TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: لماذا لا يتقاعدون؟

العمود الثامن: لماذا لا يتقاعدون؟

نشر في: 4 فبراير, 2025: 12:06 ص

 علي حسين

تجلس أمام التلفزيون في انتظار أن تسمع خبراً مفرحاً يُبشرنا أصحابه أنّهم قرروا أخيرا أن يتقاعدوا، ويعترفوا أن ابتعادهم سيسهم في إعادة الاستقرار إلى البلاد، فتجد بدلاً من ذلك مطولات في الحديث عن الشأن السوري والبكاء على اطلال بشار الاسد ، وقرارات بإعدام ترامب في ساحة التحرير وترميل زوجته ميلانا.
تذهب إلى تويتر والفيسبوك فتجد الجيوش الإلكترونية تملأ الصفحات بشتائم التخوين لمجموعة من الشباب تتهمهم بأنهم باعوا أنفسهم للأميركان ، فيما الحقيقة أن هؤلاء ذنبهم الوحيد أنهم يؤمنون بالدولة المدنية.
وأنا أقرأ ما تكتبه هذه الجيوش التي تعشق كل شيء إلا العراق، وتتمنى أن يعم الازدهار والخير في الأرجنتين فقط لاغير !! ، تذكرت لافتة رفعها مواطن عراقي في واحدة من جُمع الاحتجاجات التي قمعتها الحكومة، فقد اكتشف الرجل أن أميركا خدعته بمشروعها الديمقراطي حين سلمت البلاد لأناس يتحسسون سلاحهم كلما سمعوا عبارة " دولة مدنية " فكتب ثلاث كلمات اختصر فيها كل معاناته وكانت: "طاح حظّج أمريكا".
للأسف إنّ الآفة التي أصيب بها التغيير في العراق هي الأدعياء، والقافزون فوق سطح التغيير بمنتهى الخفّة، ومشكلة هؤلاء أنهم يعتقدون أن الناس فقدت ذاكرتها ونسيت ماذا قال هؤلاء وجيوشهم الإلكترونية قبل سنوات في مديح الأمريكان.
سيقول البعض: ماذا تريدُ أن تقول؟ هل نصفّق لخطب ترامب الذي يريد ان يحتل العالم ؟ لا ياسادة فالذين صفقوا للأميركان عام 2003، هم لاغيرهم من يشتمون الأميركان اليوم في الفضائيات، ولا تصدقوا أنها صحوة ضمير، بل البحث عن الذي يدفع أكثر.
يطل السياسي العراقي علينا وهو يتحدث عن المظلومية وحق الناس بالأمن والرفاهية، لكنه يتحول في النهاية إلى مقاول يوزع الإكراميات والعطايا والعقود على الأقارب والأصحاب والأحباب.. يكتب ريجيس دوبريه في كتابه "المفكّر في مواجهة القبائل" إن: "الناس تدرك جيدا أنّ الخطاب السياسي الانتهازي يتعكّز على فضيلة النسيان التي يتميز بها البشر"، فالحقيقة أنّ النسيان، غفر للكثير من مسؤولينا، جرائمهم التي صُنّفت في خانة الخطأ غير المقصود.
إذاً عزيزي القارئ أنت هنا لستَ أمام علامات لمصائب يقذفها الساسة ومعهم لفيف من النواب يميناً وشمالاً فقط، بل الأفدح أنّك أمام حالة احتفاء بهذه المصائب وتقديس للانتهازية والوصولية، وعبادة عمياء للجهل، جعلت المواطن العراقي يقابل هذه الجرائم في حقّ الوطن، بابتسامة هادئة كأنما يقول للسياسيين إن كلامهم أشبه بالقضاء والقدر الذي يلاحق الناس ليلَ نهار.
فلنتأمل حولنا: كلّ الكوارث التي تحاصرنا سببها واحد: سياسي يعتقد أنه لايمكن تعويضه أو الاستغناء عنه. ويتصور ان العراق سيختفي من الخارطة لو قرر " فخامته " ان يتقاعد ويتمتع بما " لفلفه " من اموال بلاد الرافدين .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الحب في زمن شرطة الأسماك

جواز السفر الدبلوماسي ليس هدية!

العمود الثامن: ديموقراطية الصوت العالي

"الأحوال الشَّخصية".. أتعديل أم تبطِيل؟!

العمود الثامن: حيرتنا بين لا ونعم!!

العمود الثامن: دمشق صادق جلال العظم

 علي حسين كان شاعر سوريا الكبير بدوي الجبل يشرح لجلاسه مفهومه للوطن فيقول : إنه مبني على ثلاث قواعد هي: الحرية والملكية والكرامة، فإذا كنت أعيش في وطن قضى فيه رئيسه على حريتي...
علي حسين

باليت المدى: الجمال الذي تجاوزَ اختبار الزمن

 ستار كاووش أهم ما في الفن العظيم هو مقدار الأسئلة التي يطرحها، كذلك الطاقة التي يحملها والسحر الغامض الذي يتركه في نفس المشاهد ويجعله يعيش لحظات خاصة. أنه ببساطة، يفاجئك بشيء جديد لم...
ستار كاووش

ترامب غزة - ريفيرا الشرق الأوسط والنظام الدولي إلى أين ؟

د. أحمد عبد الرزاق شكارة التساؤل اعلاه بحاجة لاجابة واضحة تؤكد الضرورة الاستثائية لإتخاذ موقف عربي رادع ضمن إطار موقف اقليمي ودولي حازم لا تردد فيه ولا مواربة تجاه خطة ترامب التي خرقت كل...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

خمسة تحديات رئيسية ستشكل أجندة الصين في عام 2025

توم هاربر ترجمة : عدوية الهلالي تواجه حكومة شي جين بينج تحديات كبرى من شأنها أن تعرقل خططها في عام 2025.وفي حين كانت حكومته تتعامل مع المشاكل الاقتصادية المحلية، كان عليها أن تواجه تعقيدات...
توم هاربر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram