TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الحب في زمن شرطة الأسماك

العمود الثامن: الحب في زمن شرطة الأسماك

نشر في: 13 فبراير, 2025: 12:07 ص

 علي حسين

سأظل أكرر القول، اليوم وغداً وبعد غد، بأن المحبة والتسامح وحدهما طريق للخلاص من كل هذا الخراب، الكراهية موت ودمار، ونتائجها دائماً مقابر جماعية، وأعتقد أن هذه البلاد "شبعت" من الخراب ولم يتبقّ في روزنامتها يوم لألاعيب اصحاب الصوت الواحد .
وأيضاً، سأظلّ أكرّر في هذه الزاوية الحديث عن ساحر أفريقيا نيلسون مانديلا، وباني التسامح في الإمارات الشيخ زايد، ومؤسس نهضة سنغافورة لي كوان، وعظيم الصين دينغ هسياو بينغ الذي نقل بلاده من خطب الكتاب الأحمر إلى خطب العمل والتنمية والاستقرار. ربما سيقول البعض، ما الذي يمكن لكاتب ضعيف الحال والأحوال مثل جنابي أن يضيف إلى رجال عاشوا حياتهم وماتوا وهم محبين لكل الناس، بكل ألوانهم وأطيافهم وقومياتهم ودياناتهم؟
اسمحوا لي أن أؤجل الحديث عن ما يجري من ألاعيب سياسية يتوهم أصحابها أنهم سيجعلون من العراق مدينة بلاد تنافس اليابان شرط أن لا تحتفل بالفرح، وأن نحجر على أصوات الغناء، فنحن بلاد تريد أن تشرّع قوانين لمحاصرة العراقيين، ففي لفتة كوميدية قرر مدير شرطة النجف منع بيع اسماك الجري والأخطبوط في المحافظة، وكان قبل ذلك اصدر أوامر قراقوشية بمنع اي امرأة سافرة من المشي في معظم محافظة النجف.او ان تسول لها نفسها الجلوس في احدى المكانات العامة .
‏وربما يعتقد البعض أنني احاول التشهير بمدير شرطة النجف، لكنها الحقيقة يا سادة، فحاكم النجف العسكري يصر على التدخل في شؤون المواطنين، بدلا من ان يعمل على محاربة المخدرات واشاعة الامن والاطمئنان .
فلا سمك إلا بموافقة مدير الشرطة.. مئات التقارير التي تحذر من خطر انتشار المخدرات في العراق، فماذا حدث؟.. لا شيء في هذه الدولة التي انتفضت للان على نوادي اجتماعية، لكنها تصمت، عندما يتعلق الأمر بجرائم سرقة المال العام.
في كل مناسبة بعنوان "عيد الحب" اعود لكتاب رسائل الشيخ الجليل ابن حزم، ولأنني أدرك جيداً أن البعض سيذهب بذهنه إلى الشيخ همام حمودي الذي اعتبر عيد الحب من الكبائر، فأحب أن أخبركم بأن ابن حزم سطر لنا كتاباً في أحوال المحبين لم يعرف مثله، رقة وعذوبة، وصراحة هو "طوق الحمامة" وفيه يقول "الحب – أعزك الله – أوله هزل وآخره جد، دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف، فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة، وليس بمنكور في الديانة، ولا محظور في الشريعة"، وهذه العبارة حتماً لم يقرأها الذين يعتبرون الاحتفال بهذا العيد رجس من عمل الشيطان.
ولأننا نعيش اليوم أجواء عيد الحب، فقد تذكرت ما كتبه شاعر فرنسا الكبير أراغون الذي كتب لمحبوبته إلزا "إنهم لا يصدّقون قولي عن الحب برغم هذا الذي أُعانيه".
في النهاية أتمنى أن نحتفل جميعاً بعيد حبّ العراق.. ولتذهب إلى الجحيم كل فتاوى ساستنا ووصاياهم، فنحن بدون المحبة والتسامح سنعيش حتماً في ظلام وخراب مع مسؤولين مصرّين على أن يورثونا "قمقم" ابراهيم الجعفري الذي نفتقده في مثل هذه المناسبات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Khalid muftin

    منذ 10 شهور

    حرام اكل الجري والاحتفال بعيد الحب حرام وسرقة المال العام والاتجار بالمخدرات حلال.

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram