عرض المدى
صدر للباحث والشاعر واثق الجلبي كتابا جديدا بعنوان (أربع شخصيات من تاريخ العراق) عن المكتبة العصرية، تناول فيه شخصيات وردت في الكتب السماوية.
يقول المؤلف في مقدمة كتابه: "في عام ٢٠٠٧ كتبت بعض الملاحظات التي جمعتها من الكتب وهي عن شخصيات تاريخية عراقية تم السكوت عن حقيقتها ولم يتقدم أحد لكشف الملابسات التي اكتنفت سيرتها ولم أجد باحثا عراقيا أفرد لها من كتبه بابا إلا لماما أو إشارة سريعة وإن لزم الأمر فستجد أن بعضهم قاموا بإرباك القارئ بجعل بعض الشخصيات مخترعة. وتم زجها في متون الكتب جريا على عادة المستشرقين الذين شوّه بعضهم الكثير من لحقائق، لا أدّعي أني أحطتُ بكل ما جاءوا به من علوم وحكمة إنما هي دراسة موجزة."
وعلى الرغم من صغر حجم الكتاب لكنهطرح أكبر عدد من النتائج وبأقل عدد من الأوراق فهذه ليست دراسة أكاديمية بحتة بل هي قراءة عضوية لشخصيات عراقية تم قتلها أو إخفاؤها والتعتيم عليها وإنشاء شخصيات بديلة لتخل محلها وتلك الشخصيات هي بالتحديد من كلدانيي بابل.
وأولى هذه الشخصيات هو النبي إدريس الذي يعد من أوائل الشخصيات التي أثير حولها الكثير من الأساطير ونسجت عنه الحكايات حتى تلبس الحق بالباطل وتم تقسيمه إلى ثلاث شخصيات وبعد التحقيق والتدقيق والغوص في المصادر صار لزاما أن نزيل اللبس وأن نعيد ترتيب الروايات حتى نصل الى إن شخصية ادريس البايلية وهي النسخة الحقيقية التي تم تزويرها بنسخ أخرى بنفس المواصفات، وهذا ما لا يمكن عقلا فلا يمكن أن يكون ثلاثة أشخاص يحملون نفس الإسم والصفات والمكانة العلمية مع اختلافات يسيرة اختلقها بعض الكتاب وسار على نهجهم ممن أخذ عنهم بلا تمحيص ولا تدقيق.
والشخصية الثانية يعد برعوثا أو برحوشا أو بيروسوس من أهم المؤرخين العراقيين القدامى حيث لم يسلط عليه الضوء بصورة كافية فنقلت عنه بعض النقولات في الويكيبيديا وغيرها من الموسوعات العالمية.
أما الشخصية الثالثة فمن النادر يقول المؤلف: أن تسمع بهكذا اسم ليسارع فكرك الى عدّهِ اسماً لا يمت الى العراق بشيء لكنك تفاجأ عندما تعلم ان تنكلوشا فلكي نبطي بابلي كلداني عراقي قام بترجمة كتبه عن البابلية العراقي الكلداني (أبو بكر بن وحشية النبطي)؛ يشار إلى ان معنى اسم (تنك) الصفحة لأنها ترسم في صفحة الفلك ولوشا هو المؤلف ويعني اسمه راسم الصفحات أو شيء من هذا القبيل وقد جاء اسمه في نسخة بطرسبيرغ ونسخة ليدن في هولندا إذ كان تنكلوشا من أهل بابل لكن بعضهم صحّف اسمه الى (تينكلوس) فعدوه يونانيا او فارسيا او روميا حتى أورد اسمه الحكيم الفارسي الخاقاني في شعره.
والسخصية الرابعة كما يقول المؤلف عنها: أول ما شدني إلى هذا العالم الجليل هو لقبه (ابن وحشية)، ومن المتعارف عليه ورود ألقاب كثيرة لدى بعض العلماء وحتى الشعراء فهناك طائفة كبيرة من الشعراء القدامى الذين عاشوا في الجاهلية والإسلام نسبوا لأمهاتهم من دون آبائهم لأن أسماء أمهاتهم غلبت على أسماء أبائهم لذلك أصبحوا لا يعرفون في جميع المجالات الأدبية إلا بهذه النسبة التي كانوا يدعون بها والتي تداولتها جميع المصادر وقد لصقت بهم هذه النسب ولازمتهم طيلة حياتهم وبعد مماتهم وذاعت وانتشرت وغلبت على أسمائهم الحقيقة ولا نعلم حقيقة ذلك كالشاعر ابن ميادة وذي الرمة وغيرهم ولم أصل إلى سبب تسمية صاحبنا أبي بكر بإبن وحشية.
ويضيف: كان لكتاب الفلاحة النبطية الصدى الأكبر والأهم إذ قام بضبطه وتحقيقه الراحل توفيق الفهد رحمه اللّٰه تعالى الذي قام بعمل جبار في إظهار أحد أهم كنوز العراق القديم فقد انتهج بعض الكتاب العراقيين والعرب نهج جملة من المستشرقين الذين حاولوا فصل ابن وحشية عن الواقع وجعله شخصية وهمية هو أو تلميذه ابن الزيات وهذا مما يؤسف له حقا.
أربع شخصيات من تاريخ العراق.. جديد الباحث واثق الجلبي
نشر في: 27 يناير, 2025: 12:01 ص