ثامر الهيمص
الخروج من الحلقه المفرغة امرا صعب ولكنه ليس مستحيلا. فقد مررنا على الاقل بنموذجين من التقاطع بين اليساسي والتنموي، لمسها كل مواطن وجميع النخب السياسية الرسمية وغير الرسمية ومن النافذين اجتماعيا ومذهبيا، الا وهما الكهرباء والمشاريع المتلكئة مثلا.
وبالامكان القول وبالفم المليان، انه هناك تظافر بين الموضوعي والذاتي، اي توفر عوامل موضوعية سياسيا يرفدها مباشرة الشرعية السياسية من خلال البرلمان مقيدة بالانتماء الضيق للهوية الفرعية، التي ترعرت تاريخيا يغذيها الصراع التقليدي، في التعاطي مع النظير المختلف. من هنا كانت الثغرة او الفجوة التي نفذ من خلالها الفساد المشرعن ملوي العنق، الذي سوغ وحلل الحرام والممنوع قانونا ودستوريا, لتصبح اعراف الاستثناء تضاهي المعهود والنص الدستوري، الذي لم يشرع بقانون, ومن هنا نشأ التوافق ليصبح مظلة سياسية اعلى من الدستور.
وهكذا كانت الرسائل متقاطقة بينها وبفجوة حالت دون وصولها لغرضا الذي شرعت او صدرت القرارات بشأنها, اي لم تمسها روح القانون, اي شرعيتها باداء يتناغم مع الهدف المنشود, ليترتب على ذلك التلكأ ليصبح الهدف والوسيلة, في حين تنحى الاساس الدستوري لصالح الغرض الاخر.
طالما ان الاتصال هو ايصال رسالة الى الغير بغية تغييره, او اقناعه بشئ ما, فأن نجاحها يتوقف على ايصال المعنى الضمني لها, بينما أفشلها التضارب بين المعنى الصريح والمعنى الضمني, بكلام اخر نجاح الاتصال هو اتفاق الطرفين على معنى ضمني واحد، اي ان يتمكن المتحدث ان ينقل بوضوح ودقة كافيين ما يقصد اليه فعلا, وان يتمكن المستمع ان يستوعب ويفهم هذا القصد. اما اذا اختلف المعنى الضمني لدى كل منهما، فأن الاتصال فاشل لا محالة. (د. مصطفى حجازي /الاتصال الفعال في العلاقات الانسانية والادارة / ص179/).
هذا ما حصل في الكهرباء الوطنية والمشاريع المتلكئة اجمالا ونظيراتهما من المشاريع التي لم يحالفها الحظ نظريا، وعند التطبيق حصل ماحصل كون الادوات ليست مطابقة للمواصفة الضمنية من خلال جدواها الاقتصادية والاجتماعية. وهكذا كان ولازال الفساد عمود الخيمة الا مارحم ربي مؤخرا.
فعندما تشكل المتلكئة رقما صعبا في الموازنة والسياسة والاخلاق، ثمة عثرة لا تتم بالاصلاح فقط في المخرجات، بل معالجة الخلل بنيويا.
من الجدير بالذكر التنويه الى ان اكمال المشاريع المتلكئة جزء من الخطط الستراتيجية التي تضعها وزارة التخطيط وبغض النظر عن فشل تلك الخطط فأن الوزارة المذكورة تتهيأ لوضع خطة للفترة 2023-2028 فضلا عن خطة قصيرة المدى 2022-2023. (ابراهيم المشهداني / امراض الاقتصاد العراقي وسبل معالجتها / ص105 /2023).
فالقرارات المؤسسة للمشاريع عموما، ونظرا لتكرراها بحيث باتت رقما خطييرا، لا تحتوية الاجهزة الامنية والرقابية والقضائية، نظرا لمرور سنين على على اصدرها ولم تكشف عنها رقابة او حسابات ختامية مصدقة.
اذ كانت مشروعة ما دامت غير مكتشفة، بل لا زال بعضها شاخصا ربما تفلت، كما كانت مثلا قضية الامانات الضريبية كنموذج كامل الاركان.
