TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شباط 1963 يوم الدم العراقي

شباط 1963 يوم الدم العراقي

نشر في: 13 فبراير, 2025: 12:02 ص

قاسم حسين صالح

لا أحد يعرف العدد الحقيقي للعراقيين الذين سفكت دماؤهم في 8 شباط 1963،فهو في تقديرات الحزب الشيوعي العراقي لا يقل عن خمسة آلاف تم قتلهم في (8 الى 10 شباط 63)،فيما قدّر العدد مراقب دبلوماسي بألف وخمسمائة.
ويشير حنا بطاطو الى أن العدد المعلن رسميا بإعدام(149) من الشيوعيين ليس صحيحا.ويذكر ما يسميها " طرفة!" رواها العقيد محمد عمران،العضو السوري في القيادة القومية للبعث أثناء المؤتمر القطري السوري الاستثنائي للحزب عام (964) أنه قال: " طلب من أحد ضباط الجيش العراقي إعدام أثني عشر ولكنه أعلن أمام عدد كبير من الحاضرين أنه لن يتحرك إلا لإعدام خمسمائة شيوعي،ولن يزعج نفسه من أجل أثني عشر فقط "(ص: 304، الكتاب الثالث).
ولم يكن حزب البعث،الذي نفذ الأنقلاب بارادة امريكية باعتراف القيادي علي صالح السعدي، وحده مسؤولا عن قتل آلاف الشيوعيين والضباط والعسكريين والوطنيين والمناصرين لعبد الكريم قاسم، بل ان فتاوى دينية صدرت بقتل الشيوعيين. فالوثائق تشير الى ضابط متعصب قوميا وطائفيا اسمه (عبد الغني الراوي)، سعى للحصول عليها بعد 8 شباط 1963، واحدة كانت بتوقيع الشيخ محمد مهدي الخالصي بالكاظمية، وثانية بتوقيع السيد محسن الحكيم بالنجف، وثالثة بتوقيع مفتي بغداد الشيخ نجم الدين الواعظ. ووفقا لمذكرات الراوي فان فتوى الخالصي كانت بالنص (الشيوعيون مرتدون، وحكم المرتد القتل، وان تاب، وان كان متزوجا وحكم الزوجة والاولاد، وان كان لديه اموال منقولة او غير منقولة). ويذكر رشيد الخيون في كتابه "الديانات والمذاهب في العراق" ان فتوى الحكيم كانت ذاتها فتوى الخالصي، وانه بالرغم من ان عدد الشيعة في الحزب الشيوعي العراقي كان كبيرا جدا، الا ان امامين شيعين قد سايرا المتعصب طائفيا عبد الغني الراوي، بينما منعهم امام سنّي عن ارتكاب جريمة بشعة ينوي مرتكبوها حفر اكثر من احد عشر الف قبر..ولو انها كانت قد حصلت لكنت انا ومن معي في القبور!
***
لم تشهد الأحزاب العربية العلمانية والدينية تعاطفا شعبيا كالذي حظي به الحزب الشيوعي العراقي عام 1959. كانت مدن بكاملها مغلقة له،وكان معظم كبار مرافقي الراحل عبد الكريم قاسم..شيوعيين،وكثير من قادة الجيش ايضا: قائد القوة الجوية،وقائد قوات المظليين مثالا،وآخرين امتلئت بهم (نقرة السلمان)،فضلا عن شخصيات لها وزن عسكري واجتماعي. .ماجد محمد امين مثالا..فلماذا لم يستلم السلطة يوم تعرض الزعيم قاسم الى محاولة اغتيال عام (59)؟.
سألت الراحل الدكتورمكرم الطالباني(الذي صار وزيرا بداية السبعينات)، وكنا في سجن بغداد المركزي ومعنا مدير الخطوط الجوية العراقية،والعقيد عبد النبي..قائد قوات المظليين،وصباح خيري،الذي ما كانت له اهتمامات بالسياسة وجيء به لأنه شقيق شيوعي قيادي، وانا الذي كنت اصغرهم، فأجاب بان تسلم الحزب للسلطة كان سهلا لكن الدول العربية وأميركا لن تبقيه فيها سنة!،فيما اجاب العقيد عبد النبي بأن السبب (موسكو!) لأن الحزب يتلقى الأوامر منها ويلتزم بتنفيذها حتى لو لم يكن مقتنعا بها،فيما علّق صباح خيري ساخرا..(الشيوعيون انطيهم حجي وبس،اما حكم..صدكني ما يكدرون يحكمون حتى العمارة).
وكان نتيجة ذلك اننا دفعنا ثمنها آلآف الشيوعيين والوطنيين قتلوا،وعشرات الآف سجنوا،ومئات ألآلآف امتلئت بهم سجون العراق ومراكز الشرطة وبنايات المدارس..ومئات قضوا في قصر النهاية،في مقدمتهم الشهيد سلام عادل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الأعرجي: نثمن موقف الشرع لتصحيح الأخطاء بانطلاقة قوية لبناء سوريا

اليوم.. انطلاق جولة جديدة من دوري نجوم العراق

إسرائيل تهدد لبنان: لن نسمح بالعودة الى واقع 7 اكتوبر

بعد العيد.. اتحاد الكرة: سنحسم ملف مدرب المنتخب الوطني

حزب الله ينفي صلته بقصف شمال فلسطين

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سافرات العبادي

العمود الثامن: غزوة علي الطالقاني

قناطر: البصرة في جذع النخلة.. الطالقاني على الكورنيش

كيف يحرر التفكير النقدي عقولنا من قيود الجهل والتبعية؟

العمود الثامن: العدالة على الطريقة العراقية

العمود الثامن: السعادة على توقيت الإمارات

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجزعن مواجهة واقع يسير بنا إلى...
علي حسين

كلاكيت: عن (السينمائي) وعبد العليم البناء

 علاء المفرجي علاقتي مع (السينمائي) لها حكاية، تبدأ من اختياري لها لكتابة عمودي (كلاكيت) منذ عددها الأول، ولا تنتهي بعددها الأخير. ولئن (السينمائي) تحتفل بعشريتها الأولى، كان لزاما عليّ أن أحتفل معها بهذا...
علاء المفرجي

تركيا تواجه التحول الجيوسياسي الناجم عن عودة دونالد ترامب إلى السلطة

جان ماركو ترجمة: عدوية الهلالي في الأسابيع الأخيرة، ومع ظهور الديناميكيات الجديدة للجغرافيا السياسية لترامب، تركز الاهتمام إلى حد كبير على اللاعبين الرئيسيين في الساحة الدولية، بدلاً من التركيز على دول الطرف الثالث التي...
جان ماركو

منطق القوة وقوة المنطق.. أين يتجه صراع طهران وواشنطن؟

محمد علي الحيدري يبدو أن ملف التفاوض بين إيران والولايات المتحدة دخل مرحلة جديدة من التعقيد، ليس بسبب طبيعة الخلافات القديمة، بل نتيجة تبدّل ميزان القوى الإقليمي والدولي، الذي بات يفرض مقاربة مختلفة عن...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram