السلمانية/ سوزان طاهر
في ظل أزمة مستمرة صيفاً وشتاءً، فإن قضية الكهرباء باتت معضلة تزيد من معاناة المواطن في جميع أنحاء العراق وسط غياب الحلول الحكومية الناجحة التي تنهي الأزمة من جذورها. ويبدو أن الصيف الحالي سيكون الأقسى على العراقيين، في ظل الحديث عن إيقاف تصدير الغاز الإيراني على العراق، نتيجة التهديدات الأميركية، والعقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران، والتي تمنع تعامل العراق معها بالعملة الصعبة.
وفي أربيل عاصمة إقليم كردستان يبدو أن الوضع مختلف فوزارة الكهرباء في حكومة الإقليم تتحدث عن مشروع كبير ينهي الأزمة المستعصية، ويوفر الطاقة الكهربائية على مدار 24 ساعة.
توفير الكهرباء
مدير عام ديوان وزارة الكهرباء في حكومة إقليم كردستان أردلان دوسكي أشار إلى أن وزارة الكهرباء في الإقليم أعدت خطة طموحة لتوفير خدمة كهربائية متواصلة على مدار الساعة لجميع المناطق بحلول نهاية عام 2026.
وقال دوسكي في حديث لـ(المدى)، إن "مشروع روناكي الذي يُعد نقلة نوعية بقطاع الطاقة في إقليم كردستان، وهذا المشروع سيحافظ على التسعيرة الحالية مع مراعاة خاصة لذوي الدخل المحدود".
وأضاف أن "مشروع روناكي يتميز بكونه صديقاً للبيئة، ويسهم في الحد من المخاطر الصحية، وسيعمل على توفير الكهرباء لمدة 24 ساعة".
وقد شهد المشروع نجاحاً ملموساً في مرحلته الأولى، حيث تم توفير خدمة الكهرباء المستمرة لنحو 60 ألف مشترك من خلال نظام الدفع المسبق في مناطق مختلفة، شملت سوق البالة، وعدداً من المجمعات السكنية.
وفي إطار سعي حكومة إقليم كردستان لتوفير الكهرباء على مدار الساعة، أعلنت وزارة الكهرباء مؤخراً، عن تمديد مشروع "روناكي" ليشمل ثمانية أحياء أخرى في أربيل، ما يضمن تزويد تلك المناطق بالكهرباء الوطنية على مدار 24 ساعة. وأوضحت الوزارة في بيان، أن الأحياء المشمولة بالمشروع هي (كوران، رزكاري، كردستان، بهار، كريكاران، آزادي، ماجيداوا، وراستي)، حيث تضمّ هذه المناطق أكثر من 28 ألف مشترك في شبكة الكهرباء. وفي إطار السعي المستمر لتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، أعلن رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، يوم الخميس 17 تشرين الأول 2024، عن إطلاق مشروع (روناكي) الذي يهدف إلى توفير الكهرباء على مدار الساعة في كافة أنحاء الإقليم.
ينهي الاعتماد على المولدات
من جهة أخرى، أكد الخبير في مجال الطاقة كارزان أحمد أن، مشروع روناكي سيقضي على أزمة الكهرباء، وهو مشروع مهم وحيوي، ومشابه لمشاريع أخرى، نجحت في مصر وتركيا، والأردن.
ولفت أحمد في حديثه لـ(المدى)، إلى أنه "في المعدل التقريبي فإن المواطن يدفع شهريا حوالي 100 ألف دينار شهرياً للمولدات الأهلية مقابل 4 إلى 5 أمبيرات فقط، ولا يستطيع تشغيل كمية عالية". وذكر أن "المواطن سيدفع ذات المبلغ، أو أكثر بقليل، ويتمتع بكهرباء لمدة 24 ساعة، ولن يدفع ديناراً آخر للمولدات الأهلية، وبالتالي ينتهي من أزمة كبيرة، وخانقة، في الصيف والشتاء".
وبين أن "المشروع سيراعي أيضاً البيئة، ويقلل من كثرة الاعتماد على المحروقات، خاصة من قبل المولدات التي كان لها تأثيرات سلبية".
وبحسب حكومة إقليم كردستان فإن "المشروع لن يقف عند أربيل، بل سيغطي جميع مناطق ومدن ومحافظات الإقليم، وقد حُددت بالفعل عدة أحياء في السليمانية ودهوك لبدء تنفيذ المشروع، حيث وُجهت السلطات المحلية للتعاون الكامل واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان نجاح المشروع وتوسيع نطاقه ليشمل جميع أنحاء الإقليم".
ويعتبر مشروع الكهرباء 24 ساعة بمثابة نقلة نوعية في قطاع الطاقة بالإقليم، إذ سيؤدي إلى المزيد من الحفاظ على البيئة وزيادة الوعي لدى المواطنين بترشيد استخدام الكهرباء، كما سيقضي على الدخان والضوضاء الناجمة عن المولدات، والتي تشكل مخاطر صحية وبيئية.
ولطالما عانى سكان إقليم كردستان من انقطاع متكرر للتيار الكهربائي وتذبذب جودة الخدمة، الأمر الذي دفع الحكومة إلى إطلاق مشروع روناكي الطموح والهادف إلى توفير التيار الكهربائي على مدار الساعة.
مخاوف المواطنين
مواطنون عبروا عن دعمهم للمشروع، وفي نفس الوقت أبدوا مخاوفهم من ارتفاع الفواتير، مطالبين حكومة إقليم كردستان، بمراعاة الحالة الاقتصادية لذوي الدخل المحدود.
سامان وهو مواطن من أربيل عبر عن أمله بأن ينهي هذا المشروع أزمة الكهرباء، التي عانى منها سكان إقليم كردستان لسنوات طويلة.
وأوضح في حديثه لـ(المدى) إلى أن "هنالك مخاوف من ارتفاع الأجور، ونأمل أن تراعي حكومة الإقليم، أصحاب الدخل المحدود، ويتم احتساب الأجور حسب الصرف، لأنه لدينا تخوف أن تكون الأجور مشابهة لما معمول به في المجمعات السكنية الحديثة".
وتم إطلاق المشروع بتوجيه من رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني ومن المتوقع أن يوفر الكهرباء على مدار 24 ساعة لجميع سكان الإقليم في غضون عامين. وبحسب الإحصائيات الحكومية فإن إنتاج الكهرباء في كردستان يتراوح بين 3200 و3500 ميغاواط، في مقابل ارتفاع الطلب إلى ما بين 4000 و4500 ميغاواط، ليصل إلى 6500-7000 ميغاواط مع اقتراب فصل الشتاء. وتعاني مدن إقليم كردستان من أزمة انقطاع طويل للطاقة الكهربائية خاصة في فصل الشتاء، حيث تعيش مدن الإقليم في ظلام دامس، في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، بسبب جدول القطع المبرمج، ما يزيد من معاناة المواطن.