محمد العبيدي/ المدى
تتصاعد حدة الجدل في العراق بشأن التوجه لاستبدال البطاقة الانتخابية (البايومترية) بالبطاقة الوطنية، لمواجهة عمليات التزوير، في وقت يؤشر خبراء ومختصون صعوبة اعتماد هذا المسار، الذي يعني إجراء الانتخابات بشكل ورقي.
وتُثار المخاوف من تأثير هذه الخطوة على نزاهة العملية الانتخابية، مع تزايد التحذيرات من مخاطر التزوير وتراجع الشفافية، خاصة وأن الانتخابات السابقة شهدت تبادل اتهامات بالتزوير، ما أفضى في نهاية المطاف إلى اعتماد العد والفرز اليدوي في بعض المحطات.
وكان عضو تحالف الفتح مختار الموسوي، قال إن "التحالف يناقش خيار اعتماد البطاقة الوطنية الموحدة في الاقتراع المقبل، بالتنسيق مع وزارة الداخلية، لدراسة الآليات والتحديات المرتبطة بهذا الخيار، وإمكانية تطبيقه"، مشيرًا في تصريح صحفي، إلى أن "الهدف الأساسي من هذا الخيار هو الحد من التزوير والتلاعب في العملية الانتخابية، وتجنب تكرار سيناريو انتخابات 2021".
رفض وانتقادات
بدوره، أكد عضو مجلس النواب محما خليل أن "استخدام البطاقة الوطنية في الانتخابات المقبلة يتطلب تعديل قانون الانتخابات، والاعتماد على قانون جديد يتضمن العودة إلى النظام الورقي بدل الإلكتروني".
وأضاف خليل لـ(المدى) أنه "إذا كانت هناك عمليات تزوير في النظام البايومتري فإن التزوير سيصبح أكبر في النظام الورقي لذلك يجب اعتماد البطاقة البايومترية، أما الجهات التي تطالب بالعودة الى النظام الورقي وتدعي حصول عمليات تزوير في النظام البايومتري فهي تحاول التغطية على فشلها في الانتخابات".
وتثار تساؤلات حول التداعيات المحتملة لاستبدال البطاقة البايومترية بالبطاقة الوطنية، إذ يخشى مراقبون أن تؤدي هذه الخطوة إلى فوضى في تنظيم العملية الانتخابية بسبب غياب المعلومات الدقيقة عن مراكز الاقتراع في البطاقة الوطنية.
وشهدت الانتخابات العراقية الماضية التي جرت في عام 2021 توترات كبيرة، تمثلت بمطالبات واسعة من بعض القوى السياسية بإعادة العد والفرز اليدوي، عقب اتهامات بتزوير النتائج والتلاعب بها، وقد صاحب العملية الانتخابية حينها شد وجذب بين الكتل السياسية والمفوضية العليا للانتخابات، وسط احتجاجات واعتراضات على آليات العد الإلكتروني، ما دفع المفوضية إلى إجراء عد وفرز يدوي في عدد من المحطات، لتأكيد نزاهة العملية وطمأنة الأطراف المعترضة.
عقبات كبيرة
من جانبه أكد الخبير الانتخابي دريد توفيق أن "استخدام البطاقة الوطنية بدلاً من البطاقة الانتخابية (البايومترية) تعتبر عملية غير دستورية وغير قانونية لأن الدستور العراقي نص على أن المفوضية العليا للانتخابات هي هيئة مستقلة وتمتلك الاستقلالية في عملها، لذلك عند اعتماد البطاقة الوطنية أصبح سجل الناخبين بيد وزارة الداخلية والتي تعتبر جهة حكومية لذلك سنفقد المعيار الأساسي الذي نص عليه الدستور".
وأضاف توفيق لـ(المدى) أن "العملية الانتخابية ستواجه عقبة اخرى لو اعتُمدت البطاقة الموحدة، تتمثل بالمواليد التي تشارك لأول مرة في عملية الاقتراع حيث ستكون معلومات مركز التسجيل ومركز الاقتراع غير موجودة في البطاقة الوطنية، على غرار بطاقة الناخب التي تحتوي على معلومات مركز التسجيل ومركز ومحطة الاقتراع".
وأشار الخبير الانتخابي إلى "اعتماد مفوضية الانتخابات آليات وتحديثات جديدة في عملية الانتخاب البايومتري لضمان نزاهة الانتخابات وللحد من عمليات تزوير محتملة تتمثل بوضع كاميرا مخصصة للناخب في عمليات تخطي البصمة التي يسمح بها بنسبة 5% للأشخاص الذين لا تظهر بصماتهم في الجهاز" مضيفاً أن "هذا الإجراء سيمنع أي عملية تلاعب محتملة في المناطق ذات اللون الواحد".
وضمن هذا السياق، أعلنت مفوضية الانتخابات، اعتماد البطاقة الوطنية الموحدة حصراً في عملية التسجيل البايومتري، مشيرة في بيان، إلى أن "مجلس المفوضين ناقش مذكرة مكتب رئيس الإدارة الانتخابية (…..)، وقرر الموافقة على ما جاء في مذكرة دائرة العمليات وتكنولوجيا المعلومات باعتماد البطاقة الوطنية الموحدة حصراً في عملية تسجيل البايومتري لحالة الإضافة".
لكن مسؤولًا داخل المفوضية، نفى لـ(المدى) وجود توجه سياسي عام بشأن اعتماد البطاقة الوطنية، بدل البايومترية، مشيرًا إلى أن "ذلك يعني إلغاء مجمل العمليات الانتخابات الجارية الآن حيث بدأت المفوضية بالتسجيل البايومتري للأشخاص المسجلين لأول مرة".
وأوضح المسؤول الذي طلب حجب اسمه، أن "اعتماد البطاقة البايومترية، جاء وفق القوانين، وفي حال أراد البعض إلغاء هذا النظام، فيجب التوجه لمجلس النواب".
من البايومتري إلى الورقي: هل تعود الانتخابات العراقية إلى الوراء؟
نشر في: 28 يناير, 2025: 12:16 ص