TOP

جريدة المدى > سياسية > مزارعون في ديالى يعاودون إحياء "غابات داعش" رغم مصائد الموت المُباغتة

مزارعون في ديالى يعاودون إحياء "غابات داعش" رغم مصائد الموت المُباغتة

نشر في: 5 فبراير, 2025: 12:33 ص

ديالى/ محمود الجبوري
بعد سبع سنوات من القطيعة، عاد مزارعون في أطراف ناحية جلولاء شمال شرقي ديالى لإحياء آلاف الدونمات من البساتين التي دمرتها كمائن تنظيم داعش والعمليات العسكرية قبل سنوات عدة.
حوض "الشيخ بابا"، الذي يضم عدة قرى زراعية وعشرات الآلاف من دونمات البساتين، كان معقلًا عصيًّا لتنظيم داعش ومسرحًا للكمائن والهجمات الإرهابية التي أوقعت المئات من الضحايا والجرحى، ما جعل البساتين مناطق محرَّمة أمنيًّا خلال الفترة الممتدة بين 2017 و2021.
يعود تغلغل داعش في بساتين جلولاء وتحويلها إلى غابات عصية أمنيًّا إلى الفراغات الأمنية التي خلَّفها انسحاب قوات البيشمركة من أطراف ناحية جلولاء والمناطق الحدودية في الوحدات الإدارية عام 2017، عقب استفتاء استقلال كردستان في أكتوبر/تشرين الأول 2017.
كمائن الموت والهجمات المتنوعة تسببت بفقد مئات المزارعين لبساتينهم ومصادر معيشتهم الأساسية، وهلاك آلاف الدونمات من البساتين بسبب العطش والقطيعة من قبل المزارعين خوفًا من الهجمات المُباغتة لعناصر داعش.
وفي عام 2021، أطلقت القوات الأمنية والحشد الشعبي، وبإشراف وتوجيه القائد العام للقوات المسلحة آنذاك مصطفى الكاظمي، حملة تمشيط وتجريف لأطراف الطرق الزراعية والبساتين في مناطق شمالي جلولاء، وتحديدًا حوض الشيخ بابا والإصلاح. واستمرت العمليات نحو شهرين، تضمنت أعمال تجريف وفتح ممرات في أعماق البساتين الكثيفة لكشف تحركات ومعاقل عناصر داعش.
ماهر إبراهيم الحربي (49 عامًا)، أحد مزارعي حوض الشيخ بابا شمالي جلولاء، أكد أن أكثر من سبعمائة مزارع فقدوا مصادر أرزاقهم منذ عام 2017 حتى الآن، بعدما كانوا يمنون النفس بالعودة إلى بساتينهم بعد قطيعة دامت أكثر من سبع سنوات بسبب هجمات ومصائد داعش.
وبين الحربي أن قوات الأمن والقطعات العسكرية جرفت أكثر من أربعة آلاف دونم من البساتين المُعمرة التي كانت تمثل سلة غذائية دائمة على مدار العام من الفواكه والخضر، مشيرًا إلى أن أضرار التجريف طالت 70% من مزارعي شمالي جلولاء. وكشف الحربي عن موافقات وخطط حكومية للسماح للمزارعين بالعودة إلى بساتينهم وإحياء النشاط الزراعي وإنقاذ واقعهم المعيشي المتردي منذ سنوات طويلة، إلا أن هواجس الخوف من معاودة خلايا داعش لشن هجمات بقذائف الهاون والقنص والعبوات الناسفة لا تزال قائمة وتمنع الكثير من المزارعين من المُجازفة والعودة إلى أراضيهم الزراعية.
واعتبر الحربي بساتين شمالي جلولاء (حوض الشيخ بابا) أراضي جرداء وخربة بعدما كانت شواهدَ على إرث عريق للمزارعين لما تحويه من أشجار فاكهة كثيفة ومُعمرة قبل عام 2017، مُستبعدًا عودة الحوض إلى هويته الزراعية المتميزة.
أبو ماهر المجمعي، أحد عناصر الحشد العشائري الذي شكله أهالي شمالي جلولاء عام 2018 لمحاربة العناصر الإرهابية، أكد أن قرى حوضَي الشيخ بابا والإصلاح قدمت أكثر من 80 شهيدًا وعشرات الجرحى منذ 2018 حتى الآن دون أي تعويض، رغم دورها الكبير في مُقارعة عصابات داعش منذ 2014.
وبدد المجمعي في حديثه لـ(المدى) مخاوف عودة عناصر داعش إلى البساتين، مشيرًا إلى خطط الانتشار الأمني للجيش والتشكيلات الأمنية الأخرى والحشد الشعبي، والتنسيق بين القطعات الأمنية في حدود ديالى مع كردستان لمنع تنقل العناصر الإرهابية.
فيصل محمد الجبوري، عضو مجلس جلولاء المحلي سابقًا، استبعد عودة الهجمات الإرهابية من كمائن أو عبوات ناسفة كما كان سائدًا قبل عام 2021، بعد فتح ممرات وطرق داخل البساتين تمنع اتخاذ مخابئ آمنة.
وأكد الجبوري في حديثه لـ(المدى) أن الأوضاع الأمنية في شمالي جلولاء مستقرة نسبيًّا رغم بقاء بعض المخاوف، مشيدًا بالخطط العسكرية والإجراءات الأمنية الناجحة التي تمنح المزارعين طمأنينة للعودة إلى نشاطهم الزراعي، وإن كان إحياء البساتين يتطلب وقتًا طويلًا.
مدير ناحية جلولاء مهدي حكمت الكروي أكد أن إجراءات تعويض المزارعين المتضررين من التجريف تسير بخطى متقدمة، مع الإشارة إلى ترويج نحو مئتي معاملة تعويض.
وأعلن الكروي في حديثه لـ(المدى) عن خطة لإعادة تأهيل البساتين المتضررة بدعم حكومي وإداري، مشددًا على عدم تلقي أي شكاوى أمنية من المزارعين، ومُعربًا عن تفاؤله بعودة الحوض إلى مكانته كسلة غذائية ترفد الأسواق المحلية والمحافظات المجاورة.
وأصبحت جلولاء ناحية عام 1958، ويبلغ عدد سكانها نحو سبعين ألفًا. تقع على بعد سبعين كم شمال مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى، وهي من المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد، وتشهد توترًا أمنيًّا متواصلًا منذ عام 2008 حتى سقوطها بيد داعش عام 2014 بعد انسحاب قوات البيشمركة.
يُذكر أن مناطق شمال شرقي ديالى تشهد منذ 2017 انهيارًا أمنيًّا بسبب الفراغ الناجم عن انسحاب البيشمركة، ما سمح لداعش بإنشاء بؤر نشطة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

المشهداني يحاول كسر
سياسية

المشهداني يحاول كسر "الفيتو الإيراني" ضد تطبيع العلاقات العراقية – السورية

بغداد/ تميم الحسن يستمر محمود المشهداني، رئيس البرلمان، في فرض صورة مختلفة عن "النمطية" التي كانت متوقعة حين اختير للمنصب قبل أكثر من 3 أشهر، وهو يحاول، على ما يبدو، سحب "فيتو إيران" ضد...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram