TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: عن التربية مرة اخرى !!

العمود الثامن: عن التربية مرة اخرى !!

نشر في: 24 فبراير, 2025: 12:06 ص

 علي حسين

مرّة أخرى، الاختلاط ومطاردة الطالبات بسبب زيهن، أم تطوير منظومة التعليم والارتقاء بالمدارس والجامعات؟ تندلع الأسئلة مجدداً مع الاشتباك الدائر حالياً حول تراجع مستوى التعليم، هل نهتم بتحديث مؤسسات وزارة التربية وتطويرها وبث الحياة فيها، أم ننتظر ما سيصدر من قرارات ثورية تمنع اختلاط الطلبة في المعاهد، وتمنع أن يقوم مدرس بتدريس الفتيات أو أن تقوم استاذة بإلقاء محاضرات على الفتيان؟، هكذا قررت وزارة التربية في إمارة طالبان العراقية، وهي قرارات تؤكد بالدليل القاطع أن مسؤولينا يسعون إلى العودة بنا لزمن طلفاح الذي أعلن إمارته الإسلامية في منتصف السبعينيات حين تسلم منصب محافظ بغداد، فقد قرر الرجل أن يطلق حملة إيمانية ابتدأها بقرار مضحك، بصبغ سيقان كل فتاة ترتدي تنورة تصل حد الركبة، ثم تفتق ذهنه الكبير عن خطة جديدة للقضاء على عملاء الغرب بأن أمر شرطته أن يجوبوا الشوارع ملقين القبض على كل من سوّلت له نفسه وأطلق العنان لشعر رأسه!
أكتب هذه المقدمة وأنا أقرأ المنشور الذي وضعته وزارة التربية وفيه تمنع وجود معاونين نساء في مدارس البنين وذكور في مدارس البنات. وقبله كان هناك قرار أن تكون الهيئات التدريسية في جميع المعاهد الأهلية من نفس الجنس (مدرسات إذا كان المعهد للبنات) و(مدرسين إذا كان المعهد للبنين)، على أن يكون دوام الطلاب في جميع المعاهد الأهلية حسب جنس المعهد ولا يجوز الدوام المختلط فيها نهائياً .
من حق وزارة التربية أن تمارس دورها في حماية الطلبة، ولكن ليس من حقها أن تنصّب نفسها مسؤولة عن أخلاق الناس وسلوكهم الاجتماعي، من المعيب أن يخرج مسؤول حكومي في القرن الحادي والعشرين وفي بلد يتشدق ساسته بالديمقراطية وحرية الشعوب ليقول لنا ممنوع اختلاط الطلبة ولا يسمح لاستاذة أن تدخل صفاً به طلاب خوفاً من أن يكون الشيطان حاضراً.
للأسف، نجد أن القائمين على أمور البلاد، ينظرون إلى التربية والتعليم باعتبارهما كماليات، زائدة عن الحاجة، لا يشغلهم التدهور الذي أصاب هذا القطاع، بل أن وزارة التربية عانت ما عانت بسبب اختيار أشخاص لا يمتون بصلة إلى قطاع التربية والتعليم، فتحولت الوزارة العريقة في النهاية إلى حقل تجارب يسعى من خلالها صاحب المنصب إلى تنفيذ سياساته الخاصة ورؤاه الشخصية على قطاع حيوي في حياة الشعوب، ومن الغريب أن نجد اثنين من وزراء التربية في عراقنا الجديد، فلاح السوداني وخضير الخزاعي، كانا يستحرمان الفنون ومصافحة السيدات.
في كل عام تتآمر علينا "الإمبريالية" اللعينة وتضع العراق في مؤخرة الدول في مجال التعليم ، وننسى للاسف اننا أصبحنا لا نفرق بين التربية باعتبارها منهجاً في تنشئة الأجيال وبين الاهواء الشخصية التي تريد أن تحول هذا القطاع إلى ساحة قرارات قرقوشية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. rick

    منذ 10 شهور

    ما رأيك في مهرجان تنظمه كلية العلوم في جامعة النهرين مخصص لتكريم من تلبس العباءة أسوة بعميدة هذه الكلية.

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: صنع في العراق

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram