TOP

جريدة المدى > سياسية > «اليمين الشيعي» بمواجهة «الملأ السُني».. من يربح معركة العفو العام؟

«اليمين الشيعي» بمواجهة «الملأ السُني».. من يربح معركة العفو العام؟

فريق الحلبوسي يهدد بمقاطعة العملية السياسية

نشر في: 9 فبراير, 2025: 12:09 ص

بغداد/ تميم الحسن
تدور معركة كسر عظم بين «صقور السنة» و»يمين الإطار التنسيقي» على خلفية أزمة المحكمة الاتحادية و»العفو العام» الأخيرة.
المحاكم في البلاد، يُفترض - بحسب ما يُتداول في الإعلام - أنها ضربت قرار «الاتحادية» بشأن قانون العفو العام عرض الحائط.
وبعد بيان مطوّل من مجلس القضاء، نقض فيه قرار «الاتحادية» بشأن إيقاف «سلة القوانين» الخلافية، بدأت المحاكم بترويج المعاملات.
«السلة» كانت تضم أكثر ثلاثة قوانين جدلًا: العفو العام، الأحوال الشخصية، وإعادة العقارات.
قبل الأزمة بعامين
اتفقت مجموعة من القوى السنية نهاية 2023 على الإطاحة برئيس البرلمان آنذاك، محمد الحلبوسي، بتحريض من أطراف شيعية تمثل «اليمين» داخل الإطار التنسيقي، بحسب تسريبات.
الحلبوسي وقتها كان قد أحرج «الإطار» بتصريحات تتعلق بعدم تنفيذ الأخير بنود ما يُعرف بـ»ورقة الاتفاق السياسي»، ولوّح إلى أن سنة 2024 (الماضية) ستكون حاسمة في استمرار المعادلة السياسية التي تشكلت في 2022 على خلفية انسحاب مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري.
الحلبوسي، في ذلك الوقت، كانت شعبيته قد تصاعدت في المدن السنية، وكان من مصلحة منافسيه تجريده من أقوى سلاح، وهو رئاسة البرلمان، التي تمثل لـ»السنة» منصب «زعامة» المكوّن.
تخلّص المنافسون من رئيس البرلمان، وحقق «اليمين الإطاري» فكرته في استبدال الحلبوسي بشخصية «غير جدلية» تقود البرلمان لحين إجراء الانتخابات المقبلة.
الحلبوسي لم يتراجع كثيرًا كما ظن الفرقاء، وأظهر تفوقًا في انتخابات 2023 المحلية الأخيرة، التي أُطيح به قبل أن تبدأ بشهر واحد، وعاد مرة أخرى للتحكم بالمشهد السني.
وبعد عام كامل من الشد والجذب، اختير محمود المشهداني لرئاسة البرلمان، بموافقة الحلبوسي، الذي صار قريبًا من نوري المالكي، زعيم دولة القانون، وباقي أطراف الإطار التنسيقي.
المشهداني كان اختياره من قبل القوى الشيعية، بوصفه «شايب السنة» وبأنه «لن يثير المشاكل»، حتى بدأ يكسر هذه الصورة النمطية بحديثه عن «تعديل الدستور» ومطالب السنة «القديمة».
يقول زياد العرار، وهو باحث في الشأن السياسي، لـ(المدى) إن «المشهداني لن يقبل بتقاعد اعتيادي من العمل السياسي، بل يريد أن يترك بصمة».
سارع المشهداني للتحرك بعد قرار المحكمة الاتحادية الأخير بإصدار «أمر ولائي» أوقف فيه سلة القوانين الثلاثة، وبينها «العفو العام».
عقد المشهداني لقاءات مع القاضي جاسم العميري، رئيس الاتحادية، ثم مع محمد السوداني، رئيس الحكومة.
اتخذ المشهداني جانب التهدئة من الأزمة، وقال إنه «يلتزم» بقرار المحكمة، كما دعا لاجتماع القوى الحاكمة في «ائتلاف إدارة الدولة».
