علاء المفرجي
صدر حديثا كتاب (السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي) عن دار الشؤون الثقافية وهو تأليف مشترك من مجموعة من المهتمين بالسينما، حرره وقدمه الناقد أحمد ثامر جهاد. الذي كتب في مقدمته:
كل تحويل سينمائي لعمل أدبي هو بشكل من الأشكال مسار جديد من مسارات العلاقة المتحولة، القديمة والمتجددة، بين الأدب والسينما. فعلى الدوام نحن على أعتاب شكل سينمائي ما، يقترحه الفيلم المأخوذ عن أصل أدبي. ذلك أن جدلية هذه العلاقة مرهونة بالآفاق اللامتناهية للغة الأدب المتغيرة ولتحولات الفيلم على المستوى الفني والاجتماعي والثقافي بشكل عام. وطالما أن ليست هناك صيغة واحدة أو نهائية لهذه العلاقة، يصبح من الضروري والمفيد فحص فضاء التلاقي والافتراق وكذا الإفادة بين هذين الوسيطين التعبيريين الأشد تأثيراً في جمهور القراء والمشاهدين.
وحتى نكون منصفين أزعمُ أن ليس بين المشاركين في هذا الكتاب من يود -عبر سوق الحجج النظرية أو التحليلية - الانحياز لصالح أحد الوسيطين (الأدب والسينها) مقابل اندثار أو ضعف وسيط آخر، فالإمتاع المتحقق هنا هو إجمالاً حصيلة هذا التلاقي العابر أو الغرام الحتمي.
من هنا يسعى هذا الكتاب عبر مساهمات متنوعة للمشاركين فيه إلى اقتناص فرصة تأمل العلاقة بين الأدب والسينما مرة أخرى وبزوايا نظر مختلفة، سواء بقراءة وتحليل الأعمال السينمائية المقتبسة عن أعمال أدبية او مسرحية، أو عبر إجراء مقاربات نظرية تفصيلية تحاول بشكل منهجي تتبع طبيعة وأدوات الاقتباس السينمائي للعمل الأدبي واستراتيجياته الفنية، كما تعاين في الغضون معضلات الإعداد السينمائي للأعمال الروائية، على مستوى اللغة والسرد والخطاب، ناهيك عن استشراف تحولات العلاقة بين الأدب والسينما في عصر الذكاء الصناعي الذي يمثل اليوم تحدياً جدياً لعالم صناعة السينما الروائية، وذلك كله في سياق وضع السينما والأدب وجهاً لوجه.
وعليه لابد من الإشارة إلى أن المواد النظرية المتضمنة في هذا الكتاب لم تتوجه مطلقاً لتأكيد أو تمرير نتائج نهائية قارة عن علاقة الأدب بالسينما، كما لم تسع القراءات التحليلية للأفلام السينمائية المقتبسة عن الأدب الى إقرار صيغة واحدة مثلى في خلاصاتها النقدية. فالتباين قائم ليس في شكل الأفلام حسب، بل في طبيعة النصوص الأدبية، الكلاسيكية أو المعاصرة، لكل من بروست ومارغريت دوراس وديكنز وهمنغواي وغونتر غراس وشكسبير وماركيز وج.كويتزي والتي عمل النقاد في هذا الكتاب على معاينتها سينمائياً بشكل مرن يفسح المجال لتأويلات اخرى محتملة وممكنة.
أخيراً يلزمني هنا أن أتوجه بالشكر الجزيل لكل الأصدقاء من باحثين أكاديميين ومخرجين ونقاد ممن شاركوا في هذا الكتاب في ظروف عملية صعبة، كما أشكر الصديقين، القاص لؤي حمزة عباس والشاعر عبد الزهرة زكي لوقوفهما النبيل وراء إنجاز هذا الكتاب بفترة قياسية، والشكر موصول أيضاً للصديقين عدنان فالح وصفاء ذياب الذين كانا خير عون لإتمام تنضيد الجزء الأكبر من مواد كتابنا هذا الذي نأمل له أن ينال رضا المهتمين بالشأن السينمائي.
تضمن الكتاب قسمين جمعت مقالات الكتاب، القسم الأول وهو قسم نظري، حمل عنوان(السينما والادب قصة غرام وخصام أبدي.. السينما والأدب مقاربات نظرية: حيث كتب الناقد والمخرج د. جعفر عبد الحميد (الاقتباس السينمائي للنص الروائي. رؤية في الأدوات والاستراتيجيات السردية)، وكتبت الأكاديمية والناقدة د. كوثر محمد علي جبارة (السرد واللغة بين النص المقروء والنص المرئي السينمائي "المفهوم والتحولات") وكتب المنتج والمخرج محمد الغضبان (تحديات الكتابة السينمائية في عصر الذكاء الصناعي) وكتب د. أحمد جبار العبودى (خيارات المعالجة الفيلمية للرواية الحديثة).
وفي القسم الثاني، المعنون الأدب في السينما، قراءات نقدية، كتب د. ليث عبد الأمير (لغز الافتراق والتلاقي بين الأدب والسينما. عن السينما الشعرية وطيف "هيروشيما حبيبتي") وكتب الناقد عدنان حسين أحمد (معضلة الإعداد السينمائي للنصوص الأدبية. الشيخ والبحر، جاذبية الكلمة وسحر الصورة)، وكتب الناقد علي الياسري (أوليفر تويست، خيانة النص أم القراءة السينمائية الأمثل؟) وكتب الناقد علاء المفرجي (طبل الصفيح، الفيلم في مصاف الرواية)، وكتب د. د. ياسر عبد الصاحب البراك (تفكيك شكسبير. معالجات السينما الهندية لمسرحيات وليم شكسبير)، والناقد علي الحسن (الحب في زمن الكوليرا، إشكالية الفصل بين المحكي والمروي) وكتب الناقد أحمد ثامر جهاد (في انتظار البرابرة، تحولات الشخصية الكولونيالية من حدود الرواية إلى خيارات الفيلم).
السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي
نشر في: 3 فبراير, 2025: 12:20 ص