TOP

جريدة المدى > محليات > غياب البنية التحتية يعرقل تطوير السياحة في المواقع الأثرية العراقية!

غياب البنية التحتية يعرقل تطوير السياحة في المواقع الأثرية العراقية!

نشر في: 27 يناير, 2025: 12:02 ص

 بغداد / تبارك عبد المجيد

تعاني المواقع الأثرية في العراق من إهمال شديد، رغم ثروتها التاريخية التي تضم آلاف المواقع التي تسجل بداية الحضارات الإنسانية. أبرزها غياب البنية التحتية اللازمة لاستقبال الزوار، إضافة إلى التهديدات الناتجة عن التوسع العمراني غير المنظم الذي يطال العديد من المواقع الأثرية.
ورغم الجهود الحكومية الأخيرة لإعادة تأهيل هذه المواقع والترميم، إلا أن نقص التمويل المستمر يعيق عملية الصيانة بشكل فعال.
وصف السائح الأجنبي كاري تورز زيارته إلى العراق بأنها تجربة فريدة ومليئة بالإلهام، مشيرًا إلى أنها كانت بمثابة نافذة إلى حضارة عريقة وتاريخ لا يزال ينبض بالحياة. وفي حديثه لمراسل (المدى)، عبّر عن إعجابه الشديد بحفاوة استقبال العراقيين قائلاً: "لقد شعرت بصدق الودّ والدفء في تعاملهم، إلى جانب الاحترام الكبير الذي يظهرونه للثقافات المختلفة وللزائرين. إن هذا الشعور بالترحيب يعكس عمق الحضارة العراقية وتقاليدها العريقة".
تورز، الذي أبدى انبهاره بالمستوى الثقافي العالي للجامعيين العراقيين، اعتبر أن ذلك يعكس الثراء الفكري والتاريخي للشعب العراقي، مما يعزز مكانة البلاد كإحدى مراكز الحضارة الإنسانية.
تجول تورز بين أبرز المواقع الأثرية في العراق، مستكشفًا مدنًا مثل بغداد، كربلاء، بابل، الناصرية، زقورة أور، أربيل، والموصل. ووصف هذه الرحلة بأنها أشبه بالسفر عبر الزمن، إذ قال: "رؤية الزقورات المذهلة كانت تجربة فريدة من نوعها. لقد شعرت كأنني أقف في قلب التاريخ، أمام معالم تحكي قصصًا عن عصور عظيمة أسهمت في تشكيل الحضارة الإنسانية".
وأضاف تورز أن زيارة هذه المواقع، مثل زقورة أور، كانت بمثابة تجربة استثنائية، حيث وصف الزقورة بأنها "رمز شامخ يعكس إسهامات السومريين في بناء الحضارة".
ورغم الإعجاب الكبير الذي أبداه تورز بالمواقع الأثرية التي زارها، لم يُخفِ شعوره بالأسف لما لاحظه من إهمال طال بعضها. وأوضح قائلاً: "بالرغم من جمال وروعة هذه الكنوز التاريخية، لا يمكنني إنكار حاجتها الماسة إلى اهتمام ورعاية أكبر. فهذه المواقع ليست فقط ممتلكات وطنية، بل هي إرث إنساني عالمي يجب أن يُحافظ عليه".
وأشار إلى أن الإهمال لا يقتصر فقط على الترميم، بل يمتد أيضًا إلى نقص الخدمات الأساسية التي تجعل زيارة هذه المواقع تجربة ممتعة ومريحة"، معبرًا عن أمله في أن تتبنى الجهات المسؤولة خطوات ملموسة للحفاظ على هذه الكنوز للأجيال القادمة. وقال: "العراق ترك لديّ ذكريات لا تُنسى، فهو بلد يمتلك شعبًا دافئًا وآثارًا تُجسد تاريخ الإنسانية. لكنني أتمنى أن أرى هذه المعالم وقد نالت العناية التي تستحقها".
وأضاف "العراق ترك في نفسي ذكريات لا تُنسى. لقد أحببت هذا البلد العظيم الذي يملك شعبًا دافئًا وآثارًا تحكي قصصًا خالدة. أتمنى أن أعود مرة أخرى، ولكنني آمل أن أرى هذه المعالم وقد حظيت بالعناية التي تستحقها لتبقى شاهدة على عظمة الحضارة العراقية".
