د.عماد عبد اللطيف سالم
لنترك ترامب، وما يفكّر به ترامب، وهل يستهدفنا ترامب حقّاً، ليقوم من خلالنا بـ "تنظيف" فوضاه على امتداد هذا العالم، أم هو في الحقيقةِ لا يشترينا بفلسينِ اثنينِ "بائدينِ"، حيثُ كلّ دينارٍ عراقيٍّ واحد يُعادِلُ ألف فلسٍ، وحيثُ لدينا الآن (وصدّق أو لا تُصدِّق) فئة نقديّة بخمسين ألف دينار، أي بخمسين مليون فلس(بموجب القانون النافد حتّى الآن).
لنترك ترامب، ونترك هوَسَنا به، أكثر من هوَسَهِ (المُتضَخِّم والمريض) بنفسه، ولنلتَفِت إلى البحث عن حلٍّ (غير سحريّ) لمشكلة الطاقة الكهربائيّة في العراق.
ستقولونَ كذا، وكذا، وأنفقنا كذا مليار دولار، وتمّت سرقة عشرات المليارات، وكان بوسعنا فعلُ كذا وكذا، وتآمر علينا "الصhhاينة" والأمريكان، والأنسِ والجان..
قولوا ما تشاؤون.. ولكنَّ هذا الهراء ليس حلاًّ، كما أنّ الفشل ليس اختياراً، ولا يجب أن يكون.
العراقُ يتباهى منذ عقودٍ عديدة، وعلى اختلاف أنظمته السياسية، ويدّعي بأنّهُ يمتلِكُ "مطرقةً" الريع الهائلة، وأنّهُ "غنيّ"، وأنّهُ زاخرٌ بـ "المواهب" البشريّة و "العقليّة".
نعم .. قد تكونُ لدينا "مطارقَ" كهذه.. ولكنّ المشاكلَ ليست كلّها "مسامير".
الكهرباء(وما يرتبِط بهِ من مستلزمات الانتاجِ والتشغيل) هو"خازوقُ" العراقِ الدائمِ العظيم.. وها نحنُ نجلسُ عليهِ من جديد، ولا نفعلُ شيئاً إزاء هذا سوى أن نُثرثِر ونشتُمَ و"نتململ"، و نُعيدُ كتابة "تاريخ الكهرباء"(في هذا العراق "المُكَهرَبِ" جدّاً)على وفق أمزجتنا السياسيةِ وعواطفنا "العقائديّة"، فيدخلُ الخازوقُ عميقاً في مؤخرّاتنا "الرخوةِ -–الواسعة"، ولا فرقَ في ذلك ولا استثناء، بين "سُكّانِ" العراقِ القاطنينَ في "ريفيرا" زاخو، ولا بين "المواطنينَ" المنسيّينَ في "مملَحَةِ" الفاو.
هل بدأت كوابيس الكهرباء لدينا مع بداية الكوابيس "الترامبيّة"، أم أنّها كانت "أعتقُ" من ذلكَ بكثير؟
منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي، أي منذ عهد جيمي كارتر، مروراً بـ رونالد ريغان، و جورج بوش "الأب"، و بيل كلنتون، و جورج بوش "الأبن"، وباراك أوباما، وجو بايدن.. وصولاً للولاية الثانية لدونالد ترامب، وهذا العراق (لأسبابٍ عديدة).. يُعاني من شحّة الكهرباء.
يقولُ البعض أنّ ترامب(غير الغشيم) يُدرِكُ جيّداً تأثير قرارهُ هذا على العراقيّين، فقد سبق له وإن قام باستثنائهم منه في ولايتهِ الأولى.
وأنّ ترامب بهذا القرار(ربّما) لا يهدف إلى ممارسةِ "ضغطهِ" الأقصى على ايران فقط، بل الضغط بقسوةٍ على العراقيّين، وانتظار النتائج.
أما "أنا" (والعياذُ باللهِ منّي) فلا يهمّني كُلّ هذا.. ما يهمنّي فقط هو أنّ الصيف قادم، وأنّ الصيف في العراق أمدهُ ستّة أشهر، وليس ثلاثة.. وأنّ العراقيّينَ (الساخطينَ أبداً) لا يحتاجونَ لمزيدٍ من الأسباب للتعبير عن هذا السخط.
على "الدولةِ" في العراق (بكافّةٍ مفاصلها و سلطاتها و"مكوّناتها") أن لا تستهينَ بـ "أزمةٍ" كهذه، وعليها الاستفادة من عِبَر التاريخِ "المُكَهرَبِ" دائماً في العراق.. وعليها أن لا تتكاسلَ (كما جرت العادة) في اتّخاذِ القرار المناسب، وإيجاد "البدائل" المناسبة"، وصُنع سياسات كفوءة (تعتمِد على التفكير "خارج الصندوق")، و بأقصرِ مُدّةٍ ممكنة.*
عدا ذلكَ فإنّ الصيفَ القادمَ في العراق، لن يكونَ حارّاً فقط، بل سيكونُ "فائِراً" جدّاً.
ومن خلالِ أيٍّ شيءٍ "فائرٍ"، يُمكِنُ اعدادُ الكثيرِ من "الطبخات".