فأركان القرار او جزء منه الاختصاص، الشكل، السبب، المحل, والغاية, فاذا فقد القرار الاداري احد الاركان يحق للادارة سحبه او الرجوع فيه. اي قبل الشروع العملي. وهكذا حصل الغش والتدليس باغطية ضاغطة تشكل ركنا اقوى من الاركان الاصلية للقرار، بحيث تمضي بالتنفيذ وتدخل في ما بعد الكشف عن الغش والتدليس. وهنا الطامة البنيوية. اذ كان التورط حاجزا بنيويا ضمن الهيكل العام.
اما على الصعيد الفردي الذي يشكل الخلية الاولى عندما تكون البيئة الحاضنة جاهزة، فانها تلعب دورا استثنائيا لدور الفرد في التاريخ سلبا وايجابا، اذ يشكل الرافعة الاساس كلما تسلق.
ومن تطبيقات الرجوع عن القرار الاداري: قرر مجلس الانضباط العام بتاريخ /23/6/1962حيث قال (لقد ثبت للمجلس ان الموظف المذكور قداستعمل مستندات غير صحيحة، واوهم الدائرة بأنه من خريجي المدرسة الثانوية وتنطبق عليه احكام المادتين 10 و11 من قانون الخدمة المدنية, لذا قرر المجلس تأييد اقصائه الموظف المذكور) استنادا للحكمة القائلة ان الغش يفسد كل شئ. (د. حاتم فارس الطعان / مجلة العلوم تلاقتصادية والادارية / اذار 2008/ ص120). نستنتج مما تقدم: ان القضاء الاداري كان حاضرا بفعالية اذ أيد اللجنة التحقيقية باقصاء الموظف الغشاش وقضي الامر بدون شوشره ومؤامرات وتدليس.
من هنا يبدأ التقاطع بين السياسي والتنموي ليمضيا في خط متواز، وهذا ما يفسر اغلب اشكالات الفساد والغش الذي افسد مجال عملة اولا, وكانت ولا زالت المحصاصة, اذ لم تحسم الامور اثناء القرار، اذ كانت الدائرة مجرد حصه. وهنا تتجلى الامور بغياب سلطة القرار من خلال التلاعب باعمدته الاساسيه مع تلاشي متابعة المخرجات التي غالبا ما تكون شأنا داخليا يحق لرب البيت ان يغيبه او يؤجله من خلال سلطته كونه يمثل هوية فرعية وليس كموظف عام.
نعم الغش يفسد كل شيئ ولا يتم عزله بالسكين, بل بالرجوع الى السبب الاساس لنموه اما ردائة المنتج اساببها قرا ر او سوء ادارة لا تتابعها رقابة كون المسؤول هناك من يعامله كولي نعمه وليس مجرد موظف له امد محدد كانسان او موظف.
لذلك ليس من المتوقع ان يجدي الاصلاح الترقيعي بحسم الامر، اذ ظهرت العلل احيانا في الذي يداوي.
وبهذا تكون مواصلة العمل بتعميم العمل الالكتروني, ولعل اول تباشيره هو ان كماركنا حققت في عام 2024 حوالي ترليوني دينار اي اكثر من ضعف عام سبقها. انها عملية غلق ابواب اي ربط النتائج الكترونيا كون هويتها ليست فرعيه وشهادتها غير مجروحة، اذا رافقها عرقنة العمل العراقي الالكتروني، فاذا استمر العمل يدور في مزادات الشركات المتعرقنه التي يعتقد انها روافد او فروع اقليمية او دولية, لا بأس مؤقتا لحين بلوغنا الرشد الكترونيا, والخوف من الاتكال بعد لوعات معلومة لدينا، بها اي بعرقنة الالكترونيات ننهض كما نهضت دولا وامم حيث تحولت انداد وليس توابع في فلك ما. بالعرقنة تستوي التنمية المستدامة وطريق التنمية بمسار الوطنية فقط.