TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: دمشق صادق جلال العظم

العمود الثامن: دمشق صادق جلال العظم

نشر في: 17 فبراير, 2025: 12:07 ص

 علي حسين

كان شاعر سوريا الكبير بدوي الجبل يشرح لجلاسه مفهومه للوطن فيقول : إنه مبني على ثلاث قواعد هي: الحرية والملكية والكرامة، فإذا كنت أعيش في وطن قضى فيه رئيسه على حريتي وداس على كرامتي وسلب ملكيتي، فماذا يستطيع العدو أن يأخذ مني وأنا لا أملك شيئاً؟ " . اتابع مثل غيري من المهتمين بالشأن السياسي ما جرى وما يجري من احداث واتذكر ان هذه البلاد بتاريخها الممتد قرونا وقرونا ستظل حتما مثلما وصفها عالم الجغرافيا الادريسي قبل ما يقارب الألف عام :" أكثر مدن الله بهجة في العالم بأسره" .
وأنا اتابع الاحداث في سوريا اتذكر فصيلة من المفكرين والكتاب السوريين الذين اغنوا حياتنا ، واشاروا بصدق الى ضرورة الحرية والعيش بكرامة وكان منهم الياس مرقص ، ادونيس وجورج طرابيشي ، ياسين الحافظ وزكريا تامر ، حنا مينه وغادة السمان ، والمفكر صادق جلال العظم الذي أثّر بجيل كامل من المثقفين ، في نقده الجريء للمؤسسة الدينية، فالكاتب الذي تخصص بالفلسفة ، وعشق الادب هو نفسه صاحب أهم كتاب عن النقد الذاتي لهزائم العرب ، حاول من خلاله تفنيد خطاب الأنظمة العربية ، التي تحولت من جمهوريات مستقلة الى طوائف وقبائل وعشائر.
كان في التاسعة من عمره حين سمع مدرس الدين يحذرهم من عذاب الجحيم، عجزهُ عن استيعاب حجم العذاب الذي سيتلقاه بعد ان يموت زاد من حيرته .
نشأ في عائلة تدافع عن التنوير والعلمانية ، كان والده جلال العظم أحد العلمانيين السوريين الداعين الى دولة مدنيّة ، ولأن المعرفة والبحث والجدل دائما ما تؤدي بأصحابها إما الى السجن او المنفى، فقد اختار العظم ان يعيش في بيروت التي فتحت أمامه أبواب النشر ليقدم خلال سنوات قليلة عشرات الكتب توزعت بين نقد الفكر الديني الذي ظلت صورته راسخة من خلال مدرس الدين الذي يدعو إلى استبدال الدنيا بدار الآخرة ، والأقرب الى عقله الفكر الماركسي الذي خصص له القسم الاكبر من اهتمامه ، وسعى الى تطبيق منهجه على الدراسات النقدية من خلال عدد من الدراسات . في تلك المرحلة المضيئة كان صادق جلال العظم ينام حالماً بعالم العدالة الاجتماعية ، لكنه يفيق على صوت المشاحنات السياسية ومعارك الرفاق .
نقرأ سيرة صادق جلال العظم ونتمنى ان لا يغيب الصوت المدني عن دمشق ، وان لا يستقوي المسؤولون الجدد بالطائفة بدلا من الوطن وان ينحازوا للدولة العلمانية التي قرأنا عنها في كتب صادق العظم ، وان لاتتحول صفة العلماني الى تهمة تؤدي بصاحبها الى الرجم .
نتذكر صادق جلال العظم لان كلماته باقية ، ونتذكره ونحن نتطلع ان تبني بلدان العرب على ثلاثية بدوي الجبل الحرية والملكية والكرامة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: محبة عراقية

العمود الثامن: بين مستشار ومستشار

العمود الثامن: فتوى المشهداني

هنري كيسنجر و"خادم الشعب"

قناطر: يومٌ خالص للسعادة

العمود الثامن: تجربة فشل!!

 علي حسين منذ صدور مذكرات الحاج إبراهيم الجعفري "تجربتي في الحكم" والذي أطلق على نفسه فيها لقب "النجاشي" تشبهاً بملك الحبشة، وهو "ملك لا يظلم عنده أحد" في الوقت الذي اجتاحت العراق أخطر...
علي حسين

كلاكيت: جين هاكمان غادر الجندية إلى الأوسكار

 علاء المفرجي عُثر على هاكمان ميتًا مع زوجته بيتسي أراكاوا وكلبهما في منزله في نيو مكسيكو، الولايات المتحدة الأمريكية. لم يُعلن عن سبب الوفاة، لكن الشرطة قالت إن الوضع "مثير للريبة بما يكفي"...
علاء المفرجي

الضربات الأميركية على الحوثيين تقرب الحرب مع إيران

ترجمة: فالح الحمراني تبدو العملية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد حركة الحوثي أنصار الله في اليمن بمثابة تحضير لهجوم شامل على إيران. وفي تصريح على موقع التواصل الاجتماعي "تروث سوشيال"، أشار رئيس...
د. فالح الحمراني

قصة إكسبو.. كنتُ شاهداً على "الشَّاهد"

رشيد الخيون لو شُيدت مدينة "إكسبو" في عصر أبي الحسن المسعوديّ (ت: 346هج)، وما حولها مِن عُمران وحياة آمنة، لذكرها في "مروج الذَّهب" مِن بناء سليمان بن داوود، لعجائبيَّة الحضارات القديمة، ظنوها شُيدت بخوارق...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram