لم يخل بلد من بلدان العالم شرقاً او غرباً من إنتشار حافلات نقل كبيرة ومتنوعة تجوب شوارع مدنه الداخلية ، أو تربط هذه المدن بعضها مع البعض الآخر ، وهي تتألق بألوانها واشكالها الزاهية ، فمنها من تمشي على الارض المبلطة ، واخرى على خطوط السكك الحديد او تسير جواً او في ونهرٍ
ومنها التي تدار بوقود البنزين والكاز ، وثانية بالكهرباء ، وثالثة بالبخار ، اما سرعاتها ومساراتها وتوقيتاتها ، فهي محددة وثابتة ، معلنة وواضحة ويعرفها الجميع ، وأسيق لكم مثلاً ، ففي دولة المجر أيام نظامها السابق ، كانت جميع هذه الانواع موجودة وهي من الدول محدودة الموارد والامكانيات ، وكان افضل ما فيها (مترو الأنفاق) فقدكانت سرعته أثناء أوقات الدوام الرسمي تستغرق ثلاث دقائق لتقطع العاصمة المجرية (بودا بست) من اقصاها الى اقصاها وخمس دقائق ما عداها ليلاً ونهاراً ، مع ان جغرافية المدينة تشابه خارطة بغداد .. وكانت لنا تجربة عريقة مستقرة وناجحة ، وهي مصلحة نقل الركاب العامة إضافة إلى الشركات العامة والمختلطة الاخرى فقد كانت تشكل خط التوازن في معادلة شؤون النقل في قطاعيه المختلط والخاص ، من حيث التوقيعات وتغطية معظم المناطق واجور النقل ، ولفائدة الجميع ، ولكن ويا للأسف ، فقد شكل يوم الإحتلال في نيسان/2003 وتداعياته الحد الفاصل لهذه المرحلة الايجابية لهذا القطاع الحيوي ، ولتبدأ مرحلة الفوضى والتخبط والعشوائية ، فيأكل القوي الضعيف ، وبسبب السلب والسرقة والتدمير واعمال الحواسم ، اضافة الى الاعمال الحربية فقد اجهضت على كل ما هو ايجابي ومفيد من هذا القطاع وتركته قاعاً صفصفاً .. ونتمنى أن يشد على عضد البدايات المتوافقة والتي بدأت تظهر عند بواكير استعادة البلد لبعض عافيته في أمنه ونظامه السياسي العام وان تكون الجهود المبذولة لبناء دوائر وشركات وهيئات النقل قوية ومبرمجة ضمن منهجية مخططة ومدروسة من لدى مجموعة من الخبراء والمتخصصين والفنيين الميدانيين ، وأن تستنبط من تجربتنا السابقة وتجارب الآخرين ما هو اكثر نفعاً وأحدث وأفضل لشعبنا ولبلدنا ، ويا حبذا أن تشرك استثمارات القطاع الخاص لقيام شركات جمعية ومؤسسات مختلفة ، وبمشاركة المجلس المحلي للعاصمة بغداد والمحافظات.