متابعة/ المدى
بات تعطيل جلسات البرلمان، السمة الغالبة خلال الدورة النيابية الحالية، وفيما تفاقم هذا التعطيل مؤخرا، أقر نواب بهذا “الخلل” وأكدوا أنه سياق “غير صحيح” للاعتراض على جدول الأعمال، مطالبين رئاسة المجلس باتخاذ الإجراءات القانونية بحق النواب المتغيبين أو الذي يساهمون بكسر النصاب، في حين وصف مراقب سياسي هذه الدورة بأنها “الأسوأ".
ويقول النائب، وعضو جبهة نواب الوسط والجنوب، رائد المالكي، إن “تعطيل جلسات البرلمان هو بسبب خلافات حول إقرار بعض القوانين، وهذا أمر لا يجب استمراره".
ويضيف المالكي، أن “النواب متواجدين في مبنى البرلمان، ولكن لا يدخلون للجلسات التي لم تعقد”، مبينا أن “عمر مجلس النواب بدأ بالعد التنازلي ويجب حسم القوانين المهمة المطروحة خلال هذه الدورة، لما فيها من حقوق يجب الايفاء بها للمشمولين بها".
ويتابع أن “هذه السنة الرابعة والأخيرة من عمر البرلمان، والقوانين المتبقية هي قانون خدمة وتقاعد الحشد الشعبي وقانون الخدمة المدنية وسلم الرواتب، إضافة لقوانين موجودة في لجان التعليم العالي والقانونية والصحة والبيئة".
ويؤكد أن “مختلف الشرائح تنتظر من البرلمان عمل جاد لحسم القوانين المتأخرة ولعل من أهمها هو ضرورة التصويت على نظام المحاولات للطلبة وقوانين تخص عمل النقابات، وهي جميعها مهمة ولا يجب تعطيلها بطريقة عدم الحضور ودخول القاعة، بل يجب عقد الجلسات وإبداء الآراء”، مؤكدا آنه “يمكن للمعترضين المطالبة برفع أي فقرة من جدول الاعمال وهي طريقة أفضل من تعطيل الجلسات بالكامل".
ويعتبر المالكي، أن “تعطيل عمل البرلمان لا يجب استمراره من قبل كتل سياسية معينة هنا وهناك، وعلى رئاسة البرلمان اتخاذ إجراءات بحق المتغيبين حسب النظام الداخلي لإعادة الجلسات للانتظام “، مؤكدا أن “التصويت يجب أن يتحول للالكتروني وهو أمر بغاية الاهمية لحسم الجدل الحاصل في التصويت على القوانين والتشكيك بالأعداد المصوتة".
ويحمل النائب رئاسة البرلمان “مسؤولية ما يحصل ويجب اتخاذ موقف حاسم إزاء ما يجري من تعطيل متعمد لانعقاد الجلسات".
وأخفق مجلس النواب، يومي الأحد والإثنين، بعقد جلساته المحددة، بسبب كسر النصاب واعتراض النواب على بعض القوانين الواردة في جداول الأعمال، رغم أنها كانت تضم قوانين تهم شريحة الطلاب ومعادلة الشهادات.
وخلال الفترة الماضية، شهدت جلسات البرلمان الكثير من التلكؤ، وخاصة بعد تمرير القوانين الجدلية في سلة واحدة، وحتى قبلها كانت الجلسات تشهد كسر النصاب احتجاجا على تمرير القوانين. ووفقا للنظام الداخلي، فأن السنة التشريعية للبرلمان من المفترض ان تعقد فيها 64 جلسة، مقسمة بواقع 32 جلسة في كل فصل تشريعي، إلا أن البرلمان لم يحققها.
من جانبه، يبين عضو اللجنة القانونية النيابية، محمد الخفاجي أن “هناك فقرات وقوانين مهمة جرى تأخيرها ورفع الجلسة التي تحددت في اليومين الماضيين لعدم تحقق النصاب، وهذه الطريقة لا يجب استمرارها”.
ويكشف الخفاجي، أن “الأسباب المشخصة لتأجيل الجلسات، أبرزها عدم وجود اتفاق على إدراج قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي”، مبينا أن “السبب الآخر هو وجود خلاف حول تشريع قانون مجلس الاتحاد والاعتراض على صيغة القانون، علما انه تم رفعه من جدول الاعمال الأخير".
ويؤكد أن “تعطيل الجلسات مستمر رغم أن الجميع يعلم بأن الاعتراض أو كسر نصاب الجلسات يستوجب الحضور وعدم دخول الجلسة، وليس التغيب وعدم الحضور للمجلس أصلا لأنه يمكن رفع الفقرة المُعترض عليها أو يتم إضافة الفقرة المطلوبة لتمضي الجلسة بسلاسة وتناقش بقية فقراتها”. ويعبر عضو اللجنة “عن أسف كبير لما يحصل في المجلس، حيث يجب على الشعب معرفة وفرز الجهات التي تعطل القوانين والجلسات بشكل عام والتأثير على العمل الرقابي والتشريعي لمجلس النواب".