تقف الحضارة في العراق شاهدة على عظمة التاريخ الإنساني، إذ توجد ثروة أثرية هائلة تمتد إلى ما يقارب 19 ألف موقع أثري، إلا أن ما تم اكتشافه لا يتعدى نسبة 15 في المائة من هذا الإرث. سلوى المحسن، المختصة في الآثار والتراث، ألقت الضوء على هذا الجانب المشرق والمُظلم في آنٍ واحد، حيث يجمع بين عظمة الماضي وتحديات الحاضر.
تقول المحسن لـ(المدى)، إن "العراق يملك من التراث ما لا يُقدر بثمن، لكن الإهمال يطغى على هذا القطاع، ليترك العديد من هذه المواقع عُرضة للضياع، مشيرة في حديثها إلى ضعف الدعم الحكومي والجهود التنموية التي حُرمت البلاد من الاستفادة من هذه المواقع كعوامل اقتصادية وسياحية يمكن أن تسهم في تعزيز التنمية المستدامة.
رغم تنوع وغنى المواقع الأثرية في العراق، فإنها تُعاني من تدهور وإهمال واضح. المحسن نوهت على التحديات الكبيرة التي تواجهها هذه المواقع، ومنها التجاوزات العمرانية التي تشكل تهديدًا خطيرًا للتراث. فقد أُقيمت مشاريع سكنية ومرافق خدمية على حساب التاريخ، مما أدى إلى تدمير بعض المعالم التي تُعد شاهدة على أعظم فصول الحضارة الإنسانية.
من بين أبرز الأمثلة على ذلك، ذكرت المحسن طاق كسرى في المدائن، حيث تغيب الخدمات الأساسية، بما فيها الطرق المعبدة التي تُسهل وصول الزوار. مواقع أخرى مثل باب الوسطاني وعكركوف لم تشهد أي تطور أو صيانة تُذكر. حتى زقورة أور، التي تُعد رمزًا بارزًا للحضارة السومرية وتجذب السياح من مختلف بقاع العالم، تفتقر إلى أبسط الخدمات الأساسية التي يحتاجها الزوار.
فيما يتعلق بالإمكانات الاقتصادية لهذه المواقع، شددت المحسن على أن الاستثمار في التراث الأثري يمكن أن يكون بوابة لتعزيز السياحة المحلية ودعم الاقتصاد الوطني. تحسين استغلال هذه الكنوز يمكن أن يوفر فرص عمل واسعة، ويقلل من نسب البطالة، خاصة في المناطق النائية التي تعاني من الإهمال. وتضيف المحسن أن تنشيط القطاع السياحي سيخلق بيئة اقتصادية نشطة تشمل أنشطة مثل الفنادق والمطاعم والخدمات المرتبطة بالسياحة، مما يساهم في تحسين حياة السكان المحليين.
أبرزت المحسن جانبًا آخر من التحديات التي تواجه المواقع الأثرية، وهو النهب والتخريب. أشارت إلى أن مافيات التهريب استغلت غياب الرقابة لحفر المواقع وسرقة الكنوز الأثرية، حيث توجد أكثر من 290 ألف تل أثري في العراق تفتقر للحماية، مما يجعلها عرضة للعبث والتدمير.
أحد أبرز العوائق التي تحول دون تطوير السياحة في العراق، وفق المحسن، هو غياب البنية التحتية الأساسية والخدمات في المواقع الأثرية. فالطرق المعبدة، المرافق الصحية، وأماكن الإقامة والمطاعم شبه معدومة، مما يجعل زيارة هذه المواقع تجربة مرهقة للسياح. على سبيل المثال، في مدينة بابل الأثرية، يضطر السائحون للإقامة في مدن مثل كربلاء والنجف بسبب وجود فنادق وخدمات هناك، في حين تفتقر بابل لأي مرافق تجعل الزوار يرغبون في الإقامة بها.
وعبّرت المحسن عن قلقها العميق من استمرار هذا الإهمال، محذرة من أن خسارة هذه المواقع ستكون خسارة لا تُعوض للهوية الثقافية والتاريخية للعراق. وأكدت على ضرورة اتخاذ خطوات حاسمة وعاجلة للحفاظ على هذا الإرث قبل فوات الأوان، مشددة على أن التراث العراقي لا يمثل فقط ماضي الأمة، بل هو جزء من التاريخ الإنساني بأسره، ويجب أن يحظى بالرعاية التي يستحقها.

