TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: أنا أسف

العمود الثامن: أنا أسف

نشر في: 3 فبراير, 2025: 01:20 ص

 علي حسين

أعترف أنّ الكتابة اليومية تتطلب من صاحبها جهداً كبيراً، فصاحب النافذة اليومية مطلوب منه أن يُقدِّم شيئاً يتجاوز ما اطلعت عليه الناس في الأخبار، وشاهدته من خلال الفضائيات، فالعبور إلى جسر الناس يتطلب من الكاتب أن يسعى كل يوم إلى الاطمئنان على أنّ العلاقة بينه وبين القارئ لم تدخل في مرحلة "الضجر واللامبالاة"، وأن الكلمات حاضرة ومؤثرة.. وأن نافذته لا تزال تحمل طعم ومذاق مائدة عامرة بكل الاصناف، ولهذا تجدونني احيانا اتفلسف في الكتب.
احيانا يكتب بعض القراء الأعزاء يؤنبون " جنابي" لأنني أثير حالة من الكآبة والسواداوية في مقالاتي، وهو يلومني لأنني أستغل هامش الحرية وأسخر من السياسيين والمسؤولين الذين وضعوا العراق في مصاف الدول الكبرى.
أنا آسف ياعزيزي القارئ الكريم، لأن البعض يعتقد أن ما أكتبه مجرد أوهام أعتاش عليها.. فهل من المعقول أن لا أرى المنجزات التي تحققت في عهد إبراهيم الجعفري؟، وكيف تسنى لشخص مثلي فاقد البصر والبصيرة أن لا يدرك حجم الإنجازات التي سطرها محمد الخليوي اثناء توليه رئاسة البرلمان، ولماذا لا اريد ان أتمتع بالديمقراطية العراقية؟.
يمكن للقارئ العزيز ان يطلق علي صفة "المتشائل" على طريقة الكاتب الفلسطيني الراحل أميل حبيبي، ومثل بطل روايته أبي سعيد، الذي ظل يشير للخراب، لكن الناس كانت تسخر من شكواه.
منذ سنوات والجميع يتحدث عن مشاريع التغيير والإصلاح، لكنّ المواطن يعرف جيداً أن ما يقال على الفضائيات لا يعدو كونه مجرد كلام، الذي أعرفه خلال اكثر من عشرين عاما عشناها مع الخراب، أن القضية لم تعد مجرد تغيير رئيس وزراء ، ولا اجتماعات يقودها محمد الحلبوسي، وقد أعطيت نفسي أكثر من فرصة أتفاءل فيها بما سيفعله ساستنا الاشاوس ، وكنتُ مراهنًا نفسي على أنّ مسؤولينا سيخلعون معطف" الروزخونية " ، ويرتدون ثياب رجال الدولة، ويبدو أنّ المتشائم انتصر في النهاية وخسرت الرهان، مثل كلّ مرة أراهن فيها على مسؤول عراقي، وفي هذه الزاوية المتواضعة كنتُ بين الحين والآخر أُصدّع رؤوس القرّاء، بحديث عن رجال دولة تاريخيين، استطاعوا أن يصمدوا بوجه المغريات، فخلّدهم التاريخ بأن أبعد عنهم غبار النسيان.
شيء مؤسف أن لا يكون لدى الكاتب ما يكتبه للقرّاء سوى التشاؤم والسخرية من الأمل، ولكنني سأترك "المتشائل" جانباً وأتمنى على السيد القارئ العزيز أن يخبرنا لماذا اختار ساستنا نظاما سياسيا يصفق للمحسوبية والانتهازية، بدلا من نظام يعتمد على الكفاءة والنزاهة ؟.
اليوم الناس تعيش في ظل مؤسسات وأحزاب وشخصيات لم تتمسك إلا بالمحاصصة والتشجيع على الفرقة الطائفية والدفع لجيوش إلكترونية مهمتها إشعال الحرائق. وفي ظل مسؤول محصّن ضد الفرح والنزاهة والكفاءة، مستمتع بثقافة التخلّف، كاره لحضارة الازدهار.
في كل دول العالم يسبق المسؤول مستشاريه. فيما المسؤول العراقي يصل من "الحزب والعشيرة" وهو يدّعي ختمه لعلوم الأرض والسماء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. sjar

    منذ 2 أسابيع

    الجواب بسيط، إنهم لا يحبون العراق.

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الحب في زمن شرطة الأسماك

العمود الثامن: من الحلم الى الأمل

العمود الثامن: ديموقراطية الصوت العالي

جواز السفر الدبلوماسي ليس هدية!

"الأحوال الشَّخصية".. أتعديل أم تبطِيل؟!

العمود الثامن: حيرتنا بين لا ونعم!!

 علي حسين ماذا كان يضير المحكمة الاتحادية لو أنها لم تدس أنفها في شؤون الساسة والسياسيين ، فنراها مرة تمنع نائبا من الترشيح ، ومرات تفصل رئيس برلمان ، وكنا عشنا فصولا من...
علي حسين

قناديل: توابلُ (دان براون) الروائية

 لطفية الدليمي رواية سادسةٌ للروائي (دان براون Dan Brown) ستُنشرُ يوم التاسع من شهر سبتمبر (أيلول) القادم بعنوان (سرّ الأسرار The Secrets of Secrets). هذا ما أعلنته الدار الناشرة (راندوم هاوس) في مسعى...
لطفية الدليمي

قناطر: سؤالُ الشعر.. سؤالُ الحياة

طالب عبد العزيز في مجلس أسريّ سألني أحدُ أبناء العم ما إذا كنت قد انتفعتُ من كتابة الشعر، وإصدار الكتب بشيءٍ أم لا؟ لم أخفِّ شعوري بالخزيّ والحرج من السؤال، الذي لا أجدُ إجابتي...
طالب عبد العزيز

زيارة السوداني المرتقبة لموسكو: الملفات والقضايا

د. فالح الحمـراني على خلفية التطورات الإقليمية الخطيرة ظل مجمل الوضع في العراق بعيدا عن الاستقرار. وفي الوقت نفسه، تستمر التناقضات والتنافس بين القوى السياسية العراقية الرائدة في البلاد. وتجري على الساحة السياسية للبلد...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram