بغداد/ تميم الحسن
عادت الفصائل العراقية تهدد واشنطن بسبب معلومات عن احتمال تراجع الولايات المتحدة عن قرار سحب القوات.
وبحسب خطة الانسحاب، فإنه من المقرر انتهاء وجود قوات التحالف في العراق بحلول نهاية عام 2026.
ويعتقد مسؤولون رفيعون في الحكومة العراقية أن إدارة دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، قد تقرر بقاء القوات لفترة أطول في المنطقة.
بالمقابل، ما زالت هناك تهديدات من تنظيم "داعش"، التي تزايدت مع الأحداث الأخيرة في سوريا.
وأمس، أكد رئيس الوزراء، محمد السوداني، على "مضيّ العراق في إنهاء العصابات الإرهابية"، خلال استقباله قائد قوات التحالف الدولي لمحاربة "داعش" في العراق وسوريا الجنرال كيفن ليهي.
وشدد السوداني خلال اللقاء، على أن تلك التنظيمات "لم تعد تمتلك موطئ قدم أو تماسًّا مع التجمعات السكانية"، وفق بيان حكومي.
ومنذ يومين، يتواجد وفد أمني يضم رئيس أركان الجيش الفريق عبد الأمير رشيد يارالله، لمتابعة الأوضاع على الحدود مع سوريا.
وأفاد بيانان لوزارة الدفاع خلال يومين متعاقبين (السبت والأحد)، بأن يارالله زار "منفذ الوليد الحدودي" و"وادي حوران"، والأخير يُعتقد أنه لا يزال يضم جماعات متخفية من التنظيم، وفق خبراء.
وجاءت هذه التطورات عقب أسئلة أثيرت بعد تصريحات وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين التي تتعلق بـ"داعش" والوضع بعد "ترامب".
وحذّر حسين، أثناء تواجده في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، من التهديدات المتزايدة التي يشكلها تنظيم داعش، وفق ما نقلته وسائل إعلام أمريكية.
وأشار إلى أن نفوذ التنظيم قد توسع في سوريا، "حيث تمكن من السيطرة على العديد من أسلحة الجيش السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد".
وأضاف أن وجود عناصر داعش على الحدود العراقية والأردنية يمثل خطراً حقيقياً على أمن المنطقة.
وكان وزير الخارجية قد كشف الشهر الماضي عن إعادة تنظيم "داعش" صفوفه بعد سقوط النظام السوري في 8 كانون الأول الماضي.
وقالت السفيرة الأمريكية السابقة لدى العراق ألينا رومانوفسكي، في أيلول الماضي، إن التهديدات لأمن العراق واستقراره وسيادته لا تزال قائمة.
ومنذ التغيرات الأخيرة في سوريا، تخشى الحكومة العراقية من انتقال تداعيات الأحداث إلى الداخل.
وتحدثت فصائل وأحزاب شيعية مؤخراً عن "مؤامرات" تستهدف زعزعة الاستقرار في العراق، مستغلة الأوضاع في سوريا.
كما ترى تلك الفصائل أن الدعوات لحل الحشد الشعبي تأتي ضمن مساعي لإضعاف السلطة العراقية.
هل تبقى القوات الأمريكية؟
وفي نفس المنتدى العالمي، توقع وزير الخارجية العراقي بقاء القوات الأمريكية في العراق والمنطقة في ظل العهدة الجديدة للرئيس دونالد ترامب، خاصة على ضوء ما تشهده المنطقة من نزاعات وتحولات جذرية.
وقال فؤاد حسين إن الوضع في الشرق الأوسط بأكمله يختلف الآن مقارنة مع الإدارة الأولى للرئيس ترامب (2017-2021).
ولفت حسين إلى أن علاقات بلاده مع الولايات المتحدة تسير ضمن إطار اتفاقية ستراتيجية أمنية أبرمها الجانبان، معربًا عن قلق بغداد بسبب توتر العلاقات الأمريكية – الإيرانية.
