TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كلاكيت: الفيلم الكوميدي الذي نسعى إليه

كلاكيت: الفيلم الكوميدي الذي نسعى إليه

نشر في: 13 فبراير, 2025: 12:05 ص

 علاء المفرجي

لم تكن قائمة الأفلام العراقية تخلو يوماً من نوع الأفلام الكوميدية، فقد إزدهر هذا النوع من الأفلام بشكل خاص في سنوات الثمانينات، من خلال عدد من الأفلام، مثل: 6على 6، فايق يتزوج، حب في بغداد، وغيرها، إلا أنها برغم كوميديتها إلا أنها اقتصرت على جانب واحد في صناعة الكوميديا، وهو جانب إضحاك المشاهد من دون القدرة على إرسال بعض الرسائل القوية، التي يصعب الحديث عنها في بعض الحالات، لكنها تكون مخفية على شكل طريف أو نكتة أو موقف مضحك.
والسبب في كون هذه الأفلام متوافرة على هذا الجانب فقط، دون غيره، كانت له أسبابه الموضوعية، التي منعت كتاب ومخرجي هذه الأفلام أن يخوضوا في الكوميديا بكل جوانبها، وربما كان بسبب الطبيعة السياسية لتلك الفترة، و(أعني بها الثمانينات)، فتلك الفترة أجبرت بسبب قسوتها، وقسوة رقابة المؤسسات المعنية بالفن، جميع الفنانين، وليس مخرجي وكتاب السينما فقط، على الركون لسطوة سيف ديمقليس المسلط على رقابهم، فكان البعض - وهم قلة - يتحايل على شروط الرقابة، وإن على حساب القيمة الفنية لما يقدمه، فيما البعض الآخر يلجأ إلى تقديم أعمال أشبه بالنكتة، لا تسعى إلا إلى إضحاك المتلقي، وبالتالي يحسب العمل في قائمة الكوميديا للتوثيق تاريخياً.
المتلقي ليس بالضرورة أن يكون بحاجة إلى (النكتة) كي يضحك، فربما ما يضحكه أكثر من ذلك طرافة الموقف، أو ربما عبثيته، ليخفف آلامه مما يعانيه في الحياة وما يواجهه من مشاكل. فغالبية الأفلام التي أنتجتها السينما العراقية لم تلتزم بهكذا منهج، برغم أن ذلك كان الوسيلة الأنجع للتحايل على الرقابة وأفانينها، وقد كان فنانو المسرح العراقي الأمهر في استخدام مثل هذا النهج، كما فعل المخرج حيدر منعثر، والكاتب علي حسين.
وإذا ما تحدثنا عن الأفلام العراقية بعد 2003، فإنها لم تستطع تجاوز العقبات التي وقفت في طريق الكوميديا في السنوات التي سبقتها، برغم فضاء الحرية المتاح، وتغاضي المؤسسات المعنية عن ذلك، وإن كان، وبحسب علمي، لم ينتج فيلم كوميدي حتى الآن، يمكن لنا أن نتحدث عنه.
فالعقدان اللذان أعقبا 2003 شهدا من الأحداث، والتفاصيل الحياتية، بل وحتى السلوك الجمعي، ما يمكن لأي كاتب سيناريو سينمائي حاذق أن يقتنص بعضاً منها لينسج عملاً كوميدياً باهراً، يضمنه نقداً مباشراً لما يحدث، وهو أيضا ما فعله فنانو التلفزيون، عندما قدموا اسكتشات وبرامج كوميدية، استطاعت أن تلبي حاجة المتلقي المتعطش، للتنفيس عما يعانيه في حياته اليومية، وهنا أشير مثلاً إلى (ولاية بطيخ)، والتي حظيت بتأثير وانتشار، لأنها كانت ملاذاً لمتلقين يبحثون عن الضحك وأيضا لينتقموا بالتشفي ممن أفسد حياتهم.
وربما يكون السبب في كتابة وإخراج أفلام كوميدية، من انبثاق مؤسسات أخرى، أخذت على عاتقها لجم من يفكر أن ينتقد، أو يبعث إشارة ما، لتناول ظاهرة ما (دينية، اجتماعية، اقتصادية)، بشكل كوميدي، بشكل أقسى من تلك الرقابة التي كانت في العهد السابق، والتي لجمت من يفكر أن ينتقد سياستها.
قلت فيما مضى أنه ليس بالضرورة اللجوء إلى ما يشبه النكتة لكي نصنع كوميديا محترمة.. فاللجوء إلى (الكوميديا السوداء)، هي أحد أهم البدائل في صناعة كوميديا تقليدية. حيث السخرية المظلمة من بين قصص وحكايات، نستطيع استثمارها كبوابة للعديد من الأفكار التي نود قولها، خاصة في ظل الكثير من الأحداث التي تعصف بهذا العالم، وبالتالي فهم أي نوع من الكوميديا يجب أن نلجأ له.. ولنا في أفلام (في بروج) لمارتن ماكدونا، بل وحتى (جراد البحر) لليوناني يورغوس لانثيموس، برغم الجدية والفنتازيا التي تطبع أفلامه، أما عندنا ما صنعه المخرج كرزان قادر في فيلم بيكاس.
فلكي نتجه إلى هذا النوع من الأفلام، في عملنا كسينمائيين، علينا أولاً أن نعي الدور الخطر الذي تقوم به الكوميديا، من سرعة تأثير، وثانياً إيجاد الفكرة التي تهم قطاعات واسعة من المشاهدين، فضلاً عن الولوج في مغامرة صنع فيلم كوميدي، والذي ربما يكون متفوقاً على بقية الأنواع الفيلمية؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram