قال ساسة وأكاديميون عراقيون إن على أي جهد تحليلي يقارن بين مبادرة المصريين الى التظاهرات الواسعة التي ترغم السلطة على تقديم تنازلات، وغياب ذلك عن المشهد العراقي، ان يأخذ بعين الاعتبار مجموعة فوارق مهمة بين الحالتين.

فالسياسي والمؤرخ العراقي حسن العلوي يذهب الى أن "الشعب المصري أكثر تجانسا من الشعب العراقي". وقال لـ(المدى برس)، إن "هناك تناقضا اجتماعيا في العراق، والتجربة العراقية تأسست على قومية السلطة فولدت لدينا قومية غالبة وقوميات مغلوبة، مذهب غالب ومذاهب مغلوبة..."، مشيرا إلى ان الشعب المصري "متجانس ومتمسك بالوطنية التي رفضناها".وأضاف العلوي "في مصر هناك تيارات ليبرالية تأسست قبل 100 عام أما في العراق فلم يتح للتيارات الليبرالية العمل منذ النظام الملكي".

وشدد العلوي على أن العراق لم يشهد تظاهرة كبيرة وان حركة 25 شباط كانت محدودة، موضحا "أن الذين خرجوا في ساحة التحرير لا يعادلون سكان مدينة تونسية واحدة ونعرف ان سكان تونس كلها لايتجاوزون 16% من الشعب العراقي".

ويقول أن "الشعب العراقي لايحتاج الى نخبة تدعوه للتظاهر ولا يحتاج الى شاعر مدلل يدعوه للخروج والمطالبة بحقه" مشيرا الى ضرورة التفكير اولا في "تداعيات الحروب وسنوات الكبت والخوف التي كان لها الاثر الأكبر في هذا الشعب".اما التيار الديمقراطي الذي يقول ان القوى التي تنضوي تحت لوائه خسرت مليون صوت في الانتخابات الماضية ويأمل استعادتها في الاقتراع المقبل، فيليقي بمسؤولية كبيرة على النخبة التي ينبغي ان تنجح في تذكير الشعب بتاريخ الثورات العراقية واقناعه بجدوى ان يشارك الفرد في عملية التغيير. ويقول القيادي في الحزب الشيوعي العراقي مفيد الجزائري احد قوى التيار الديمقراطي، إن "الأمر لا يتوقف على دعوة الناس للتظاهر وانما على مدى قناعة ووعي الشعب".ويقول الجزائري في حديث الى (المدى برس)، إن "المسألة لايمكن تطبيقها ميكانيكيا بإطلاق دعوات للتظاهر، ولو دعونا الناس الى الخروج للشوارع فلن نجد الكثيرين ممن يصغون لنا في الوقت الحالي"، مضيفا ان "المسألة مرتبطة بمدى الوعي والقناعة لدى الشعب".

وأضاف الجزائري "الشارع العراقي غير مهيأ حاليا لتظاهرات متواصلة وناضجة، لكن عندما تكون الظروف مؤاتية فالعراق سيثور خاصة وأن لدينا تاريخا من الثورات".

وشدد الجزائري على ان "المسؤولية التي يجب أن تتحملها التيارات الديمقراطية والقوى السياسية المخلصة والتي ستكون مسؤولية مضاعفة من اجل توعية وتبصير الناس"، مضيفا ان "التجربة المتكررة مرة بعد أخرى ستساعد على تبصير الناس".

وهو يعرب عن اعتقاده بأن "نتائج الانتخابات القادمة ستختلف قليلا عن الانتخابات الماضية، والمطلوب ان نبذل جهودا مضاعفة حتى نضع الحقائق أمام الناس كي يعثروا على اختيار أفضل".

ويرى الباحث والاكاديمي سعد الحديثي إن "الشعب المصري يمتلك عراقة في المدنية والحياة السياسية لا يمتلكها الشعب العراقي"، مضيفا أن "الثقافة السياسية وثقافة الرأي العام لم تتبلور في العرق في حين أنها قطعت أشواطا كبيرة في مصر".

وأشار الحديثي إلى أن "النخب السياسية العراقية قواعدها تمثل مكونات مجتمعية معينة، لذا فإن أي موقف للمعارضة يتحول إلى موقف لمكون ضد مكون آخر، وهو ما يعيق التظاهر والاعتصام، أما القوى السياسية في مصر فهي قوى سياسية بتوجهات مدنية تطرح برامج سياسية وتعتمد على قواعد شعبية".

من جهته يرى المحلل السياسي إحسان الشمري، أن الخلل يكمن في النخبة السياسية التي "لم تكن بذلك المستوى من التأهيل السياسي والديمقراطي الذي يؤهلها لتأهيل الشعب ديمقراطيا".

وقال الشمري الى (المدى برس)، متحدثا عن الاختلاف بين التجربتين العراقية والمصرية، أن "مصر عندما كان يحكمها مبارك ورغم محاولته أن يحصر مؤسسات الدول باتجاه حزبه، امتلكت تعددية حزبية وهامش حرية استغلتها الأحزاب التي تصدت لمبارك".