إن التحولات الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة التي طرأت على العراق بعد أحداث ( 2003) قد أفرزت الكثير من الظواهر السلبية التي دفعت بأفراد المجتمع إلى الانجرار والانسياق وراء نتاج مجتمع ما بعد الحرب بكل تداعياته وبكل ثقل الهموم التي أنهكت العراقيين بسبب تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية والخدمية في البلاد.
ومن ابرز أشكال المتغيرات المجتمعية التي كانت ناتج طرح البطالة وقلت فرص العمل هي البسطيات التي أصبحت ظاهرة تنتشر بكثرة في كل أنحاء العراق وفي كل مكان نسير فيه والتي باتت تلقى الرواج في البيع والشراء من قبل المواطنين ذلك إنها أخذت تستوعب ألاف العاطلين عن العمل والذين أغلقت في وجوههم أبواب الرزق وقد وفرت لهم فرصا للعمل وأنقذتهم من البطالة أو التسول أو التسكع في الشوارع دون جدوى . إن ما يميز هذه البسطيات ويساعد على نجاحها هو رخص أسعار المواد فيها وتنوعها وطرحها لبضائع قد لاتتوفر في المحال التجارية .يقول رؤوف مازن : انه يتفرج يوميا عند ذهابه وإيابه على البضائع التي تطرحها البسطيات في الأرض وغالباً ما يشتري منها متطلباته لأنها رخيصة وفيها مواد مفيدة كثيرة كالعدد اليدوية والكهربائيات وحتى الملابس والمواد الغذائية. وان معظم أصحابها هم من فئة الشباب الذين لم يتمكنوا من إيجاد عمل لهم وبعد اليأس ارتكنوا إلى فرش بسطياتهم ليسدوا بها قوت يومهم ويعيلوا أهلهم ونحن كجريدة ومؤسسة نشجع هذه البسطيات وندعو الجهات المعنية إلى عدم التدخل لمنعهم فهؤلاء الشباب حاصرتهم ظروف البلد وأجبرتهم على مزاولة هذه المهنة رغم إن اغلبهم من أصحاب الشهادات الجامعية إلا أنهم فضلوا العمل في البسطية بشرف على أن يبيعوا أنفسهم ووطنهم إلى الإرهاب ويسيروا مع تياره الأهوج وارتأوا لأنفسهم مهنة نظيفة رغم بساطتها ولكن مكسبها قليل.وحديث رؤوف يلقى التأييد من عبد الرحمن العلي وهو رجل متقاعد إذ يقول : إن هذه البسطيات برزت نتيجة الحاجة الشديدة وفي ظرف مؤقت يعاني فيه بلدنا من البطالة وقلة فرص العمل وهي تضم الجميع من كبار السن والشباب والمتقاعدين أيضاً الذين اضطرتهم قلة رواتبهم التي لا تقوى على مواجهة الغلاء الفاحش الموجود حالياً في السوق إلى الالتجاء إلى البسطيات .وردا على رواج عمل البسطيات أجاب نمير عبد الصاحب (30) سنة إن هذه البسطيات تدر علينا ربحاً ودخلاً لا بأس به ونستطيع من خلاله تأمين مورد لعوائلنا وكذلك توفير كل ما يحتاجه البيت من لوازم ومواد كهربائية ومنزلية ونسائية . ونحن نطالب الجهات المختصة بدلاً من مطاردتنا في الشوارع إن تعمل على إقامة أسواق كبيرة نظاميه ومسقفات في كل منطقة والساحات كثيرة وفارغة والحمد لله لتستوعب هذه البسطيات .على غرار السوق المسقف النظامي الذي بجانب سوق الثلاثاء والذي يعد خطوة ناجحة نحو الأفضل.نادية الجوراني
ومـاذا بعـد الـبسطيـات؟
نشر في: 13 فبراير, 2011: 05:19 م