا موفقا ما ساهم في زيادة تعاطي المخدرات خاصة في الأماكن العامة مثل مقاهي الأركيلة والملاهي وفق ما يتم الإعلان عنه في الإعلام" وبحسب البيانات الرسمية فقد شهدت السنوات الاخيرة زيادة في تجارة وتعاطي المخدرات حيث تمكنت الأجهزة الأمنية العراقية من ضبط كميات ضخمة من الحبوب المخدرة في العام الماضي بلغت قيمتها حوالي 144 مليون دولار.
ووفقا لأحدث إحصائية صادرة عن وزارة الداخلية تم القبض على نحو 10 آلاف شخص في العام الماضي بتهم تتعلق بتعاطي المخدرات فيما تمت محاكمة أكثر من 5 آلاف منهم الإحصائية كشفت أيضا عن تمكن الجهات الأمنية من تفكيك عدة شبكات دولية لتجارة المخدرات يأتي ذلك في وقت حذرت فيه الأمم المتحدة من أن البلاد تتحول إلى "محور" مهم لتهريب المخدرات
وفي السنوات الأخيرة أصبح العراق من بين البلدان الذي تنتشر فيه ظاهرة المخدرات بشكل واسع والتي يجري تهريبها عبر الحدود مع دول الجوار سوريا وإيران.
ووفقا للإحصائيات الدولية يشير تقرير لمنظمة الأمم المتحدة إلى أن السلطات العراقية صادرت عام 2023 رقما قياسيا بلغ 24 مليون قرص كبتاغون تقدر قيمتها بين 84 مليون دولار و144 مليونا وأن مضبوطات هذه المادة زادت بنحو ثلاثة أضعاف بين سنتي 2022 و2023.
وكان القانون العراقي يفرض عقوبة الإعدام بحق متعاطي المخدرات وتجارها لكن في عام 2017 سنّ قانونا جديدا ضم في بنوده عقوبات تشمل مروّجي المخدرات بالإضافة إلى قوانين خاصة بعلاج المدمنين.