بغداد/ حيدر هشام
في خطوة طال انتظارها، أعلنت الحكومة العراقية عن النتائج النهائية للتعداد العام للسكان 2024، والتي كشفت عن العديد من الحقائق الهامة حول التركيبة السكانية في البلاد. من بين أبرز ما كشف عنه التعداد، ارتفاع نسبة العزوف عن الزواج بين الشباب، والتي تستدعي الوقوف على أسبابها وتداعياتها المحتملة على المجتمع العراقي.
وأعلنت وزارة التخطيط، النتائج النهائية للتعداد العام للسكان، مؤكدة أن عدد سكان العراق يبلغ 46 مليونا و118 ألف نسمة.
أما فيما يتعلق بالفئة العمرية بين التوزيع السكاني في العراق أن 11.16‌% هم دون الخامسة من العمر، 24.74‌% دون سن العمل (5-14)، 60.44‌% في سن العمل (15-64)، و3.66‌% بعمر 65 سنة فأكثر.
وكشفت أحدث الإحصائيات عن ارتفاع نسبة العزوب في العراق إلى 41.6‌%، مما يستدعي تسليط الضوء على الأسباب والتداعيات المحتملة لهذه الظاهرة.
بدورها، عزت الباحثة بالشأن الاجتماعي، سمر الفيلي، ارتفاع نسبة العزوف عن الزواج من الشباب الى الظروف الاقتصادية، معتبرة الحالة الاجتماعية للفرد العراقي ليست بالمستوى المطلوب.
وتأتي هذه النتائج النهائية، لتصحح نتائج أولية كان أعلن عنها رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، في نوفمبر الماضي، أشارت حينها إلى أن عدد سكان العراق بلغ 45407895 نسمة، من ضمنهم الأجانب واللاجئون، مشيرا إلى أن النتائج تكشف دخول العراق مرحلة «الهبة الديمغرافية» بوصول نسبة السكان في سن العمل الى 60‌%.
وأضافت خلال حديثها لـ(المدى)، أن هناك عزوف من قبل الشباب عن الزواج بنسبة 41‌% بسبب الظروف الاقتصادية التي يعاني منها الشباب لعدم حصولهم على فرص عمل المناسبة التي توفر حياة زوجية مستقرة وحياة اقتصادية آمنة.
وتابعت قائلة: رغم ان العراق شهد مشاريع عمران لكن لم يحصل اغلب الشباب على فرص عمل في المشاريع الاستثمارية.
وبينت الباحثة الاجتماعية، أن الحالة الاجتماعية للفرد العراقي ليس بالشكل المناسب بالرغم من الثروات العديدة للبلاد بسبب فساد الطبقة الحاكمة وذهاب اغلب هذه الأموال الى جيوب الأحزاب.
وأكدت الفيلي: حتى الموظف الي يملك عمل أصبح غير قادر على الزواج بسبب ازمة السكن وعدم مقدرة الشاب للخروج الى منزل خاص به.
ولفتت الى أن العاصمة بغداد تشهد حملة اعمار كبيرة ولكن بالرغم من المجمعات السكنية الا ان الشاب أصبح من الصعب الحصول على وحدة سكنية في هذه المجمعات بسبب أسعارها المرتفعة وباتت حصراً لطبقة المسؤولين والأحزاب.
وتابعت حديثها: في كل دول العالم المجمعات السكنية تكون لمحدودي الدخول ومتوسطي الدخل ولكن في العراق اصبحت هذه المجمعات قضايا استثمارية للفاسدين، مؤكدة حصول حالات طلاق كثيرة بسبب مشاكل السكن.
وكان العراق قد أجرى في تشرين الثاني الماضي تعدادا سكانيا هو الأول من نوعه منذ العام 1987.
ومر العراق خلال السنوات السابقة بالكثير من المطبات والتي اثرت بشكل او بأخر على فئة الشباب بالتحديد، فمرحلة الإرهاب التي استمرت قرابة 20 عاما حصدت أرواح لا تعد ولا تحصى، اما حجم التأثيرات على الوضع الاقتصادي للشباب فكانت عالية جداً.
وبهذا الصدد، يرى الباحث بالشأن الاقتصادي علي دعدوش أن هذه القضية يجب أن تُعالج من خلال العرف المجتمعي بالدرجة الأولى، نظرًا لتأثيرها العميق على المجتمع والاقتصاد.
وحدد دعدوش، خلال حديثه لـ(المدى)، الاثار الاقتصادية لارتفاع نسبة العزوف عن الزواج، مستدركاً ان هذا الامر يؤدي الى انخفاض معدل الخصوبة والنمو السكاني، وهو ما قد يؤثر على النمو السكاني المستقبلي، مما يؤدي إلى نقص في القوى العاملة وارتفاع نسبة الإعالة.
وأشار الى نقص القوى العاملة سيقلل من الإنتاجية والنمو الاقتصادي، وارتفاع نسبة الإعالة يزيد الضغط على الموازنة العامة (زيادة الإنفاق على المعاشات التقاعدية والرعاية الصحية لكبار السن).
واضاف، أن العزوف عن الزواج يؤدي إلى انخفاض الطلب على المساكن العائلية الكبيرة، وزيادة الطلب على المساكن الصغيرة، وهو ما قد يؤدي لانخفاض الطلب على المساكن العائلية على الاستثمار في قطاع العقارات.
«قد يواجه الشباب غير المتزوجين صعوبة في الحصول على التمويل اللازم لبدء مشاريعهم الخاصة، حيث قد يعتبرهم المقرضون أقل استقرارًا ماليًا»، بحسب دعدوش.