ذي قار / حسين العامل
كشفت الحكومة المحلية في ذي قار عن تراجع مناسيب المياه في نهري الغراف والفرات وفقدان نحو 50 م³/ثانية من حصتها المائية، وفيما شددت على أهمية تأمين كامل الحصة للمحافظة، أعربت دائرة الزراعة عن خشيتها من تداعيات ازمة المياه على الخطة الزراعية.
يأتي ذلك في ظل أسوأ موجة جفاف تمر بها البلاد ومحافظة ذي قار، التي أخذت تفقد مساحات واسعة من أهوارها وأراضيها الزراعية، وتواجه نزوحًا سكانيًا كبيرًا بين أوساط الفلاحين والصيادين ومربي المواشي الذين باتوا يواجهون مخاطر جمة تنعكس سلبًا على مجمل الحياة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتهددهم بالحرمان من مصدر دخلهم الرئيس.
وقال محافظ ذي قار مرتضى الابراهيمي في بيان صحفي صادر عن مكتبه الاعلامي ان" المناسيب شهدت انخفاضًا ملحوظًا في نهر الغراف من 150 إلى 120 م³/ثانية، وفي نهر الفرات من 70 إلى 50 م³/ثانية، ما أدى إلى إرباك في توزيع الحصص المائية".
وأشار البيان الذي تلقت المدى نسخة منه الى ان "محافظ ذي قار وفي خطوة عاجلة لتدارك ازمة المياه تواصل مع الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات ورئيس الوزراء، ووزارة الموارد المائية، لبحث اسباب انخفاض الإطلاقات المائية في النهرين المذكورين".
مبينا ان "المحافظ شدد على ضرورة التزام المحافظات التي تقع في أعالي الأنهار بالحصة المقررة لها"، مؤكدا على أهمية تأمين الحصة المائية لمحافظة ذي قار وعدم التجاوز عليها لضمان استكمال مفردات الخطة الزراعية في المحافظة".
ومن جانبها أعربت دائرة زراعة ذي قار عن قلقها من تداعيات ازمة المياه وانعكاساتها على نوعية وكمية محاصيل الحبوب المدرجة ضمن خطتها الزراعية للموسم الشتوي الحالي. وأوضح مدير زراعة محافظة ذي قار محمد عباس ان "أي انخفاض بمناسيب المياه او تراجع بالإطلاقات المائية من شانه ان ينعكس سلبا على الخطة الزراعية"، لافتا الى ان "المحاصيل التي لم تحصل على كامل حاجتها من المياه ستنخفض غلتها وربما تفقد قدرتها الى انتاج الحبوب"، محذرا من ان تؤدي ازمة المياه الى تزايد المشاكل والنزاعات بين الفلاحين.
وبين عباس في حديث لـ(المدى) ان "الازمة ستربك عملية المراشنة وسيعمد الفلاحون الذين تكون ارضهم في مقدم النهر الى الاستحواذ على اكبر كمية من المياه وهو ما سيحرم الفلاحين الذين تقع اراضيهم في ذنائب النهر".
وأشار مدير زراعة ذي قار الى انه "تم تامين الريتين الأولى والثانية في وقت سابق غير ان ازمة المياه ان استمرت ستؤثر على الرية الثالثة وهو ما سينعكس سلبا على كمية ونوعية المحاصيل المزروعة التي لم تحصل على كميات المياه المطلوبة لديمومة انباتها".
وتواجه الخطة الزراعية في محافظة ذي قار في مواسم الجفاف جملة من التحديات أبرزها تذبذب مناسيب المياه وتجاوز المحافظات الاخرى على الحصة المائية الخاصة بالمحافظة ناهيك عن تجاوز عدد كبير من الفلاحين على الحصص المائية المخصصة للمناطق الواقعة في ذنائب الانهر.
ويعاني الفلاحون في محافظة ذي قار ومنذ اكثر من 5 أعوام من تقليص مساحات الخطة الزراعية الى نحو ربع المساحات المشمولة بالخطط الزراعية السابقة والتي كانت تقدر بأكثر من 500 الف دونم ضمن الخطة الزراعية للموسم الشتوي ، وهو ما اخذ ينعكس سلبا على الأوضاع الاقتصادية للفلاحين الذين باتوا يكابدون معاناة مضاعفة ناجمة عن شح المياه والحرمان من مزاولة نشاطهم الزراعي، وبالتالي دفع المزيد من الفلاحين الى زراعة أراضيهم خارج الخطة الزراعية بالاعتماد على التجاوز على الحصص المائية او على مياه الامطار التي قد تخذلهم في بعض المواسم وتفاقم خساراتهم في ظل عدم الاكتراث الحكومي لتردي أوضاعهم الاقتصادية اذ لم يجرِ تعويض الفلاحين المستثنين من الخطة الزراعية عن حرمانهم من زراعة اراضيهم.
وكانت إدارة محافظة ذي قار أعلنت في (طلع تشرين الثاني 2024) عن إصدار توجيهات للقوات الأمنية لرفع التجاوزات على النهر المغذي لقضاء سيد دخيل، وذلك لتدارك تفاقم أزمة المياه في القضاء. وفيما عزت مديرية الماء الأزمة إلى المباشرة بالموسم الزراعي الشتوي، أشارت إلى اتخاذ التدابير اللازمة لاستمرار عمل محطات ضخ مياه الشرب.
يشار الى ان ادارة محافظة ذي قار حملت وزارة الموارد المائية يوم (11 تشرين الثاني 2024) مسؤولية توقف مشاريع مياه الشرب في عدد من اقضية ونواحي المحافظة، فيما عزت دائرة الموارد الازمة المائية ذلك الى تدني الايرادات والتجاوزات الحاصلة على عمود نهر الغراف.
وكانت الحكومة المحلية في ذي قار امهلت يوم الخميس (26 كانون الأول 2024) وزارة الموارد المائية مدة شهر واحد لمعالجة ملف المياه الذي يواجه جملة من التحديات في المحافظة، وفيما اشارت الى مشروعين وزاريين متلكئين وعدم تخصيص مشروع اروائي للمحافظة منذ 2008، طالبت بتخصيص مشاريع إروائية اسوة ببقية المحافظات.
وبدورها أبدت جهات حكومية ومنظمات مجتمعية يوم (4 حزيران 2024) قلقها من مخاطر تراجع مناسيب المياه في مناطق الأهوار، محذرين من موجة جفاف ونزوح سكاني وتدهور بيئي قادم يهدد الثروتين السمكية والحيوانية خلال موسم الصيف.