وما يزال قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي، يثير الجدل، وموضع مباحثات بين الكتل السياسية، ولا سيما سن التقاعد القانوني، حيث سرت أنباء أن إقراره يعني إحالة رئيس الهيئة فالح الفياض للتقاعد، وهو أمر غير متفق عليه سياسيا، كما نفى الإطار التنسيقي وجود نية لتغيير الفياض.
ولم تشهد الدورة الحالية لمجلس النواب العراقي حتى الآن، سوى عدد محدود من الاستضافات كاستضافة وزيري الداخلية والاتصالات، وهذا يعتبر قليلاً مقارنة بالدورات الأربع الماضية للبرلمان، التي شهدت الكثير من الاستضافات للوزراء.
إلى ذلك، يبين عضو لجنة النفط والغاز النيابية، باسم الغريباوي، أن “تعطيل جلسات البرلمان عمل مضر بالمصالح العامة وتخريب للعمل التشريعي واستمراره”.
ويلفت الغريباوي، إلى أنه “رغم وجود قوانين وقرارات مهمة على جدول أعمال مجلس النواب، إلا أن التعطيل المستمر بسبب التوافقات السياسية والاعتراضات غير المبررة حال دون انعقاد الجلسات”، مضيفا أن “هذا التعطيل يعيق إقرار قوانين مصيرية ينتظرها المواطنين منذ فترة طويلة، ومنها إعادة العمل بنظام المحاولات للطلبة، وتقرير اللجنة النيابية المؤقتة للحفاظ على أملاك الدولة، وقانون مجلس الاتحاد، وقانون المختارين".
ويتابع أن “الكثير من نواب الوسط والجنوب ليسوا جزءا من هذا التعطيل ولا يؤيدونه بأي شكل من الأشكال وأعلنوا ذلك بشكل واضح”، مؤكدا أن “هناك مسؤولية شرعية وأخلاقية وقانونية على الجميع، ورئاسة المجلس مطالبة باتخاذ الإجراءات اللازمة لعقد الجلسات بانتظام ومحاسبة المتغيبين".
ويشير إلى أن “الكتل السياسية مطالبة بتحمل مسؤولياتها أمام الله وأمام الشعب، والإسراع في إقرار القوانين والقرارات المهمة”، مضيفا أن “مجلس النواب يجب أن يأخذ دوره بفعالية، لان توقف عمله يعني تعطيل مصالح المواطنين".
وتوصف حصيلة مجلس النواب العراقي في تشريع القوانين وإنجاز الأعمال الرقابية بالضحلة، حيث لم يتمكنّ المجلس سوى من تمرير عدد محدود من التشريعات بعضها هامشي وقليل الأثر على واقع البلاد وسكانه إن لم يكن ذا تأثير عكسي باتجاه إضعاف وحدة المجتمع وإذكاء النعرات الطائفية والعرقية داخله.
وتأخذ محاولة تمرير أيّ قانون من قبل البرلمان مددا زمنية طويلة بسبب كثرة الجدل والخلافات التي تدور عادة على خلفية مصالح الجهات الممثلة في البرلمان وتوجهاتها وانتماءاتها العرقية والطائفية.
فيما يرى المحلل السياسي، واثق الجابري، أن “الدورة النيابية الحالية ربما هي الاسوأ بين الدورات السابقة بشكل عام، بالنظر لتعطل عملها نتيجة الخلافات والتقاطعات”.
ويؤكد الجابري، أن “توقف عمل البرلمان ومقاطعة النواب للجلسات هو نتيجة لخلافات الكتل السياسية وما يحصل يتحمله رئيس البرلمان لعدم اتخاذ إجراءات صارمة بحق المتغيبين".
ويستطرد أن “رؤساء الكتل السياسية عليهم مسؤولية ضبط وحضور النواب لمناقشة القوانين المهمة وإبداء الرأي، وليس المقاطعة بشكل مطلق”، معتبرا أن “هذه الدورة البرلمان توصف بالأسوأ لقلة تشريعاتها واجتماعاتها ومراقبتها واستجواباتها".
ويوضح أن “بعض النواب وكتلهم يحاولون استغلال الممارسات الديمقراطية بمقاطعة الجلسات، وهذا غير صحيح بوجود الكثير من القوانين الجدلية المهمة الواجبة التشريع كما توجد حاجة لاستجوابات واستضافات كثيرة للمسؤولين لمراقبة أعمالهم، ولذلك فمسؤولية ما يجري يجب أن يتحملها الجميع وأولهم رئيس المجلس".
ويعد تعطل إقرار العديد من القوانين المهمة من شأنه إضعاف الدور التشريعي والرقابي لمجلس النواب، وفق ما يراه مراقبون للشأن السياسي، الذين ينتقدون لجوء البرلمان إلى مبدأ التوافقية السياسية التي أدت لتأجيل قوانين مهمة يرتقبها الشارع العراقي.