لكن الحلبوسي كان أكثر تطرفًا في الأزمة، ودعا إلى «تظاهرات عارمة»، كما عطّل ثلاث محافظات دفعة واحدة.
يقول النائب هيب الحلبوسي، المقرب من رئيس البرلمان السابق، إنهم قد «ينسحبون من العملية السياسية» على خلفية تعطيل العفو العام.
ووصف النائب الحلبوسي المحكمة الاتحادية، التي كانت قد أطاحت برئيس البرلمان، بأنها تشبه «محكمة عواد البندر»، بحسب تصريحات تلفزيونية.
وعواد البندر كان قاضيًا بارزًا في فترة حكم رئيس النظام السابق صدام حسين، كما ترأس «محكمة الثورة» آنذاك.
كذلك طالب عبد الله الجغيفي، القريب أيضًا من الحلبوسي، بـ»مقاطعة» حزب تقدم، الذي يتزعمه رئيس البرلمان السابق، العمل السياسي بسبب أزمة «الاتحادية».
وقال في مقابلة تلفزيونية إن «التظاهرات ستكون كبيرة» إذا تمت الدعوة لها بشأن «العفو العام».
وأعلنت الحكومات المحلية في محافظات نينوى، الأنبار، وصلاح الدين عن تعطيل الدوام الرسمي يوم الأربعاء الماضي، احتجاجًا على قرار المحكمة الاتحادية.
وخرجت تظاهرات في الموصل، هي الأولى منذ 12 عامًا، حيث كانت آخر تظاهرات ضد سياسة نوري المالكي، رئيس الوزراء الأسبق، وجرت قبل عام من انتشار «داعش» سنة 2014.
تهديد الزعامة
تصعيد الحلبوسي أحرج محمد المشهداني، الذي كان قد صكّ قانون العفو العام في جلسة مثيرة الشهر الماضي في البرلمان.
ولمحاولة اللحاق بخطوات رئيس البرلمان السابق، أعلن المشهداني اجتماعًا لما أسماه بـ»خلية الملأ»، التي ضمّت كل القوى السنية التي لم تجتمع بشكل موحّد منذ 2022.
غاب الحلبوسي وخميس الخنجر عن «الملأ»، لكن نوابًا عن الطرفين حضروا الاجتماع، الذي تناول القضايا المتكررة لدى السنة: المعتقلين والمهجرين، بحسب بيان رسمي.
المشهداني كان قد أنشأ «القيادة السنية الموحدة»، التي ظهرت كنسخة مشابهة لـ»الإطار التنسيقي» الشيعي، ليعلن بأنه الزعيم الجديد للمكوّن.
في الاجتماع، ووفقًا لتسريبات، قررت القوى السنية أنها «ستتعامل وكأن العفو العام ساري ولم تُعطّله المحكمة الاتحادية».
وفي وقت لاحق على قرار المحكمة الاتحادية، مساء الثلاثاء، أصدر مجلس القضاء تعليقًا على الأخيرة، مفاده بأن «لا يجوز إيقاف تنفيذ القانون الذي يتم تشريعه من قبل مجلس النواب قبل نشره في الجريدة الرسمية».
وقال في بيان إن «المحاكم ملزمة بتطبيق قانون العفو العام المصوَّت عليه من قبل مجلس النواب العراقي بتاريخ (21/1/2025)، وأن المادة (129) من الدستور منعت تعطيل تنفيذ القوانين ما دام لم يصدر قرار بات بعدم دستوريتها أو إلغائها من الجهة التي أصدرتها».
أيضًا، كان المشهداني قد اجتمع يوم الجمعة مع رؤساء البرلمان السابقين، وهي اجتماعات لم تكن مؤلفة بين الرؤساء الباقين قبل رئاسته.
وتناول اللقاء، بحسب بيان للدائرة الإعلامية لمجلس النواب تلقّته «بغداد اليوم»، «البحث في تطورات المشهد السياسي الحالي والتحديات التي تواجه البلد في خضم الأحداث المتسارعة في الأيام الماضية».