وأعلنت كل من واشنطن وبغداد، في أيلول الماضي، أنمها اتفقتا على خطة لانسحاب قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة من الأراضي العراقية تنتهي بحلول نهاية 2026.
وأفادت منظمة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية المعنية بالشؤون السياسية، بأن وزير الخارجية الأمريكية المعين حديثًا في إدارة دونالد ترامب (ماركو روبيرو)، مؤيد لتواجد القوات الأمريكية على الأراضي العراقية لمدة غير محددة.
وأوضحت المنظمة، في تقرير نشر الأسبوع الماضي، أن التوجه المتوقع لوزير الخارجية الجديد سيتمحور حول "تمديد" الوجود الأمريكي في العراق والعمل على "توسعة" نفوذها داخل نظامه السياسي.
"تفرغنا و تجهزنا"
في غضون ذلك، عادت فصائل لتهديد واشنطن بسبب شكوك حول عدم الانسحاب، بعد فترة قصيرة من إعلان وقف العمليات المسلحة.
وقال أكرم الكعبي، المسؤول عن حركة "النجباء"، في مقطع فيديو، إن "هذا المحتل، وبعد أحداث سوريا، صار يتلكأ في الانسحاب من عين الأسد (القاعدة الأمريكية غربي الأنبار)".
وأضاف الكعبي أن "هذه لها دلائل خطيرة، لذلك نحذره (في إشارة إلى أمريكا) من أن تنصله عن انسحابه يعني أن عملياتنا العسكرية ستعود بوتيرة أعلى من السابق، فقد تفرغنا وتجهزنا له".
وترفض "النجباء"، بحسب تسريبات، التفاوض مع الحكومة العراقية أو إلقاء السلاح.
وكان السوداني، رئيس الحكومة، قد قال في تصريحات صحفية، إن المجموعات المسلحة في العراق لم يبقَ منها إلا 3 أو 4 مجموعات، وتعمل الحكومة على دمجها.
وسبق لـ"النجباء" وكتائب حزب الله أن أعلنتا وقف الأنشطة المسلحة مع سريان الهدنة في "غزة".
وكانت هذه الجماعات قد أعلنت في وقت سابق مسؤوليتها عن استهداف القوات الأمريكية وإسرائيل.
وفي الشهر الماضي، أكدت وزارة الدفاع الأمريكية وجود أكثر من 2500 جندي أمريكي في العراق، وهو يزيد عن العدد المعلن لتلك القوات.
كما أوضح "البنتاغون" أن عدد القوات في سوريا قد زاد خلال "السنوات القليلة الماضية" نتيجة تصاعد التهديدات، دون الكشف عن الرقم الدقيق.
وفي أيلول الماضي، أعلن وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي أن بغداد توصلت إلى اتفاق مع واشنطن بشأن انسحاب القوات الأمريكية على مدى عامين، مؤكدًا أنه "تم الاتفاق على إنهاء مهمة التحالف على مرحلتين".
لم تُفصّل واشنطن بنود الاتفاق، إلا أنه يتضمن إنهاء المهمة القتالية ضد تنظيم "داعش" بحلول أيلول 2025، مع بقاء بعض القوات حتى عام 2026 لدعم العمليات في سوريا.
وكان تحليل خاص لـ(المدى) من مركز التفكير السياسي الذي يديره الأكاديمي إحسان الشمري، قد توقع أن "يطالب الإطار التنسيقي ببقاء القوات الأمريكية في العراق كعربون صداقة مع ترامب".
وسبق أن أصدرت محكمة عراقية، في 2021، أمر اعتقال ضد الرئيس الأمريكي، بتهمة مقتل أبو مهدي المهندس، نائب رئيس الحشد، في غارة أمريكية قرب مطار بغداد مطلع 2020.
ويرفض "الإطار"، بالمقابل، أي تراجع عن قرار الانسحاب، ويقول محمد البياتي، القيادي في منظمة بدر، في تصريحات صحفية، إن انسحاب القوات الأمريكية من العراق "ضمانة للاستقرار".
ويعتقد البياتي أن وجود القوات الأمريكية "يمثل زعزعة للوضع في البلاد".