TOP

جريدة المدى > اخبار وتقارير > سلة العار!

سلة العار!

نشر في: 27 يناير, 2025: 06:48 م

مخزون العيب والعار لا ينضب من جعبة أشباه الرجال، الذين باتوا يبسطون هيمنتهم على مقدرات البلاد، ويصادرون باستخفاف إرادة العراقيين. ليست لديهم حرمة لأي اعتبار أو قيم وطنية. ولا خشية تردعهم وهم يستمرئون الكبائر، ويستقوون بالسلاح المنفلت ويعبثون بالمال العام المنهوب.

وإذ يفعلون كل ذلك، يتناسون مصائر أنظمة مدججة بكل وسائل وادوات الفتك والاستبداد، دون أن تحول أو تؤخر هزيمتها، كما لو ان ما أحاطت بها سلطتها لم تكن سوى ستائر من رملٍ وبقايا فضلات آخر ما خلفتها من وسائل سطوتها في ليل الهزيمة! 

ومن مخزون العيب، يتفننون في ابتكار وسائل تشبههم من حيث الخديعة والعبث حتى بالدستور المختل والقوانين الناقصة والتجاوز على الأعراف والتقاليد. 

لم ترتدع الطغمة المهيمنة وتتبصر، وهي تمارس الالتفاف على ارادة الناخبين فيما يُشبه التآمر المُستتر بقوى باتت معروفة، لتستولي على البرلمان، بعد الانسحاب الغامض من حيث الدوافع الحقيقية حتى الآن للكتلة الصدرية منه. لتعود وتمارس فضيحة ممارسة بدعة أخرى لا مثيل لها في أي برلمان آخر، مهما صغُر شأنه من حيث طبيعة النظام الذي وُلِدت فيه. وهي بدعة "السلة الواحدة"، معدومة الصلاحية دستورياً وشعبياً. وهذه المرة تشرفت الطبقة الحاكمة المعزولة اجتماعياً، بتسجيل براءة اختراعها باسمها، من دون ان تضطر لاستيرادها من خرائب "اللبننة المتآكلة"!

وهذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها آباء العملية السياسية المنخورة تلك "السلة"، التي هي الأداة المسخ للمحاصصة الطائفية، ومُرر وفقها قانون الاحوال الشخصية وقانون العفو العام، إلى جانب قانون استرجاع عقارات قد يتبين أن تكون سنداتها أُتلفت أو جرى التلاعب بها وتزويرها.

بل ان البرلمان مارس في العام ٢٠١١، بدعة "السلة الواحدة" في فضيحة إمرار نواب الرئيس، للشك في امكانية نجاح أي منهم على انفراد وفقاً للدستور. ويومها كانت الطبقة السياسية محكومة بالتواطؤات التي يجيزها ثالوث "التوافق والتوازن والمشاركة"، كتكييفٍ انتقالي لمفهوم "الديمقراطية"، للتسامح والتخادم كلما تطلبت مصالحها، على خرق الدستور والتجاوز على مواده وغض النظر عن القوانين الملتبسة، بل والإبقاء وفقاً لـ"التخادم" بين أطراف تلك المرحلة الذهبية للمحاصصة، على اغلبية القوانين والتعديلات الدستورية وقرارات مجلس قيادة الثورة البعثي الصدامي رغم "سريان" قانون اجتثاث البعث!

وإذا كان من الاستحالة ايجاد نموذجٍ في العالم لحالة تعويض استقالة الكتلة الصدرية "الشيعية الأكبر" بأدنى الخاسرين، فإن "سلة العار" ليس لها اي سند او مسوغٍ دستوري عراقي، بل هي تتعارض مع الدستور ديباجة ومواداً وروحاً، وكذلك مع النظام الداخلي للبرلمان. وتأكيداً لفسادها وما تنطوي عليه من طابعٍ فضائحي، فإن اغلب الذين تفاعلوا بالقبول او التصويت على "سلة نواب الرئيس" عام ٢٠١١، تبرأوا منها لاحقاً، وأعلن بعض منهم، انها عبثٌ دستوري وتجاوز مخلٌ في تاريخ البرلمان العراقي وعمليته السياسية. والمثير للخيبة والاحساس بعار التجاوز، أن رئيس البرلمان الحالي السيد المشهداني هو نفسه من أعلن في حوارٍ تلفزيوني، قبل أيام، أنه لن يكرر فضيحة "سلة نواب الرئيس"، التي كان أحد أبطالها يومذاك! لكنه لم يكتف بإعادة فعلته، بل مررها أمام عدسات التلفزيون، وفق مسرحية التصويت بأقل من ثانيتين! 

ليس لـ "الكلمة" في ضمير هؤلاء المتوهمين باستغفالنا من معنى يؤبه له. فالكلمة عندهم، وهم يستمرئون كل كبيرة يرفضها العقل والضمير والوجدان، هواءٌ في شبك. 

وأما شيعتهم، فليس للكلمة المعنى الذي استشهد الحسين فداءً لها، وهو يتمسك بما تمليه عليه من مبادئ ومواقف وقيم. هم لا يعرفون، ولهم الحق في ذلك، لأنهم لم يقرأوا سيرة الحسين ومآثره، إذ ترددت في الضمائر ما عكسته تلك المأثرة للكلمة كمعانٍ تظل تحفر في الوجدان نوراً وهداية:

"الرجل هو الكلمة، شرف الرجل هو الكلمة، الكلمة زلزلت الظالم، الكلمة حصن الحرية، إن الكلمة مسؤولية...، ولا رد لديّ لمن لا يعرف ما معنى شرف الكلمة". 

وإذا كانت تخادمات وتواطؤات المحاصصة تجيز العبث بثوابت الدستور والقانون وبالقيم والأعراف، فكيف لشرف الكلمة ان ينجو من هذا العبث؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Anan Rasheed

    منذ 3 أسابيع

    مهزززززززله ..

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram