تشير إحصائيات العام الماضي الى أن ( 85 % ) من الإستراتجيات التي تخص النهوض بالتربية والتعليم توضع على الرفوف ( جريدة الصباح في 9/12/2012 ) في حين أعلنت الحكومة أمس أي يوم 8/12/2012 عن انطلاق الإستراتجية الوطنية للتربية والتعليم للأعوام ( 2012 ـ 2022 ) معتبرة إياها خريطة طريق للنهوض بهذين القطاعين في عموم البلد . أذن القاعدة لانطلاق هذا الصاروخ هي 15% فقط من الإمكانات التي تحت اليد الآن. هذه ( الهوة التحدي ). فهل كادر التربية والتعليم قادر على تجسير هذه الهوة التي أصبحت ثقباً أسود مع الأيام والسنون؟
أننا أمام حاجة الآن وليس غداً الى ( 3762 ) بناية مدرسية فقط عدا أننا نملك ولحد اليوم ( 497 ) مدرسة طينية و ( 1904 ) مدرسة غير صالحة و ( 6271 ) بناية بحاجة الى ترميم . ( وزارة التخطيط / خطة التنمية الوطنية 2013 ـ 2017 ) . ناهيك عن الباقي.
ولدينا حسب الإحصائيات الأخيرة لوزارة التخطيط، هناك فجوة النوع بين التحاق الذكور والإناث ففي الابتدائية 93% ذكور و83% للإناث والمتوسطة 40% ذكور مقابل 34% إناث وأن المخرجات حوالي النصف يتركون الدراسة في المتوسطة والابتدائية والأمية بلغت في الريف ( 5ر30% ) يقابلها ( 6ر16% ) في المدينة . هذه مسحة سريعة للتحدي الأكبر للإستراتيجية التي رصدت لها المليارات . فالسؤال الأول هل نحن متميزين في تخصيص ميزانية لهذا التحدي لآن الشق كبيرو لاندري حجم الرقعة ؟ في حين كثير من الدول ترصد ( 2 ـ 5ر3% ) من دخلها القومي على البحوث التعليمية في ظروفها الاعتيادية كمخرج للتربية والتعليم، نترك الأمر لصاحبه! وهل نعلم انه ويجب أن نتمعن جيداً أن التسرب وضعف المخرجات ضحيته رقم واحد هم الفقراء الذين يقعون في أسفل الهرم الاجتماعي.
هل عالجت أو أوصت الإستراتجية بأن السبب الأساس ليس العجز في المدارس لان الطلبة الصغار يدرسون مفترشين الأرض بمدرسة طينية ومع ذلك لم يتسربوا تلقائياً بل حاجة ابائهم اذا ما كانوا غير أيتام والأيتام معروفة مدرستهم عند التسرب.
فقد أثبتت الدراسات الرصينة أن الصرف على الخدمات الصحية أو التعليم المستفيد الكثر منه ليس هؤلاء المساكين بل الشريحة الاعلى التي تستطيع أن تدفع أبنائها الى المتوسطة والثانوية والجامعة سواء كانت أهلية او حكومية مع دروس خصوصية أو مدارس متميزين . أما فقرائنا الذين يراوحون في خانة الربع الأسفل من الهرم فلا يستطيع يدفع لاثنين أو ثلاثة أو خمسة والذين يجتازون بالخصوبة كاحتياط طوارئ مزمن لمواجهة الزمن الرديء.
ولذلك بدون حجر أساس حقيقي لا يمكن في كل الأحوال اقامة هذا الصرح الذي أعلنت عنه الحكومة الذي خصص له (37 ترليون دينار للتربية) و(26 ترليون للتعليم العالي) فحجر الأساس يبدأ من الأسفل كما تعودنا أي بالحفر في الأرضية الاجتماعية بفقرائها ومسربيهم ومدارسهم الطينية أولاً وإكمال المدارس القاعدة أي الابتدائية والمتوسطة ترفع مستوى التعليم الإلزامي بإلغاء المادة 34 أولاً من الدستور كما طلبت خطتنا الطموحة. في ضوء هذه القاعدة الرصينة يمكننا التحكم بالمخرجات وهي معيار رصانة الحجر الأساس بحيث لا يحصل تسرب كونه مقياساً لمحاربة الفقر وجودة وجدوى التربية والتعليم.
في الختام نسمع عن اليونسكو والبنك الدولي كأطراف مساهمة نحن لا نعلم شيئاً محدداً عن دور البنك الدولي . ولكن الذي نعرفه أن هذا المساهم يدعو من حيث العموم عادة بإلغاء الدعم الحكومي الذي يخص الفقراء ولا يطالب بتخفيض ميزانية التسلح مثلاً؟.
إستراتيجية التربية والتعليم.. الفجوة والإرادة
[post-views]
نشر في: 10 ديسمبر, 2012: 08:00 م