TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كلاكيت: المخرجون عندما يقعون في غرام الأدب

كلاكيت: المخرجون عندما يقعون في غرام الأدب

نشر في: 27 فبراير, 2025: 12:43 ص

 علاء المفرجي

فيلم معد على سيناريو لوسيندا كاستون الذي أقتبسته عن رواية الكاتب الأميركي ديفيد إيبرشوف التي صدرت عام 2000. الحب عندما يتخطى قوانينه، عندما ينذر المحب في سبيل الحب بعضاً من كبريائه، ويتجرد من مسميات يصنعها.
فيلم (الفتاة الدنماركية) يفلسف لحب لم نعتده، ليس ذلك الحب الذي لا يتوقف على ارضاء الآخر بل أنه مساواة حقة وتوازن داخلي يفيض على الحياة.
الفيلم يدور في بداية ثلاثينات القرن المنصرم حيث اوّل عملية (تحول جنسي) في العالم، عن قصة حب قدّر لها أن ترتبط بأغرب علاقة بين رجل وامرأة. ويروي الفيلم، الذي اخرجه توم هوبر، قصة الرسام الدنماركي "اينار ويغنر" او "ليلي البي".. الرسام وزوجته الرسامة (غريدا جوتيب) واكتشاف ميوله في أن يكون امرأة، والحب المشتعل مع زوجته التي تقف الى جانب رغبته، لدرجة تكون بطلة لوحاتها كامرأة عصرية.
سيناريو الفيلم على قصة حب عن رينار وغريدا واصرارها على الوقوف بجانب تحقيق هذه الرغبة ليعثر على هويته الجنسية الحقيقية بعيداً عن التكوين الفيزيائي. وحتى اليوم الذي تطلب فيه غريدا من زوجها وايغنر أن يرتدي جوارب راقصة الباليه الموديل الذي تستعين به لتغيير اسلوبها تمهيداً لقبول لوحاتها في المعرض المرتقب. ويطلق عليه اسم "ليلي" من باب المداعبة من صديقتها. وسرعان ما يجد ويغنر انها رغبته المكبوتة. يواجه التحولات هذه في مشاعره وسلوكه والتي تنعكس على علاقته بزوجته، التي تتعامل معها في البدء كمرض نفسي سيجد الاطباء علاجاً له.
(متى استعيد زوجي) هكذا تقول غريدا بينما تنمو هذه الرغبة لدى إينار في أن يتحول الى جنس آخر والتي يقول فيها (لقد ارادني الرب أن اكون هكذا) جعلها تتحول الى احترام هذه الرغبة بل ومساعدته على تحقيقها.
"توم هوبر" الذي سبق وأن شاهدناه في (خطاب الملك) و(البؤساء).. يتعاطى بعناية مع التفاصيل والأجواء كما في فيلمه (خطاب الملك) ولا يغفل في فيلمه هذا الجانب التاريخي حيث ثلاثينات القرن المنصرم واجوائه، كما يتعامل بحساسية مفرطة مع هذا الموضوع وتفاصيله يركز في هذا الفيلم خلافاً للأفلام التي تناولت هذا الموضوع، واعني المتحولين جنسياً، الى جانب الحق الجنسي والتعامل مع حالات كهذه، حالات انسانية جديرة بالفهم والاهتمام.
تناولت السينما هذه القضية في أكثر من فيلم منذ منتصف خمسينات القرن الماضي، لكنها لم تستطع ان تقدمها بهذه الصورة الانسانية – اغلبها كانت افلاماً كوميدية -هذا إذا استثنينا فيلم بيدور المودفار (كل شيء عن أمي) الذي ينتصر لقضية المرأة.
هوبر في هذا الفيلم ناقش قضية الهوية الجنسية ببراعة ساعده اكتمال جميع عناصر الصنعة الفيلمية من تصوير الى ديكور وازياء وموسيقى، والأهم من هذا التمثيل.. فقد استعان لدور اينار/ ليلي بالممثل (ايدي ريدماين) الذي نال الاوسكار عن فيلمه (نظرية كل شيء) بشخصية ستيفن هوكونغ. وقد ابدى براعة يحسد عليها في تحرير العبقرية من سجنها –الجسد المعاق-وفي (الفتاة الدنماركية) ليحرر من سطوة الجسد الهوية الجنسية.
الممثل ريدمان كان بارعاً في ايصال هذا التمرد داخل جسد ليلي الى المشاهد ساعدته براعة ريدماين حيث لم يلجأ الى الشكل في تغيير الجنس. عندما يتحول الى الفتاة ليلي.. كان يكفيه التلاعب بحركة الوجه والايحاء في أن ينقل لنا هذا الاحساس..
كان اينار يجاهد في البحث عن ليلي داخله بينما زوجته غريدا تبحث عن بقايا اينار في جسد ليلي التي بدورها اختارت الى الأبد الجنس الجديد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram