TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: مستشار كوميدي!!

العمود الثامن: مستشار كوميدي!!

نشر في: 26 فبراير, 2025: 12:07 ص

 علي حسين

عندما كان الرجل النحيل بكتفيه الهزيلتين يقف على خشبة المسرح، يذهل الجمهور بتلقائيته التي تخفي وراءها أحزان انسان تعرض للكثير من الإهمال والنسيان، حاول أن يعوضه ببث الضحك على المسرح. كان جعفر لقلق زاده يقتبس من الفرنسي موليير بعض المشاهد الساخرة التي قرر من خلالها أن ينسي المتفرجين أنهم يعيشون المأساة كل يوم.. وهي المأساة نفسها التي نعيشها اليوم في زمن "المستشارين "، فما أن يقودك حظك العاثر لمشاهدة أي فضائية عراقية حتى يخرج عليك احد المستشارين يحاول ان يقلد الراحل جعفر لقلق زاده ، وينسى ان الممثل الراحل كان يتقن فن السخرية بحركات صادقة ، بينما المستشار للاسف ضاع منه الصدق في حركات مضحكة . اليوم نعيش في الدولة صاحبة الاكثر عدد من المستشارين الذين يتجولون في المنطقة الخضراء ، لنعيش معهم عصر الكوميديا السوداء بعدما عشنا مع سليم البصري ومن قبله جعفر لقلق زاده عصر الكوميديا النابعة من القلب .
يعيش المسؤول في عالم من الوهم ينسجه له المستشارون من حوله.. ويتوهم أن سنين جلوسه على كرسي المسؤولية فترة ازدهار ، اليوم نحن نعيش في بلد المستشارين ، البعض منهم لم يبلغ سن الفطام السياسي فنجدهم بلا واجبات ولا مسؤوليات تجاه هذا الشعب.
عندما يتقدم مواطن لطلب وظيفة بسيطة مثل أحواله، سيُطلب منه أن يملأ استمارة عن عائلته وخبرته ومؤهلاته، وسيرته، لكن لا احد يسأل عن الكفاءة عندما تتعلق القضية بتعيين مستشار .
إن نيل المكاسب هو القيمة التي تسود ويعمل على شيوعها وتعميمها أولئك الذين يعتبرون الولاء بديلاً للخبرة والمعرفة والوطنية، ومع أن هذا الولاء قد يرتدي قناع الحزب الذي يصنعه الحاكم أو يستخدمه لتصنيع نفسه، وليس من المستغرب أن يرى المسؤول الفاشل أن القرابة او الصداقة هي الضمان الأول للولاء، ولهذا يكون أقرباؤه واصدقاؤه هم حاشيته وهم أول المستفيدين، تعمل الحاشية على إيهام الحاكم بأنه محبوب من الجماهير ومجده يصدق إنه كائن مطلق العبقرية، يعرف كل شيء. وهو لا ينتقي للناس ما يناسبها بل ما يريد لها. ولا يسألها رأيها في حياتها بل يفرض عليها الحياة التي يريد.
في البلدان التي تسعى للمستقبل يؤدي المستشارون أدواراً أساسية في تحديد سياسة الدولة، فالرئيس ومعه رئيسا الوزراء والبرلمان والوزراء يصغون الى مستشاريهم، حتى أن الخطط والسياسات ترتبط باسماء المستشارين من أمثال ريجيس دوبريه، ، وجاك اتالي، وفوكوياما، الذين يقدمون خبراتهم لخدمة الدولة، وكان ديغول يستشير أندريه مالرو وفرانسو مورياك وبول فاليري، ولهذا أنا أشعر بالخيبة كلما أشاهد مستشار من على شاشة احدى الفضائيات ، واتذكر أننا نعيش عصر " عالية نصيف "

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram