TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > حماية الصحفيين وضبابية القوانين

حماية الصحفيين وضبابية القوانين

نشر في: 9 فبراير, 2011: 04:46 م

ميعاد الطائي يعاني الإعلام العربي بصورة عامة والمصري بصورة خاصة من أزمة حقيقية في حرية التعبير عن الرأي في ظل التشريعات والقوانين التي تحدد حركة وحرية الصحافة حيث حرصت الأنظمة على محاصرة الكلمة الحرة وتقييد العاملين في هذا الميدان بقيود القوانين الصارمة في ظل حالة الطوارئ وشعارات المصلحة الوطنية العليا والآداب العامة  .
وفي قراءة سريعة لأحد القوانين المصرية نجد ان القانون رقم 96 عام 1996 الذي يُنظّم موضوع الصحافة ينص على معاقبة من يقوم بتشويه السمعة بالسجن لمدة سنة، والسجن لمدة سنتين إذا ما قام مسؤول حكومي بمقاضاته. بينما تنص مواد أُخرى في قانون العقوبات على معاقبة الصحفيين بالسجن إذا ما "انتهكوا الآداب العامة" و "أضروا بالمصالح العامة".المشكلة الأولى هي إعطاء صفة جنائية لعقوبة الصحفي المخالف للقانون إضافة إلى ان المشكلة الثانية لا تتعلق بالقانون فحسب  بل بتفسيره والجهة التي تقوم بتفسيره، فهو محاط بالكثير من الضبابية إذ إن تشويه السمعة لا يستطيع احد ان يميز بينها وبين كشف الفساد المالي والإداري لدى المسؤول، فمن المؤكد ان أي اتهام للمسؤول سيعد من باب تشويه السمعة بما يؤدي بالصحفي إلى السجن . إضافة إلى سؤال مهم آخر في هذا الجانب وهو من الذي يقرر ان ما يقوم به الصحفي يضر بالمصالح العامة أو بالآداب العامة ؟.فوفقاً لتقرير نشرته لجنة حماية الصحفيين في عام 2002، قد تم الحكم على سبعة صحفيين بالسجن بتهم القذف وجرائم أُخرى في الفترة ما بين عام 1998 وعام 2001 – وهو توجه ازداد في الفترة الأخيرة .من هنا نكتشف خطورة العمل الصحفي من خلال العقوبات الصارمة للباحثين عن الحقيقة وحرية الرأي، في الوقت الذي ضمنت المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حرية التعبير عن الرأي حيث نصت على ما يأتي:(لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية).ويلعب الإعلام ورجاله دورا مهما في تعزيز الديمقراطية من خلال تزويد الرأي العام بالأخبار اليومية عبر تغطيتهم الأحداث الجارية  مهما كلفهم هذا العمل من تضحيات وعرض حياتهم لمخاطر البحث عن الحقيقة في بلدان التعتيم الإعلامي ووسط الانتهاكات الجسيمة لحرية التعبير عن الرأي التي يتعرض لها العاملون في هذا الميدان .وبما ان الإعلام يبحث عن حرية الرأي ليتمكن من كشف الحقيقة فإن أعداء الحقيقة الذين يخشون كشفها وفي مقدمتهم الأنظمة الدكتاتورية سيقومون بمحاولة التضييق ومحاربة جنود البحث عن الحقيقة من خلال عرقلة عمل الصحفيين والمراسلين الإعلاميين باستخدام وسائل عديدة تكبل حرية هؤلاء وتحدّ من حركتهم للحيلولة دون كشفهم أموراً تعمل الأطراف الأخرى على إخفائها .وبالرغم من وجود القوانين التي جاءت في السنوات الأخيرة لحماية الصحافة والإعلام الا إنها تبقى رهينة ضبابية النصوص وتبقى صعبة التطبيق في ظل وجود شعارات كثيرة منها ( المصلحة الوطنية العليا )التي تنتهك الكثير من الحقوق تحت جلبابها .ومن الأهمية بمكان ان نشير هنا الى ان الصحفي والإعلامي يتعرض اليوم في ساحات الحدث في مصر إلى عنف مباشر عبر الضرب والتهديد وتكسير المعدات بطريقة مبتكرة لمحاربة الحقيقة عبر رجال الأمن الذين يتنكرون بزي متظاهرين مدنيين لنسجل حالة جديدة من حالات انتهاك حقوق حرية التعبير عن الرأي وحرية الصحافة . وحسب التقارير التي نشرتها وكالات الأنباء العالمية ،فإن هناك العديد من الإعلاميين الذين كانوا يغطون الأحداث في ميدان التحرير ومناطق أخرى من مصر قد تعرضوا للخطف والسجن والاعتداء من قبل أجهزة الأمن المصرية بطرق مختلفة إضافة إلى تعليق التراخيص التي يحملونها وغلق العديد من القنوات الفضائية وقطع البث عبر الأقمار الصناعية وقطع الاتصالات .وبالتأكيد فإن هذه الممارسات ستزيد من الصورة المعتمة لحرية الرأي والتعبير والصحافة في منطقتنا العربية مع الاختلاف النسبي بين الأنظمة الدكتاتورية في التعامل مع هذا الجانب ولكنها في المحصلة النهائية لم تعمل على إيجاد التشريعات والقوانين التي تحمي الصحفيين وتضمن حرية الصحافة في بلدانها .خلاصة القول ان الاحتجاجات في مصر إنما خرجت للمطالبة بحقوقها المشروعة  وان منع وسائل الإعلام من نقل الأحداث ليس هو الحل الأمثل لإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها إنما الحل بإعطاء المزيد من الحريات لإجراء حوار بنّاء مع الأطراف الأخرى التي خرجت من اجل الحصول على حقها في التعبير ورغبتها بالتغيير عبر إصلاحات حقيقية في جميع المجالات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram