ترجمة/ عدنان علي
خلال جلسة عقدتها الجمعية الوطنية الباكستانية مؤخرا، أعرب زعيم جمعية علماء الإسلام فضل، مولانا فضل الرحمن، عن قلقه إزاء ضعف سلطة باكستان في بلوشستان. وعقد مقارنة بأحداث 1971 ، عندما اسفرت حرب تحرير بنغلاديش عن انفصال شرق باكستان وانشاء بنغلاديش في 16 كانون الأول من ذلك العام. وأشار فضل الرحمن الى العديد من المناطق في بلوشستان، ربما خمس الى سبع، قد تكون معرضة لخطر الانفصال عن باكستان. وأضاف ان مثل هذا السيناريو، قد يعترف المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، بهذه المناطق على انها مستقلة. ويتناقض هذا الرأي مع التصريحات الرسمية الصادرة عن الحكومة الباكستانية، التي تؤكد ان بلوشستان تظل مستقرة، آمنة. وأشار فضل الرحمن أيضا الى ان الجماعات المسلحة في المقاطعة يبدو انها تكتسب نفوذا، في حين تتضاءل سيطرة الدولة.
وقد سلط رحمن الضوء مرارا وتكرارا على تدهور الظروف الأمنية في بلوشستان وخيبر بختونخوا. تاريخيا كان يؤيد التدابير الأمنية التي تقودها المؤسسة العسكرية في بلوشستان، رغم انه يشكك الان في فعاليتها. وتؤكد أعمال العنف الأخيرة مخاوفه. ففي الأسبوع الماضي قتل أربعة من افراد الامن وجرح ثمانية في هجمات على نقاط تفتيش لحرس الحدود والجنود في منطقتي كالات وكيش خلال فترة 24 ساعة، وفي الأول من شباط 2025، اسفرت الاشتباكات في منطقتي هارناي وكالات عن مقتل 18 جنديا باكستانيا و23 فردا وصفتهم السلطات بانهم «ارهابيين» اثناء العملية الأمنية.
وبحسب ما ورد تكثفت العمليات الأمنية في بلوشستان، ويرجع ذلك جزئيا الى الضغوط من الصين، الشريك الرئيسي في مشاريع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، بما في ذلك ميناء جوادر. ومع ذلك، زعم رحمن ان سلطة الدولة لا تزال ضعيفة في أجزاء من بلوشستان وجنوب خيبر بختونخوا، مشيرا الى نقاط تفتيش الشرطة المهجورة ووجود جماعات مسلحة في بعض المناطق. ويدعم تقرير الامن الباكستاني السنوي لعام 2024، هذه الملاحظات، حيث وثق ارتفاعا كبيرا في الهجمات الإرهابية في جميع انحاء باكستان. ويشير التقرير الى ان أكثر من 95 في المائة من هذه الحوادث وقعت في خيبر بختونخوا وبلوشستان، حيث شهدت بلوشستان زيادة بنسبة 84 بالمائة في الهجمات مقارنة بعام 2023. وسجل 202 حادثة في المقاطعة، أسفرت عن مقتل 322 شخصا واصابة 534 آخرين. وأفاد التقرير بان جماعة جيش تحرير بلوشستان المحظورة ارتبطت بـ 225 حالة قتل في عام 2024.
انتقد رحمن ماغ وصفه بالحكم الأحادي من قبل الجيش الباكستاني في هذه المناطق، محذرا من ان السخط العام قد يؤدي الى المزيد من عدم الاستقرار. وقال «إذا أعلن البلوش الانفصال اليوم، فقد يدعمهم الناس» مما يعكس تقييمه للمشاعر المحلية. واجه حزبه هجمات من الجماعات المسلحة، بما في ذلك تفجير انتحاري في تموز 2023 من قبل تنظيم داعش خراسان في تجمع سياسي في خيبر بختونخوا، مما أسفر عن مقتل 44 شخصا واصابة ما يقرب من 200. وتشير البيانات الصادرة عن مركز البحوث والدراسات الأمنية الى ان باكستان شهدت أكثر من 1600 حالة قتل من المدنيين وافراد الامن بسبب الهجمات الإرهابية في عام 2024، بما في ذلك ما يقرب من 250 حالة قتل لقوات الامن في بلوشستان وحدها. وتشير التقارير الى ان اعمال العنف في المقاطعة تصاعدت عقب إطلاق عملية عزم الاستقرار في حزيران 2024، وهي مبادرة لمكافحة الإرهاب بدعم من الصين.
وقد ارتبطت المظالم المحلية في بلوشستان بالوجود المتزايد لقوات الامن والافراد الصينيين المشاركين في مشاريع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، فضلا عن مزاعم سوء الإدارة السياسية. تولى رئيس الوزراء الحالي، مير سرفراز احمد بوجتي، منصبه بعد الانتخابات التي جرت في عام 2024 والتي يزعم بعض المنتقدين انها شابتها مخالفات. وواجهت إدارته اتهامات بقمع المعارضة. ودعا رحمن الى الحوار بين الحكومة وسكان بلوشستان وإقليم خيبر بختونخوا لمعالجة المخاوف الأمنية والحوكمة، مشيرا الى ان الجماعات المسلحة نشطة بشكل متزايد في المناطق الريفية والحضرية.
كما حذر رحمن من ان عدم الاستقرار المستمر قد يوقف مبادرات التنمية، بما في ذلك مشاريع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، عبر منطقة تمتد من ديرا إسماعيل خان الى بلوشستان.
وحث البرلمان الباكستاني في أيلول 2024 على التواصل مع المجتمعات المحلية لمنع المزيد من التصعيد. ولم يستجب الجيش علنا لتصريحات رحمن، رغم انه يواصل اجراء عمليات تهدف الى كبح جماح التشدد في المقاطعة. وإذا استمرت هذه التحديات الأمنية، يشير المحللون إلى ان باكستان قد تواجه صعوبات إقليمية وسياسية كبيرة في السنوات القادمة، رغم ان الوضع لا يزال متقلبا وعرضة للتطورات الجارية.