اليمين الشيعي
على الضفة الأخرى، يعمل «اليمين» في الإطار التنسيقي على إفشال بقاء الحلبوسي في «الزعامة» أو أي «زعامة جديدة»، من بينها المشهداني.
اليمين الشيعي، في الغالب، يشمل نوابًا مقربين من «فصائل» أو من نوري المالكي، بشكل غير معلن.
هذه المجموعة تعارض الآن الفريق المعتدل في الإطار التنسيقي، الذي يعتقد بأنه من غير المناسب «إثارة السنة» في وقت تتعرض فيه البلاد لضغوط من أمريكا وتركيا على خلفية أحداث سوريا.
وهذه المجموعة، التي تضم أغلب النواب المستقلين، كانت قد أثارت أزمات بخصوص الموازنة، وخاصة في البنود المتعلقة بإقليم كردستان، وطرحت قوانين دينية ومذهبية، لكنها بالمقابل تعترض على «الصفقات السياسية» الآن.
واليوم، يبدو هذا الفريق مصرًّا على الطعن بـ»العفو العام» لإثارة السنة - بحسب ما يقوله معسكر المعتدلين في الإطار - دون المساس بالقوانين المذهبية الأخرى التي دعمتها بقوة، مثل الأحوال الشخصية.
مهندس قانون (الأحوال الشخصية)، النائب رائد المالكي، يقول: «حضرنا يوم الخميس السادس من شهر شباط إلى المحكمة الاتحادية العليا لمتابعة الطعون المقدمة أمامها».
وقدّم نواب في البرلمان، الخميس الماضي، دعوى قضائية لدى المحكمة الاتحادية ضد تصويت البرلمان على القوانين الثلاثة المثيرة للجدل.
وكشف المالكي، على منصة إكس، أن «بعض الأطراف حاولت إنهاء أزمة الطعون والأمر الولائي بإبطال تلك الدعاوى».
لكنه أضاف: «رفضنا وما زلنا متمسكين بها على أمل أن نحصل على قرار يلغي النصوص الخطرة في قانون العفو ويمنع تكرار بدعة السلة الواحدة».
كذلك، يحاول النائب باسم خشان، المستقل والذي يحضر أحيانًا اجتماعات الإطار التنسيقي، أن يعاقب الحلبوسي على قراره بتعطيل العمل في ثلاث محافظات، وضرب شعبيته.
خشان يقول، في تصريحات ومنشورات، إن «تمرد» محافظي الأنبار ونينوى يجب أن يكون سببًا لإقالتهما، وعلى مجلسي هاتين المحافظتين أن يباشرا باستجوابهما وإقالتهما.
واعتبر خشان أن السكوت عن «حالات تمرد» المحافظين سيؤدي إلى «انهيار الدولة».
وقال إن «القضاء سيكون الفيصل في هذا التمرد، وقراراته تعتبر ملزمة وباتّة على الجميع».
وكان رئيس كتلة حقوق النيابية، النائب سعود الساعدي، قد أعلن في وقت سابق تقديم شكوى رسمية أمام القضاء العراقي بحق محافظي نينوى والأنبار وصلاح الدين، بتهمة «الحنث باليمين» و»تحريض المواطنين».

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

«اليمين الشيعي» بمواجهة «الملأ السُني».. من يربح معركة العفو العام؟
سياسية

«اليمين الشيعي» بمواجهة «الملأ السُني».. من يربح معركة العفو العام؟

بغداد/ تميم الحسن تدور معركة كسر عظم بين «صقور السنة» و»يمين الإطار التنسيقي» على خلفية أزمة المحكمة الاتحادية و»العفو العام» الأخيرة. المحاكم في البلاد، يُفترض - بحسب ما يُتداول في الإعلام - أنها ضربت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram