TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > متطلبات نجاح قرار البنك المركزي بخصوص غسيل أموال العقارات

متطلبات نجاح قرار البنك المركزي بخصوص غسيل أموال العقارات

نشر في: 25 فبراير, 2025: 12:01 ص

علي الشرع

قرار البنك المركزي الاخير بخصوص الزام المشتري ايداع مبلغ شراء العقار الذي يصل ثمنه الى 100 مليون دينار فأكثر سيفشل في تحقيق هدفه، اذا لم يعزز بمتطلبات اضافية لضمان نجاحه. وقد ذكرت في مقال لي صحيفة محلية الأسبوع قبل الماضي ان هذا القرار لن يقود الى خفض أسعار العقارات كما يظن الناس، مع أنه بث روح الامل لدى الراغبين في الحصول على منازل بسعر مخفض، لكنه بالمقابل نشر الخوف في نفوس مالكيها. والحقيقة أن أسعار العقارات لن تنخفض الا اذا زاد عرضها، ولن تنزل أسعارها بغير ذلك الا اذا تصورنا حالة متطرفة وغير واقعية وهي ان عدد العقارات الحالية المشتراة بغسيل الأموال يتجاوز النصف من مجموع العقارات، فاذا انخفضت أسعارها بغية التخلص منها مثلاً فستنخفض معها أسعار بقية العقارات في السوق، وفي هذه الحالة سوف يستفيد المواطن. لكن هذا لن يحدث؛ لأن هذا اتهام صريح للمواطنين انهم كلهم او غالبيتهم سراق، والامر ليس كذلك بالطبع فقد لا يتجاوز من استولى على المال العام بغير وجه حق سوى اقل من 10% على اكثر التقديرات (وهذه النسبة تمثل نسبة الموظفين الى عدد السكان اذا أراد احد أن يوجه اصبع الاتهام نحوهم كون الموظفون في مؤسسات الدولة هم الفئة الأكثر عرضة للتلاعب بالمال العام والاستيلاء عليه مع أن هذا القول بحقهم كلهم ظلم كبير فهناك موظفون نزيهون والأقلية منهم يمكن ان تكون متهمة بنحو او أخر).
وفي الواقع لم يكن الهدف من هذا القرار الا الحد من غسل الأموال التي تدفقت ولازال تتدفق الى سوق العقارات وقاد الى ارتفاع أسعارها بشكل جنوني. وحتى اذا كان الهدف من هذا القرار هو تخفيض أسعار العقارات وليس غسل الأموال فقط فأنه لن ينجح نظراً لوجود عائق مهم يقف في طريق نجاح تطبيقه وهو أن طرفاً أساسياً في تطبيق هذا القرار هو المواطن الذي ينظر بعين الريبة الى الجهاز المصرفي. واغلبية المواطنين تحجم عن التعامل مع المصارف التجارية لوجود مشاكل عديدة تتعلق بعملية سحب الأموال المودعة فيها حال طلبها. فهو يخشى ان لا يتمكن من سحبها كلها فوراً عندما يطلبها باعتبارها وديعة جارية يفترض ان يكون قادراً على سحبها في أي وقت يشاء. والحوادث السابقة التي جرت في القطاع المصرفي تؤكد هذه المخاوف وهي ان المصارف التجارية قد تؤخر هذا الدفع بحجج عديدة منها عدم توفر سيولة كافية كي يصرف المبلغ دفعة واحدة فيقوم بتجزئتها، او يشترط على المودع أن يقوم باخطار المصرف قبل مدة لسحب مبالغ كبيرة تصل الى 100 مليون دينار مثلاً، والمواطن لا يصبر على ذلك وهذا حقه.
ولتجنب بروز مثل هكذا مخاوف للمودع التي من دون شك ستحبط قرار البنك المركزي ويصبح عديم القيمة لابد أن يقوم البنك المركزي باصدار تعليمات إضافية ملحقة بهذا القرار يلزم فيها المصارف التجارية بفتح حساب خاص للتعامل بالعقارات يودع فيها المشتري المبلغ المطلوب حالما تصل المعاملة الى مرحلة الدفع او قبلها، ولا يسمح للمصرف التصرف بالاموال المودعة في هذا الحساب او التخلف عن صرفها لمستحقها وهو البائع، مع ضرورة تطمين المشتري والبائع على حد سواء أن هناك ضمان كامل من البنك المركزي للمبلغ في حال تخلف المصرف التجاري او تلكأ عن السداد الفوري. وهذا الضمان يمكن تنفيذه ببساطة من دون ان يتحمل البنك المركزي أية تكاليف في حال تأخر المصرف التجاري المودع فيه المبلغ في عن دفعها الفوري حيث سيقوم البنك المركزي باستقطاع المبلغ من ودائع المصرف التجاري لديه ودفعها للبائع من خلال نافذة للصرف تفتح في احد المصارف الحكومية. ويجب ان لا يكتفي البنك المركزي بذلك بل يجب ان يفرض عقوبات على المصرف التجاري المعني تقلل من تقييمه في حال طلب قروض او نحوها من التسهيلات من البنك المركزي مستقبلاً.
وهنا لابد من قيام البنك المركزي بوضع الية تسهل عملية الاتصال به من قبل الاطراف المتعاملة في بيع وشراء العقارات يشرف عليها البنك المركزي ويشارك فيها معه كل من دائرة التسجيل العقاري والجهة التي تتحقق من مصادر الاموال التي يجب ان ترسل اشعاراً للمصرف المودع فيه المبلغ ان يدفع للبائع فور إتمام المعاملة ومن دون تأخير. وحتى لا يحصل تعطيل لمعاملة البيع قد تثبط الناس من التوجه للتعامل المصرفي لابد من استغلال الفترة الزمنية اللازمة لانجاز المعاملة للتحقق من مصادر الأموال بحيث يمكن انجاز معاملة البيع في فترة قياسية اسرع من السابق قبل اصدار هذا القرار مما يشجع الناس على البيع والشراء عبر هذه الطريقة.
ومن اجل التحقق من مصادر الأموال لا نجد حاجة من طلب فواتير او ادلة عن كيفية جمع هذه الأموال؛ لأن هذه مهمة سيكثر فيها الاحتيال ولن يشتري احد عقاراً بعد اليوم (قد يزداد الطلب على الشقق السكنية التي سعرها اقل من 100 مليون دينار، فتزداد اسعارها وتحدث ازمة جديدة تحرم الناس من السكن اللائق). وكحلّ بديل متاح هو العودة الى تاريخ المشتري حتى قبل سقوط النظام وتدقيق سجله الضريبي والمهني (بل والجنائي) (وعدد افراد اسرته اذا لزم الامر) للتعرف على كيفية كسب دخله، وفيما اذا كان موظفاً ام لا، ومقارنة دخله الحالي بقدرته على شراء عقار يفوق 100 مليون دينار؛ لأن الشخص العادي (موظف، او يعمل في مهن بسيطة) لا يمكن ان يستدين من اشخاص اخرين مبالغاً تفوق 100 مليون دينار لا تتناسب مع قدرته على السداد في فترة قصيرة. ولتسهيل هذه العملية لابد من اجراء الربط الالكتروني بين كل الجهات أعلاه لغرض الكشف عن الوضع المالي للمشتري

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: جوبز ولعبة التصريحات

العمود الثامن: صيف المالكي

العمود الثامن: تزوير ترامب !!

صمت!

العمود الثامن: مستشار كوميدي!!

العمود الثامن: نشيد عالية وأخواتها!!

 علي حسين في العام 1965 قرر رئيس وزراء ماليزيا آنذاك، تونكو عبد الرحمن، أن يطرد سنغافورة من الاتحاد الماليزي، في ذلك الوقت سأل أحد الصحفيين رئيس وزراء سنغافورة ماذا سيفعل؟ كانت الجزيرة بلا...
علي حسين

باليت المدى: من يتذكر سعيد شنين؟

 ستار كاووش من سنحت له فرصة متابعة الفن التشكيلي العراقي بشكل جيد، سيعرف لماذا أتساءل عن سعيد شنين، هذا الفنان الذي كان في الثمانينيات يملأ الوسط الفني بجمال خطوطه وقوة تكويناته المبتكرة وإحساسه...
ستار كاووش

الذين يتمسحون بأذيال السيستاني

غالب حسن الشابندر وأنت متوجِهٌ إلى الكرادة الشرقية ـ داخل بمقدمك من الباب الشرقي تستوقفك لوحة كبيرة قد عُلّقت على أحد أعمدة الكهرباء المنتصبة قبال جامع الجندي المجهول... لوحة مزدانة بإطار تمّ إختياره من...
غالب حسن الشابندر

ماذا تبقى من القانون الدولي؟

إيريك بوسنر ترجمة: عدوية الهلالي وعلى مدى أسابيع،هاجمت إسرائيل سوريا مراراً وتكراراً، فدمرت منشآت عسكرية واحتلت أراضٍ، في انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة، الذي يحظر استخدام القوة العسكرية ضد الدول الأجنبية إلا في حالة...
إيريك بوسنر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram