واسط / جبار بچاي
يواجه قطاع الثروة الحيوانية في محافظة واسط تحديات كبيرة قد تدفع به نحو الانهيار، بعد أن كان القطاع الزراعي في المحافظة بشقيه النباتي والحيواني يسد نحو 35% من حاجة البلد.
وتأتي أهمية هذا القطاع من خلال وجود أكثر من مليون رأس من المجترات، إضافة إلى مئات بحيرات وأحواض تربية الأسماك، ومثلها بالنسبة إلى حقول الدواجن التي تنقسم إلى حقول لإنتاج بيض المائدة وأخرى لفروج اللحم.
فمحافظة واسط، التي تحتل سنويًّا المرتبة الأولى على صعيد البلد في إنتاج محصول القمح، تحتل المرتبة ذاتها بالنسبة إلى الإنتاج الحيواني، الذي يشكل العاملون فيه نسبة 13% من مجمل سكان المحافظة البالغ أكثر من مليون و500 ألف نسمة. لكن قطاع الثروة الحيوانية في المحافظة، هذا العملاق الاقتصادي الكبير، بات مهددًا بالانهيار نتيجة قلة الدعم الحكومي للمربين، إضافة إلى تكبيلهم بمبالغ مالية كبيرة تتعلق بأجور الكهرباء والوقود والأعلاف، وانعدام السلف والقروض المقدمة لهم، ما أدى إلى توقف قسم كبير من المشاريع.
المخاوف الخطيرة من تراجع الثروة الحيوانية في المحافظة دفعت الحكومة المحلية إلى عقد مؤتمر موسع خُصص لمناقشة متطلبات النهوض بهذا القطاع الحيوي وسبل تعزيز الإنتاج الحيواني بأصنافه المتعددة، إضافة إلى الوقوف بصورة دقيقة وتفصيلية على المشاكل والمعوقات التي تواجه المربين وأصحاب المشاريع الإنتاجية.
يقول رئيس لجنة الزراعة في مجلس المحافظة سلام العجيلي إن "مؤتمر دعم الثروة الحيوانية جاء على خلفية التداعيات الخطيرة التي بدأت تؤثر على هذا القطاع وتقود إلى تراجع الإنتاج نتيجة توقف بعض المشاريع لأسباب مختلفة، في مقدمتها نقص الدعم الحكومي".
وأضاف في حديثه لـ(المدى): "جرى خلال المؤتمر استعراض للإحصائيات والأرقام المتحققة في قطاع الثروة الحيوانية برغم التحديات التي يشهدها، سيما في مجالات إنتاج السمك واللحوم البيضاء، فضلاً عن مشاريع بيض المائدة التي حققت من خلالها المحافظة اكتفاءً ذاتيًّا وأصبحت تُصدر كميات كبيرة إلى المحافظات الأخرى".
وأشار إلى أن "مؤتمر دعم الثروة الحيوانية خلص إلى تشكيل لجنة عليا لدعم قطاع الثروة الحيوانية بكل السبل المتاحة، من خلال مفاتحة الحكومة المركزية ووزارة الزراعة لتوفير احتياجات المربين وأصحاب المشاريع الأساسية، إضافة إلى دعوة المستثمرين لاغتنام الفرص الاستثمارية في هذا القطاع من خلال تشييد معامل الإنتاج الحيواني وحقول الدواجن وبحيرات الأسماك ومحطات تربية المواشي ومعامل إنتاج العلف والأسمدة وغيرها".
من جانبه، قال مدير زراعة واسط أركان مريوش الشمري إن "محافظة واسط، التي يشطرها نهر دجلة من شمالها إلى جنوبها، جعل منها مناخًا خصبًا للثروة الحيوانية بكل أنواعها وأصنافها، والتي يربو عدد المجترات فيها على أكثر من مليون رأس، منها 700 ألف رأس من الأغنام، و125 ألف رأس من الماعز، و220 ألف رأس من الأبقار، و15 ألف رأس من الجاموس، إضافة إلى 13 ألف رأس من الإبل".
وأشار إلى أن "هذه الأعداد من المجترات ترفد أسواق المحافظة بكميات كبيرة من اللحوم الحمراء، إضافة إلى الحليب ومشتقاته، وكذلك الأصواف والجلود، وقسم من تلك المنتجات يذهب إلى المحافظات المجاورة بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي".
وذكر أن "محافظة واسط تحتوي على 275 بحيرة للأسماك بين بحيرات طينية وأخرى عائمة وأحواض للتربية والتكثير، يعمل منها في الوقت الحالي 160 مشروعًا تنتج أكثر من 12 ألف طن من الأسماك على مدى السنة. وهذه المشاريع وفرت مئات فرص العمل للعاطلين من الشباب. فيما هناك 285 مشروعًا لإنتاج فروج الدجاج، يعمل منها في الوقت الحاضر 75 مشروعًا فقط، تنتج قرابة خمسة ملايين فروجة دجاج، إضافة إلى أكثر من مليار بيضة سنويًّا، مع وجود ستة مشاريع لأمهات الدجاج وعشرة مفاقس كبرى. ويمكن القول إن مشاريع الدواجن في المحافظة باختلاف إنتاجها استطاعت أن تغطي حاجة المحافظة من البيض والدجاج وتصدير قسم كبير من الإنتاج إلى المحافظات الأخرى". وأكد أنه "لولا توقف قسم من تلك المشاريع لأسباب عديدة، أهمها عدم وجود دعم لأصحابها، لكان لها أن تغطي قسمًا كبيرًا من حاجة البلد، وبالتالي يحصل تراجع كبير في الأسعار مما يخفف عن كاهل الفرد العراقي".
وقال مريوش: "فيما يتعلق بمعامل العلف الحيواني، هناك 27 معملاً، لكن الذي يعمل منها سبعة معامل فقط، وبالتالي يعتمد القسم الأكبر من مشاريع الثروة الحيوانية على الأعلاف الطبيعية وموارد المحافظة المتاحة زراعيًّا، بوصفها محافظة زراعية تتوفر فيها مخلفات زراعية كثيرة على مدى السنة تصلح أن تكون علفًا للثروة الحيوانية، التي وضعنا لها قاعدة بيانات من خلال مشروع ترقيم الثروة الحيوانية الذي أطلقته وزارة الزراعة في السنوات الأخيرة، بهدف السيطرة على تلك الثروة ومعرفة احتياجاتها وتسهيل إدارتها وسبل تطورها".
من جانبه، يرى رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في واسط عبد الرحمن الخالدي أن "هناك ضرورة كبرى لدعم المربين من خلال منح السلف والقروض وتوفير الأعلاف بأسعار مدعومة، إضافة إلى إنشاء جمعيات خاصة بهم لتنظيم عملهم وإدارة شؤونهم والوقوف على جميع احتياجاتهم".
وأضاف أن "الحديث عن قطاع الثروة الحيوانية في واسط يعني الحديث عن قطاع اقتصادي كبير ومهم، بل يمكن أن نسميه عملاقًا اقتصاديًا إذا ما كان يعمل بكامل طاقته. وهذا العملاق سيكون له دور كبير في سد حاجة السوق المحلية من مختلف المنتجات الحيوانية، وعلى الدولة والحكومة تأمين جميع احتياجاته وإعادة النظر بأجور الكهرباء والوقود التي باتت تكبل أصحاب المشاريع بمبالغ مالية طائلة، مما قد يقود إلى انهيار هذا العملاق الاقتصادي المهم".