ذي قار / حسين العامل
حذر مسؤولون وناشطون من انتهاك حقوق المواطنين والتجاوز عليهم من قبل البعض من عناصر الشرطة، فيما كشفوا عن حالات لاستخدام العنف المفرط، طالبوا بتشكيل لجنة للتحقيق ومحاسبة من تثبت ادانته بهذا المجال.
وظهر رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية في مجلس محافظة ذي قار سالم عجمي مغامس الإسماعيلي في مقطع فيديوي ينتقد فيه أداء قوات مكافحة الشغب واستخدامهم العنف المفرط تجاه الباعة المتجولين في سوق الهرج في الناصرية.
وقال في المقطع الذي تابعته (المدى): "انا وجميع اخواني في مجلس المحافظة ندعو الى ضبط الامن والاستقرار في محافظة ذي قار وتطبيق القانون ومحاسبة المسيئين"، مضيفا: "لكن ليس معنى هذا ان نسمح للقوات الأمنية وخاصة أجهزة مكافحة الشغب باستخدام القوة المفرطة ضد المواطنين وانتهاك حقوقهم المشروعة".
وروى الإسماعيلي مشاهداته لحالات العنف اتجاه المواطنين التي حدثت في أحد الأماكن العامة قائلا "انا بأم عيني شاهدت المجموعة التي كانت تقوم برفع التجاوزات في سوق الهرج وهي تعتدي على الكثير من المواطنين وتنتهك حقوقهم وهذا في الحقيقة امر مرفوض وغير مقبول".
وطالب رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بتشكيل لجنة للتحقيق وتشخيص المقصرين وتقديمهم الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل".
ولفت الى، ان "المواطنين في ذي قار لا يستحقون استخدام هذه الأساليب غير الحضارية "، وخلص الى القول " نحن مع تطبيق القانون لكن مع ضمان حقوق المواطنين في ذي قار".
وفي اتصال هاتفي مع (المدى) قال الإسماعيلي: "تلقينا اتصالا من المواطنين بان هناك حالات تجاوز واستخدام القسوة وانتهاك لحقوق الانسان اثناء حملة رفع التجاوزات فتوجهت على إثر ذلك الى المكان المقصود فشاهدت حالات انتهاك تؤكد ذلك"، مضيفا ان "استخدام العنف وانتهاك حقوق الانسان مرفوضة رفضا قاطعا اتجاه أي فرد وكل من يثبت انتهاكه لتلك الحقوق يدان وفق القانون".
ولفت الى ان "السلطات الواسعة قد تؤدي الى انتهاك حقوق الانسان "، مستدركا ان "حياة الانسان وكرامته يجب ان تكون محفوظه حتى وان كان مخطئا وان محاسبته ينبغي ان تكون وفق ما رسمه القانون لا عبر استخدام أساليب مرفوضة". وكشف الإسماعيلي عن "إصراره على متابعة ملف حقوق الانسان وعرض الانتهاكات عبر مجلس المحافظة لاتخاذ الإجراءات المناسبة بصددها"، مشيرا الى ان " الانتهاكات لا تقتصر على ما يقوم به عناصر الشرطة اثناء رفع التجاوزات وانما هناك انتهاكات أخرى في داخل السجون". من جانبه، أعرب مدير مكتب مفوضية حقوق الانسان في ذي قار داخل عبد الحسين المشرفاوي عن قلقه من استخدام العنف عند تطبيق القانون.
وقال المشرفاوي في حديث لـ(المدى)، "نحن مع تطبيق القانون على ان يكون التطبيق ضمن المعايير التي تضمن حقوق الانسان ولا تنتهكها"، مشددا على أهمية احترام مبادئ وحقوق الانسان وعدم انتهاكها تحت أي ظروف".
وحذر المشرفاوي من ان "سوء استخدام السلطة واستخدام القسوة والعنف عند تطبيق القانون قد يعيد المحافظة الى المربع الأول".
وفي غضون ذلك سرت اشاعات حول اعتقال الإسماعيلي وحمايته اثناء تصديهم لعناصر الشرطة الذين يستخدمون القوة اتجاه الباعة المتجولين الا ان رئيس اللجنة الأمنية في مجلس المحافظة احمد ناظم الرميض نفى ذلك مبينا ان "صفحات التواصل الاجتماعي تداولت خبر اعتقال أحد أعضاء مجلس المحافظة ذي قار ونحن بدورنا ننفي ما تم تداوله بهذا الخصوص"، داعيا وسائل الاعلام الى "توخي الدقة في هذا المجال".
ولم يكشف الرميض عن مصير حماية زميلة رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية الذين اشارت بعض المصادر الى اعتقالهم، غير ان الإسماعيلي أكد لـ(المدى) لاحقا الافراج عن أحد افراد حمايته بكفالة بعد ان تدخل محافظ ذي قار وقائد الشرطة لاحتواء القضية. وكان مراسل (المدى) قد طرح خلال المؤتمر الامني الذي عقدته قيادة شرطة ذي قار يوم (6 شباط 2025 ) عدد من حالات الانتهاكات وحالات التعذيب التي تعرض لها ناشطون في مجال الحقوق المدنية في ذي قار اذ تعرضتا السيدتين رابحة الصريفي ودعاء الاسدي الى مداهمات بوليسية واعتقال، على خلفية نشر تعليق او بوست على مواقع التواصل الاجتماعي يعبرن فيه عن رايهن بالشأن العام ، فيما تعرض الناشط المدني مرتضى البدري الى قسوة التعذيب التي ادت الى كسر ظهره واصابته بالشلل، مؤكدا وجود مؤشرات على ان المنجز الامني تحقق على حساب اخلاقيات المجتمع.
غير ان كبار القيادات الأمنية والحكومية الذين حضروا المؤتمر لم يردوا على ما طرحه مراسل (المدى)، اذ كان وزير الداخلية ومحافظ ذي قار ورئيس محكمة الاستئناف وقائد شرطة ذي قار وكبار الضباط والمسؤولين المحليين من بين الحاضرين في المؤتمر الأمني.
وفي حديث سابق لـ(المدى) يصف أحد شهود العيان المداهمة الأمنية التي تعرض لها منزل الناشطة رابحة الصريفي بالمروعة اذ يقول ان "المركبات التي تقل المسلحين من عناصر القوات الامنية ملأت الشارع فيما قام عدد منهم باقتحام الدار واقتياد الناشطة المذكورة الى مقر أحد الأجهزة الأمنية".
وأعرب المصدر عن استغرابه من استخدام المداهمات البوليسية لاعتقال امرأة بتهمة التعبير عن الراي"، وأضاف "كان بالإمكان ان يجري استدعائها من قبل المحكمة المختصة ان كان الامر يستدعي ويستحق التحقيق بدلا من استخدام مثل هذه الأساليب التي لا تستخدم في العادة الا عند القبض على الإرهابيين الخطرين".
ومن جانبها أعربت احدى الناشطات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة عن قلقها مما تعرضت له الناشطتين رابحة الصريفي ودعاء الاسدي من انتهاك لحريتهن وأوضحت في تصريح سابق للمدى ان " الامر بات مقلقا بسبب ما يحصل من انتهاكات لحرية التعبير "، واسترسلت "وانا اتوقع باي لحظة يتم اعتقالي، كوني ادافع عن حقوق الانسان وأصرح عن رأيي بما يحدث عبر وسائل الاعلام والسوشل ميديا".
وأعربت أوساط مجتمعية في ذي قار (مطلع شباط 2025) عن استهجانها من استخدام أسلوب المداهمات الأمنية لمنازل ناشطات عبرن عن آرائهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وفيما عدوا ذلك جزءا من سياسة التضييق على حرية التعبير، أكدوا ان انتقاد الأداء السياسي والإداري لا يستوجب صدور مذكرات قبض قضائية واستخدام أساليب بوليسية لترويع اسر الأشخاص الذين يدلون بآرائهم في هذا المجال.
وشهدت محافظة ذي قار طيلة الأشهر القليلة المنصرمة حملة اعتقالات واسعة طالت المئات من ناشطي الحركة الاحتجاجية، اذ كشفت اوساط المتظاهرين يوم (28 ايلول 2024) عن ملاحقات قضائية لعشرات المتظاهرين بدعاوى وتهم كيدية رغم مرور أكثر من 5 اعوام على مشاركتهم بتظاهرات تشرين، مشيرين الى ملاحقة 43 متظاهر على خلفية المطالبة بالكشف عن المتورطين بمجزرة جسر الزيتون التي راح ضحيتها 50 شهيدا وأكثر من 500 جريح من متظاهري تشرين في نهاية 2019. فيما تواصلت حملة الاعتقالات في الأشهر اللاحقة لتطال أكثر من 200 متظاهر نقل عدد منهم الى مراكز الاعتقال في بغداد لغرض التحقيق معهم وأفرج عنهم لاحقا.