أحمد ثامر جهاد
اكثر من عنصر بارع يجتمع في هذه الدراما السياسية المثيرة التي يقدمها المخرج البريطاني "بيتر غلينفيل"صاحب فيلم"بيكيت 1964"مع بيتر اوتول. هذا الفيلم المأخوذ عن مسرحية السجين للكاتبة"بريدجت بولاند"ربما يصح وصفه بالدراما الثقيلة المبنية على الجدل بين شخصيتين متصارعتين تتحركان في مكان محدود. شخصيتان مؤثرتان كانتا في صف واحد أيام مقاومة حكم النازيين، لكن مسارهما تفرق لاحقا، الان احدهم محقق في الشرطة يؤمن بالقوة المطلقة للدولة(الممثل جاك هاوكينز) والآخر كاردينال رفيع المنزلة يؤمن بقوة تأثير الكنيسة على حياة الناس(الممثل اريك غينيس).
يُعتقل الكاردينال بتهمة الخيانة ويخصع لاساليب استجواب ملتوية لارغامه على اعترافات ستدينه في محكمة شكلية يراد بها الاطاحة برموز الدين امام الجمهور. يحافظ الفيلم بشكل ملحوظ على عناصر البناء المسرحي وتصاعده الكلاسيكي المعروف وصولا الى ذروة الحدث الاخير. قدم السير"اريك غينيس"أحد اروع ادواره على الشاشة عبر حضوره المتفرد ادائيا. في الغضون عرف المحقق(وهو نموذج للمسؤول الشيوعي الذي يريد استئصال الكنيسة من حياة العامة) انه لن يبتهج بنصره لكنه سيهاجم نقطة ضعف الكاردينال المغتر بنفسه، فهو وان كان قد تحمل في الماضي شتى صنوف التعذيب الجسدي على ايدي النازيين، الا انه من المستبعد ان يصمد امام التعذيب النفسي.
المشهد الاخير في الفيلم يذكرنا باحدى تخريجات فرويد في كتابه"مستقبل وهم"حيث رغم كل اعترافات الكاردينال يعود بحال من الاحوال الى رعيته بكامل قدسيته وهم بشئ من الذهول والخشوع يفتحون له الطريق للمرور بين صفوفهم، حيث لا يمكن تحت اي ظرف انتزاع الوازع الديني من وجدان عامة الناس، ليس فقط لان جذره عميق جدا في نفوسهم، بل لانه السلوان الاخير لبشر معذبين.
كلاسيكيات خالدة: السجين.. دراما سياسية مثيرة
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2025/02/5890-7-2.jpg)
نشر في: 13 فبراير, 2025: 12:02 ص