د. قاسم حسين صالح
في العام (2007).. تابعنا زيارة العراقيين للأمام موسى الكاظم وكانت بالملايين رغم علمهم انهم قد يتعرضون، وقتها، إلى الموت بعبوات أو أحزمة ناسفة أو تفجير سيارات مفخخة أو قذائف من مدافع هاون.
وتساءلنا عن الأسباب وراء هذا العدد المذهل من الزائرين:هل فعلا" أن السبب كان دينيا" وأداء شعائر واجبة، أم أن ورائها أسبابا سياسية وإعلانا" تحذيريا" على لسان طائفة تريد أن تقول للخصوم والأعداء والمحايدين " مهما صار بنا فنحن ها هنا موجودون "؟.وإن كان وراء هذا الحشد البشري الضخم " سياسة "..اعني تعبئة سياسية من أحزاب دينية ـ سياسية فأنني اترك الأمر للمحللين السياسيين، فما يعنيني هنا هو الأسباب السيكولوجية ليس إلا.
لقد تابعت،حينها، عددا من المقابلات التي أجرتها قنوات فضائية مع زائرين وزائرات، فوجدت أن لديهم حاجات يأملون تحقيقها من هذه الزيارة حددوها بثلاثة وختموها بـ (يزي عاد تره شبعنا تعب).
هذا يعني أن زيارة تلك الملايين لضريح الإمام موسى الكاظم كانت..عرض مظالم وتقديم طلبات لتحقيق حاجات عامة تتصدرها حاجتان، الأولى:
- نريد كهرباء..قتلنا الحر.
وتساءلنا في حينها: ما شأن الإمام " ع " بتوفير الكهرباء للناس؟. هل أن وزير الكهرباء حجبها عن الناس وان الإمام سيؤنبه ويأمره بتوفيرها إلى عباد الله؟. وإذا أجاب الوزير بأن قلبه " محترق " على الناس ولكن " ما بيدي حيله " فهل يأمر الإمام الحكومة بشراء المولدات العملاقة، وأنها ستستجيب لأمره فورا" فتنير العراق من زاخو إلى أم قصر؟!
وكانت حاجتهم الثانية هي (اصلاح حال السياسيين)..والمفارقة انها تحققت بأن توحد السياسيون الفاسدون وصارت كل الأمور بايديهم..بما فيها القضاء،يأمرون القاضي هاتفيا فيستجيب وألا صار حاله كسابقيه!
ونعود للكهرباء ونسأل: لماذا بقت هي هي من 2007 الى 2025 رغم ان واردات العراق من النفط تعد بالمليارات؟
الجواب.. أتى في حينها من اعلى مسئول في الدولة صرّح به عبر قناة الحرة، وكان بالنص:
(في سبتمبر 2021، كشف الرئيس العراقي آنذاك، برهم صالح في تصريحات متلفزة أن أموال العراق من عوائد النفط منذ 2003 تصل لنحو ألف مليار دولار، وقال إن التقديرات تشير إلى أن الأموال المنهوبة من العراق إلى الخارج تقدر بنحو 150 مليار دولار.)
وهذه الحقيقة اجابت عنها المرجعية بأن المليارت صارت بخزائن (حيتان الفساد) وهم معروفون..فكبيرهم الذي كان فقيرا معدما،اصبح ملياردير دولار! بشهادة مركز البحوث الفرنسي، وسرقة القرن بكذا مليار معروفة.. والسبب الرئيس، ان الذي حكم العراق ثمان سنوات قال علنا (لديّ ملفات للفساد لو كشفتها لأنقلب عاليها سافلها) وما كشفها..فشاع الفساد وصار ما كان يعدّ خزيا في قيم العراقيين..شطارة وانتهاز فرصة!
ومن مفارقات (اللامعقول في العراق) ان السيد مقتدى الصدر،الذي اعتبر مكافحة الفساد فرضا وصار اقوى خصم جماهيري للفاسدين..قام باجراء غريب عجيب بأن سحب 74 نائبا الذين يؤلفون الأغلبية في البرلمان العراقي،وبها قدم ثروة العراق كلها لحيتان الفساد..وكان نتيجتها 13 مليون فقيرا باعتراف وزارة التخطيط في وطن هو الأغنى بالمنطقة!
ونعود نسأل:
هل ما يزال ملايين الزائرين في (2025) يعرضون مظالمهم على الأمام موسى الكاظم كما عرضوها في 2007؟.والى متى يبقون يرددون (حسبنا الله ونعم الوكيل)؟
الجواب تؤكده حقيقة نصوغها بمقولة:
ان الديمقراطية لا تصلح لشعب طائفي يحكمه فاسدون!.