لا وجود "للإهمال"
أحمد المختار، مدير قسم الإعلام في الهيئة العامة للآثار والتراث، أشار لـ "المدى"، إلى أن "المواقع الأثرية في العراق شهدت تطورًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة بفضل جهود الحكومة الحالية"، وأكد أن "مرحلة الإهمال التي طالت هذا القطاع تعود في الأساس إلى التحديات التي واجهتها البلاد والحكومات المتعاقبة، مشددًا على أن الوضع الحالي يشهد تحسنًا ملموسًا بفضل تخصيص الموارد اللازمة وتوفير كوادر مدربة".
وأضاف المختار، أن "الهيئة نجحت في ترميم وإعادة تأهيل العديد من المواقع الأثرية، كما تم استئناف عمل البعثات التنقيبية التي كانت متوقفة، فضلًا عن تسييج المواقع المهمة لحمايتها."، وأشار إلى أن زقورة أور، باعتبارها أحد المعالم البارزة، تحظى باهتمام استثنائي، حيث تعمل عليها بعثات تنقيبية مختصة، مشيرًا إلى إعادة تأهيل مواقع أثرية أخرى في مدن مثل بغداد، الموصل، الناصرية، وبابل لتكون جاهزة لاستقبال الزوار. وأوضح المختار، أن "جهود الترميم تجري تحت إشراف مباشر من قبل الوزير، إلى جانب المتابعة اليومية من رئيس الهيئة العامة للآثار والتراث لضمان تنفيذ الخطط بكفاءة". تابع مؤكداً، أن "قلة التخصيصات المالية تمثل تحديًا، لكن التعاون مع الجهات الداعمة يسهم في تحسين أوضاع القطاع بشكل مستمر، مع تطلعات لتحقيق تقدم أكبر في المستقبل القريب".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وفاة المخرج السينمائي العراقي محمد شكري جميل

الداخلية: طرد أكثر من 4 آلاف منتسب وإحالة 15 ألف قضية إلى المحاكم

ائتلاف المالكي يحذر من عودة المفخخات والتهديدات الارهابية الى العراق

طقس صحو والحرارة تنخفض بعموم العراق

الفصائل تهدد "عين الأسد" بسبب احتمالات بقاء الأمريكيين فترة أطول في العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

ذي قار تستعد للصيف القادم بـنصب 3 محطات ثانوية و22 محطة متنقلة

أفة المخدرات.. خطر يهدد الشباب والمجتمع في الأنبار

السفير الصيني في بغداد: العراق أهم شريك في المنطقةبمشروع «الحزام والطريق»

الأحد المقبل عطلة رسمية

الكوليرا والفشل الكلوي.. الأمراض تتفشى بسبب تلوث المياه في العراق!

مقالات ذات صلة

التقاسم السياسي والتشبث المناطقي يضاعف أزمة ناحية محمد سكران في ديالى
محليات

التقاسم السياسي والتشبث المناطقي يضاعف أزمة ناحية محمد سكران في ديالى

 ديالى / محمود الجبوري تصاعدت ازمة الاعتراضات الشعبية الرافضة لتنصيب مدير جديد لناحية محمد سكران في محافظة ديالى الى تهديدات باعتصامات مفتوحة امام مبنى الحكومة المحلية وقطع الطريق الرئيسي في قلب بعقوبة.ناحية الإمام...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram