متابعة/ المدى
بدأت تداعيات توقف المساعدات والمنح التي كانت توفرها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) تظهر على مئات المشاريع التنموية والإنسانية في العراق، وعلى عشرات آلاف المتضررين من الأزمات والنزاعات، لا سيّما النازحين الذي يقطنون المخيمات منذ سنوات.
وجمّدت الولايات المتحدة، في 20 كانون الثاني الماضي، جميع مساعداتها الخارجية باستثناء المساعدات العسكرية المقدمة لمصر وإسرائيل، في انتظار مراجعة كاملة لتحديد ما إذا كانت تتوافق مع السياسة التي يعتزم الرئيس دونالد ترامب اتباعها، كما استثنيت المساعدات الغذائية الطارئة التي يُفترض أن يستفيد منها قطاع غزة بعد اتفاق وقف إطلاق النار.
وتدير وزارتا الخارجية والدفاع، إلى جانب الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، حزمة كبيرة من المشاريع في العراق، وساهمت خلال السنوات الماضية في إحداث فارق كبير بمختلف القطاعات، وعلى رأسها البنية التحتية، خصوصاً في مناطق شمالي وغربي العراق، وهي المناطق الأكثر تضرراً من الحروب التي شهدتها البلاد خلال العقدين الماضيين.
ويذهب جزء من أموال هذه المساعدات إلى وكالات ومنظمات محلية بهدف تنفيذ أنشطة ومشاريع، من بينها مشروعات خاصة بالطفولة، وتمكين النساء في مناطق الصراع، ودعم الناجيات من الحروب، إضافة إلى مشاريع إدماج النازحين، والإشراف على نقلهم من مخيمات إلى أخرى، أو إعادتهم إلى مناطقهم الأصلية، ولهذه المشاريع ارتباطات مباشرة مع الحكومة المركزية، ومع الحكومات المحلية في المحافظات.
وكشف مدير دائرة شؤون النازحين واللاجئين والاستجابة للأزمات في محافظة دهوك (شمال)، ديان جعفر، الأربعاء الماضي، أن قرار وقف المساعدات الأميركية “أدى إلى توقف عملية عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية، إذ كانت هذه العملية تعتمد على تمويل الوكالة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة”، مشيراً في تصريح صحافي، إلى “الفراغ الكبير الذي سيُحدثه القرار الأميركي، لا سيّما وأن 35% من المساعدات الأميركية كانت تُقدّم عبر الأمم المتحدة”.
وتزداد المخاوف من تأثر عملية إعادة النازحين من مخيم الهول في سوريا إلى مخيم الجدعة في محافظة نينوى العراقية، خصوصاً وأن الحكومة العراقية تتعاون في هذا الملف مع الوكالة الأميركية للتنمية، لإعادة إدماج هؤلاء الأفراد في المجتمع، ويبلغ العدد المستهدف نحو 27 ألف شخص يعودون على دفعات، ويخضعون لبرامج تأهيل نفسي واجتماعي تشرف عليها الوكالة الأميركية.
ويؤكد مصدر من منظمة عراقية عملت مع الوكالة الأميركية للتنمية، طلب عدم ذكر اسمه، أن “صندوق إغاثة وإعمار العراق، دفع الكونغرس الأميركي إلى تخصيص 18,4 مليار دولار منذ عام 2003، ووزعت هذه الأموال على قطاعات عدة تشمل التعليم، واللاجئين، وحقوق الإنسان، ودعم الديمقراطية، والحوكمة”.
ويوضح المصدر أن “نسبة كبيرة من هذه الأموال وصلت إلى المكاتب الاقتصادية للأحزاب العراقية، وتحديداً الدينية منها، والتي احتالت على الأمر من خلال تشكيل منظمات حقوقية ومدنية وإغاثية، وقد أثير هذا الأمر خلال فترة الاحتجاجات الشعبية في تشرين الأول 2019. وتعمل الوكالة الأميركية على دعم المنظمات المحلية وفق شراكة مع المؤسسات الحكومية، وقد استمر الدعم حتى نهاية العام الماضي. وخلال 2024، خصصت الوكالة عشرين مليون دولار لمشاريع تحسين خدمات المياه والصرف الصحي بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في خمس محافظات عراقية، وضمن خطة تمتد على مدى أربع سنوات، إضافة إلى دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة عبر شراكة مع المصرف الأهلي العراقي بتمويل قيمته 1,65 مليون دولار”.
في السياق، يؤكد نائب رئيس مركز الرشيد للتنمية في بغداد، محمود الدباغ، أن “الوكالة الأميركية للتنمية عملت منذ عام 2003، على دعم قطاعات عديدة، ورغم شبهات الفساد التي تحوم حول بعض المشاريع التي نُفّذت بدعم من الوكالة بسبب الكلفة التشغيلية التي تجاوزت 50% من قيمة التمويل من أجل إرضاء أشخاص أو جهات داخل العراق، إلا أنها لم تقطع دعمها لمنظمات الأمم المتحدة، وخصوصاً برنامج الأغذية العالمي الذي تلقى أكثر من مليونَي دولار، وللوكالة دور هام في إعادة النازحين من مخيم الهول، ضمن برنامج مشترك مع الجهات الحكومية العراقية”.
ويوضح الدباغ أنه “من الضروري إعادة الجانب الأميركي النظر بشأن قرار تجميد المساعدات، واستثناء الوكالة في العراق كي تستأنف عملها الذي يعد جزءاً من الالتزام الأخلاقي بين المجتمع الدولي والعراق للقضاء على آثار التطرف، وإعادة إدماج السكان في المناطق المحررة التي عانت من التنظيمات الإرهابية، وغيرها من الملفات الحساسة التي تغطيها برامج الوكالة”.
مشاريع إنسانية في العراق «تتعثر» بعد إغلاق الوكالة الأميركية للتنمية

نشر في: 18 فبراير, 2025: 12:05 ص