طالب عبد العزيز
وأنت تجتاز النصف الأخير من الجسر الإيطالي قاصداً مدينة التنومة(شط العرب) يستحسن أنْ ترمي ببصرك ناحية اليمين، لترى جزيرة الصالحية، هذه القطعة الساحرة، بموقعها الاستثنائي بين شط العرب ونهر الصالحية، هذه الجغرافيا التي تكونت عبر مئات السنين من طمي النهر ،والتي تمتد طولياً حتى الجنوب، بمسافة 25 كلم، والتي تنصح جهات غير حكومية بعدم السكن فيها لأنها ستكون أكبر مشروع سياحي في البصرة والعراق، على الرغم من أنَّ البعض اتخذها سكناً بالبيع أو التجاوز لكنَّ أمرها سيؤول لا محالة الى أن تصبح واحدةً من الوجهات السياحية المهمة في المدينة .
و بما أنَّ الجزيرة ومن معها من الجزر والأراضي المحاطة بالنهرين شط العرب والصالحية خرجت تماماً من كونها أراضي زراعية لذا يتوجب على حكومة البصرة اليوم قبل الغد العمل على إيقاف بيع وشراء الأراضي تلك، والمشابهة لها، لأنها أو غير من الحكومات التي ستعقبها، ولو بعد عشرات السنين ستعمل على جعل الجزيرة مشروعاً سياحياً، فالموقع الجميل والمثير، والمحاط بالماءين، والاطلالة الاجمل على شط العرب العظيم، والأجواء الساحرة التي حظيت بها ستجبر أيَّ حاكم عاقل على الفعل هذا، وعليها(الحكومة)أن لا تكرر مأساة جزيرة السندباد السياحية، التي باتت اليوم خِربةً، وهدفاً سكنياً للمتجاوزين، والتي تعاني الامرين في إخراجهم.
خطط الحكومة في البصرة كبيرة وواعية ومستقبلية، وفي غضون السنوات العشر الماضية شهدنا مدينةً مختلفة، والمدينة اليوم ورشة بناء ومشاريع كبرى، وبما لا يغفله محبُّ لها، ومتطلع يريد أن يراها أجمل وأجمل، والمواطن البصري يقول ملء فمه بأنَّ البصرة في عهد محافظها السابق، النصراوي ومن قبله شيء وفي عهد اسعد العيداني شيءٌ آخر. لذا، ومن باب مشاركة المواطن أيًّ كانت صفته وموقعه الوظيفي أنْ يتطلع الى الصورة المستقبلية للمدينة، فما حدث في منطقة شارع لبنان كان مأساوياً، على المواطن المتجاوز، الذي تصور أنه استغفل الحكومة وعلى الحكومة التي اضطرت الى رفع تجاوزه، بالقوة، أو بالتعويض، وفي الحالين خسارة وتعطيل وضياع جهود ومال.
نرى بأنَّ تنشر حكومة البصرة خرائط مشاريعها الاستثمارية في التقاطعات، وأمام المارة، وفي الصحافة ويتم التركيز عليها في اللوحات الإعلانية المنتشرة في الساحات داخل وخارج المدينة، ففي ذلك توجيه وتوعية، وحماية لمال المواطن من العبث والضياع. وللتذكير نقول بأنَّ إحدى الحكومات المحلية في البصرة كانت قد نشرت خريطة استثمارية باسم متنزه الربيع، للمنطقة المحصورة بين مباني القصور الرئاسية في البراضعية وطريق أبو الخصيب، ومن نهر السراجي الى نهر الشعشاعي، ومعظم الأراضي والمساكن تم تعويض مالكيها من قبل الحكومة آنذاك في عقد التسعينات، لكنَّ تلكؤ المشاريع والإهمال والفساد أوقف العمل بالمشروع، الامر الذي شجّع العشرات من المتجاوزين على بناء البيوت والمحال التجارية اليوم، حتى أضطرها الى توسعة الشارع والذي نتج عنه هدم العشرات من المحال والبيوت السكنية، وبمعنى ما فأنَّ سوء التخطيط والتلكؤ في تنفيذ المشاريع يؤدي الى نتائج كارثية على المواطن والحكومة معاً.