فائق العبودي
تعد بوابة عشتار رمزًا خالدًا لحضارة العراق العريقة، وشاهدًا على إبداع أهل بابل، وفنونهم التي بلغت ذروتها منذ آلاف السنين.
لكن للأسف، كما تعرض الكثير من آثار العراق للسرقة، والنهب، والتدمير خلال السنوات الماضية، فإن بوابة عشتار التي كانت يومًا ما درة بابل أصبحت اليوم مثالًا حيًا على الإهمال والتشويه.
خلال زيارتي الأخيرة إلى بابل، شعرت بالأسى وأنا أقف أمام بوابة عشتار بنسختها الحالية. اللون الباهت، والطراز المشوه للنموذج الموجود الآن يعكسان بوضوح غياب الاهتمام بهذا الرمز الحضاري المهم. ونحن لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي ونحن نشاهد هذا الإرث التاريخي العظيم يُطمس تدريجيًا، بل علينا أن نعمل بجدية على إعادة بنائه ليعكس مجده القديم.
لذا، أوجه اليوم دعوتي إلى وزارة الثقافة والسياحة والآثار، وإلى محافظة بابل على وجه الخصوص، للعمل على إعادة بناء بوابة عشتار بحجمها، وتصميمها الأصليين، استنادًا إلى النسخة الأصلية المعروضة في متحف بيرغامون في برلين. يمكنكم تكليف فنانين عراقيين مبدعين متخصصين في فن السيراميك بإعادة إنتاج الطابوق المزخرف، والأشكال الحيوانية كما كانت في الأصل، باستخدام نفس الأساليب والتقنيات القديمة.
أرشح هنا الفنان العراقي-النرويجي وسام الحداد، الذي يُعد واحدًا من أبرز فناني السيراميك المعاصرين، وصاحب إنجازات مميزة في هذا المجال. بفضل موهبته، وخبرته، يمكنه أن يسهم بشكل كبير في إعادة إحياء هذا الرمز العظيم، وبالتأكبد هنالك فنانيين آخرين أصحاب تجربة فنية ثرية. إن إعادة بناء بوابة عشتار ليست مجرد مشروع معماري أو فني، بل هي رسالة قوية تعكس حرصنا على الحفاظ على هويتنا الثقافية، وإبراز إرثنا الحضاري أمام العالم. إنها خطوة نحو استعادة فخرنا بتاريخنا العظيم، وتأكيد على أن العراق سيبقى دائمًا بلد الحضارات والإبداع. بابل ليست مجرد أطلال أو مدينة مندثرة، بل هي رمز لتاريخ يزخر بالعظمة والابتكار. وإعادة بناء بوابة عشتار هي بداية الطريق نحو إعادة إحياء بابل كعاصمة تاريخية، وثقافية تُبهر العالم مجددًا، وتعيد للعراق مكانته كمهد للحضارات الإنسانية.
وجهة نظر.. بوابة عشتار: رمز مفقود يحتاج إلى إحياء
نشر في: 27 يناير, 2025: 12:02 ص
جميع التعليقات 1
محمود عبد الصاحب البقلاوة
منذ 9 ساعات
بارك الله فيك استاذ عساك على القوة