متابعة المدى
" بدأتُ بالترجمة وأنا لا أعلم إنْ كان ما فعلته هو ترجمة. لذلك، لم أنشر القصّة القصيرة الأُولى 'حديقة كيو' لـ فيرجينيا وولف وبقيَت في درجي إلى أنْ اهترأَت!". بهذه الكلمات يصف المترجم السوري أسامة منزلجي، الذي رحل عن 77 عاماً يوم الخميس، حكايتَه مع فنّ الترجمة الذي خاض معه رحلة امتدّت لأكثر من نصف قرن.
وُلد أسامة منزلجي في اللاذقية عام 1948، وفيها أتمّ دراسته الثانوية، قبل أن ينتقل إلى دمشق؛ حيث التحقَ بقسم اللغة الإنكليزية وآدابها، ونال شهادة الليسانس عام 1975.
وقّع الراحل أولى ترجماته عام 1980، حيث نقَل إلى العربية رواية "ربيع أسود" لـ هنري ميللر، قبل أن يُنجز إحدى عشرة رواية أُخرى خلال العقدَين الأخيرين من القرن العشرين، كان أبرزها: "أهالي دبلن" (1983) لـ جيمس جويس، و"واينسبرغ، أوهايو" (1985) لـشيروود أندرسون، و"عملاق ماروسي" (1987)، و"مدار الجدي" (1996) و"مدار السرطان" (1997) لـهنري ميللر. وخلال هذَين العقدَين أيضاً، كانت حصّة الروائي الألماني السويسري هرمان هيسه (1877 - 1962) الأكبر من بين ترجماته، حيث قدّم للمكتبة العربية ستّ من رواياته: "نرسيس وغولدموند" (1996)، و"ذئب السهوب" (1997)، و"غرترود" (1997)، و"روسهالده" (1997)، و"تحت الدولاب" (1998)، و"بيتر كامينتسنيد" (1999)، سوى ما ترجمه لهيسه لاحقاً.
وبالانتقال إلى الألفيّة الجديدة نجد منزلجي يفتتح هذه المرحلة من مسيرته برواية "الإغواء الأخير للمسيح" (2001) لـنيكوس كازانتزاكيس، قبل أن يعود إلى عوالم هنري الروائية، مُترجِماً ثلاثيّته "الصليب الوردي" في عامَي 2002 و2004، مُعرّفاً بعد ذلك باشتغالاتٍ متنوّعة من الأدب كالأميركيَّين غور فيدال وتنيسي وليامز، والبريطانيّين إيفلين ووه، وإيان مكيوان والنرويجية ليف أولمن، والأيرلندية إدنا أوبرين.
كذلك استكمل الراحل، خلال العقد والنصف الأخير من حياته، رحلته الترجمية بإنجاز ما يقرب من ثلاثين عملاً أدبياً، منها: "الكتب في حياتي" (2011) لـ هنري ميللر، و"فنّانة الجسد" (2011) لـ دون ديليلو، و"امرأة على الضفّة المقابلة" (2012) لـ ميتسويو كاكوتا، و"غاتسبي العظيم" (2013) لـ سكوت فيتزجيرالد، و"الطاووس الأبيض" (2015) لـ ديفيد هربرت لورانس، و"إنسان عادي" (2018)، و"تزوّجتُ شيوعياً" (2019)، و"الحيوان المحتضر" (2023) لـ فيليب روث. وجميعها من اصدار دار المدى
في حوار صحفي مع الراحل كان قد تمنّى أن "يُترجَم أكبر عدد من الكتب في الوطن العربي، وأن تُتابع الأعمال الأجنبيّة الجديدة التي تصدر، ليس فقط كلّ عام، بل ّكل شهر، وأنْ تُصبح الكتب تحت أنف كلّ عربي لينهمك بالقراءة، وأنْ تُزال الحدود والحواجز الفكرية والأخلاقيّة التي تمنع تحقيق هذا الحلم".