السليمانية/ سوزان طاهر
يبدو أن شهر رمضان سيكون مختلفاً هذا العام في كردستان، إذ يعيش مواطنو الإقليم أوضاعًا معيشية صعبة في ظل الأزمة الاقتصادية، والتي أثرت على الحياة المعيشية للمواطن، وشلت حركة الأسواق.
وعاش الموظفون في الإقليم، أزمات متوالية طيلة السنوات الماضية، أدت إلى شلل تام في الأسواق نتيجة تأخر صرف الرواتب وتطبيق نظام الادخار الإجباري الذي مارسته حكومة إقليم كردستان لسنوات عدة، بعد انخفاض أسعار النفط، وقطع حصة الإقليم من الموازنة عام 2015.
وبالرغم من اقتراب موعد شهر رمضان، وهو الشهر الذي تشهد فيه الأسواق في عموم مدن العراق وبلدان العالم حركة واسعة، للتبضع وشراء المواد الغذائية، والمستلزمات الأخرى.
ضعف عمليات البيع
لكن الأجواء في مدن كردستان تبدو ليست كسابقتها، وهنالك ضعف كبير في الإقبال على عمليات شراء البضائع، ويعود ذلك للأزمة المالية، وعدم استقرار ملف رواتب الموظفين في الإقليم.
وبهذا الصدد يؤكد الباحث الاقتصادي فرمان حسين أن، الأزمة المالية وعدم صرف رواتب الموظفين، أثر على جميع مفاصل الحياة العامة في الإقليم.
وبين في حديثه لـ(المدى) إلى، أن "الموظف حتى الآن لا يثق بوضعه المالي، لأنه من غير المعروف سيستلم راتبه بشكل شهري، أم لا، بسبب الخلاف الدائم بين بغداد وأربيل، حول الشروط المالية المطلوبة".
وأضاف أن "المناسبات الدينية والاجتماعية والأعياد عادة ما تكون متنفساً لحركة الأسواق، ويعود التجار والباعة حركة الركود طوال أشهر السنة، لكن في الإقليم، فإن الوضع مختلف تماماً".
وذكر، أن "المواطن في الإقليم يركز حالياً على شراء الحاجات الأساسية، ويهمل الحاجات الكمالية، لأنه بحاجة إلى انتعاش مالي، وصرف رواتبه بشكل منتظم، لأشهر متتالية دون تأخير".
إلى ذلك، تمتاز مدن إقليم كردستان بأجواء رمضانية مميزة، خصوصًا في الليل، فليالي رمضان في كردستان تزينها الألعاب الشعبية التي غالبًا ما تمارس في هذا الشهر بين فرق المناطق والمدن، كلعبة الصينية والقبعات، وألعاب شعبية أخرى، إلى جانب زيارات الأهل والأصدقاء والجلوس لتبادل أطراف الحديث حتى وقت السحور، بينما تتزين المجمعات التجارية الكبيرة بالفوانيس الرمضانية.
أصحاب المحال التجارية اشتكوا من تأثير الأزمة المالية على مدن إقليم كردستان وأسواقها، حيث لم تعد تلك الأسواق تزدحم بالمتبضعين الذين يتحضرون لشهر رمضان.
ركود في الأسواق
ويقول سيروان، وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية في مدينة السليمانية إن هناك انخفاض في مستوى إقبال المواطنين على السوق، وحتى شهر رمضان الذي يضطر المواطن لشراء نوعيات معينة من المواد الغذائية، فقد أصبح الإقبال عليها ضعيفاً.
ولفت في حديثه لـ(المدى) إلى، أنه "في كل عام، وقبل شهر رمضان، نشاهد الأسواق والمراكز التجارية مزدحمة، ونرى إقبالاً كبيراً من المواطنين، لشراء الأكلات، والأشياء التي يتميز بها شهر رمضان".
لكن، هذا العام هو الأقل إقبالاً، وهذا سبب إرباكاً كبيرا، كون رمضان يعتبر موسما تجارياً مميزاً، تنشط فيه حركة الأسواق، ولهذا فأن الركود شل الأسواق.
أما سامان وهو صاحب محل لبيع المكسرات والحلويات يشير في حديثه لـ "المدى" إلى أنه "رغم وجود أزمات مالية في السنوات الماضية، وقضية الرواتب هي ليست بجديدة، لكن كانت حركة الأسواق تنتعش قبيل شهر رمضان".
وأضاف أن "العام الحالي هنالك تخوف لدى المواطن، بسبب أزمة الرواتب، فضلاً عن المخاوف من وضع البلد في المرحلة المقبلة، واحتمالية حصول انهيار اقتصادي، أو صعود في الدولار".
وبعد سلسلة من المباحثات بين وفود الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، أعلن وزير المالية في حكومة إقليم كردستان آوات شيخ جناب في 3 فبراير 2025، عن التوصل مع الحكومة الاتحادية الى حل لمشكلة رواتب موظفي الإقليم للعام الحالي 2025.
مخاوف كبيرة
ويتخوف الموظفون من أن يكون هذا الاتفاق كغيره من الاتفاقات المبرمة بين الجانبين التي لم تسفر عن حلول نهائية تضمن صرف الرواتب بانتظام، إذ يستمر تبادل الاتهامات بين الجانبين حول مسؤولية عدم تنفيذها، وآخرها الاتفاق الذي أعلنه رئيس حكومة الإقليم، مسرور بارزاني، في أبريل الماضي بشأن رواتب الموظفين.
مواطنون أكدوا أن، الاستعدادات لرمضان ليست كسابقتها لأسباب عدة، أهمها الأزمة المالية، فضلاً عن قدوم رمضان للعام الحالي وسط أجواء شتوية، وانخفاض في درجات الحرارة، يرافقها دوام طلبة المدارس.
شيرين وهي معلمة في إحدى مدارس أربيل ترى أن، الالتزامات التي بذمة الأسر عديدة، ولهذا فأنه لا يستطيع التحضير للمناسبات الدينية، كما كان يحصل سابقا، من عمليات تجهيز وشراء، للمواد الغذائية، والحلويات، والأزياء الخاصة، والعصائر وغيرها.
وأوضحت في حديثها لـ(المدى)، أن "رمضان الحالي جاء في وقت انخفاض درجات الحرارة، ودوام الطلبة في المدارس، وكل تلك الأمور تحتاج إلى مصاريف، وفوق هذا الوضع هنالك أزمة مالية، بسبب عدم صرف الرواتب بوقتها المحدد".