بغداد/ تميم الحسن
رفضت بغداد ضغوطا امريكية بسبب "النفوذ الايراني"، في وقت تهدد فيه واشنطن بـ"تخفيض" امدادات الدولار للعراق، بحسب رئيس وزراء سابق.
وقال وزير الخارجية فؤاد حسين، في تصريحات متفلزة، ان "الولايات المتحدة طرحت على بغداد مسألة وقف استيراد الغاز من إيران، إلى جانب قضايا تتعلق بزيادة الضغط على طهران".
وشدد وزير الخارجية فيما بدا وكأنه رفض للمطالب الامريكية، على أن العراق حريص على الحفاظ على علاقات متوازنة مع واشنطن وطهران.
وفي الاسبوع الماضي، طالبت واشنطن بغداد بالحد من النفوذ الإيراني "الخبيث"، حسب وصف الخارجية الأمريكية.
أفاد البيان الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية بأن الوزير ماركو روبيو تحدث مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، وناقشا النفوذ الإيراني في المنطقة وضرورة استقلال العراق في مجال الطاقة والاستثمارات التجارية الأمريكية.
وذكرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، تامي بروس، في بيان: "اتفق الجانبان على ضرورة أن يصبح العراق مستقلًا في مجال الطاقة، واستئناف تشغيل خط الأنابيب العراقي-التركي سريعًا، والالتزام بشروط تعاقد الشركات الأمريكية العاملة في العراق لجذب استثمارات إضافية".
وأضافت أن الجانبين "ناقشا أيضًا الحد من النفوذ الإيراني الخبيث، ومواصلة الجهود لمنع عودة تنظيم داعش وزعزعة استقرار المنطقة الأوسع"، فيما تجنب البيان العراقي حول الاتصال، ذكر التفاصيل المتعلقة بـ"إيران".
واشارت تقارير صحفية محلية، الى احتمال عقد الإطار التنسيقي الشيعي، جلسة قريبة لنقاش مادار بين السوداني ووزير الخارجية الامريكي.
في غضون ذلك قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى سابقا ديفيد شينكر، يوم الخميس الماضي، إن الرئيس الامريكي وضع العراق ضمن سياسية "الضغط القصوى" ضد إيران.
وقال شينكر في منتدى اربيل: "لا أعتقد أن ترامب يفكر كثيرا في العراق، لكن يتخذه كجزء من حملة سياسة الضغط القصوى التي يمارسها ترامب على إيران".
وفي شباط الماضي، وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مذكرة رئاسية تقضي بإعادة سياسة الضغط القصوى على حكومة إيران، وذلك بهدف قطع الطريق على طهران نحو الحصول على سلاح نووي ومواجهة نفوذها المزعزع للاستقرار في الخارج، وفقا لما أعلنه البيت الأبيض.
وأثناء توقيع المذكرة، وصف ترامب القرار بأنه صارم جدا تجاه إيران، لكنه أعرب عن أمله في عدم الحاجة إلى استخدامه كثيرا.
وقال: "أوقع على هذا القرار وأنا غير سعيد بذلك، لكن ليس لدي خيارات كثيرة، لأن علينا أن نكون أقوياء وحازمين".
وأضاف ترامب أنه مستعد للتفاوض مع القيادة الإيرانية، قائلا: "سنرى ما إذا كان بإمكاننا ترتيب صفقة مع إيران، بحيث يتمكن الجميع من العيش بسلام".
ويتداول في بغداد انباء بين سياسيين عن عقوبات أميركية محتملة، قد تطول شخصيات أو كيانات أو مصارف، فيما تحاول الحكومة "الصلح مع ترامب" بحسب هؤلاء السياسيين.
نفط كردستان
وبدأت بغداد مؤخرا، بتكثيف الجهود حول اعادة ضخ النفط من اقليم كردستان المتوقف منذ عامين، بعد مطالب امريكية متعلقة بـ"محاصرة طهران" ايضا.
وقالت وزارة النفط العراقية يوم الجمعة الماضية، في بيان، إن بغداد ستعلن خلال الساعات المقبلة استئناف صادرات النفط من إقليم كردستان العراق من خلال خط أنابيب يربط العراق وتركيا.
وأضافت الوزارة أن العراق سيصدر "بمعدل أولي 185 ألف برميل يتصاعد تدريجيا للوصول إلى الطاقة المحددة بالموازنة الاتحادية العامة"، وذلك من خلال شركة تسويق النفط (سومو) عبر ميناء جيهان التركي.
وفي المقابل قال المتحدث باسم مجموعة شركات النفط الثمانية العاملة في كردستان (أبيكور) انه لن يكون هناك استئناف لصادرات النفط عبر خط الأنابيب بين العراق وتركيا اليوم (الجمعة)- لم يعلن ضخ النفط حتى اللحظة-.
وأضاف أن "الشركات الأعضاء تظل ملتزمة باستئناف الصادرات بمجرد التوصل إلى اتفاقيات رسمية متابعا "لم يتم التواصل رسميا حتى الآن مع الشركات الأعضاء فيما يتعلق باستئناف صادرات النفط".
قالت ثمانية مصادر مطلعة لرويترز، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تضغط على بغداد للسماح باستئناف صادرات النفط من إقليم كردستان العراق أو مواجهة عقوبات إلى جانب إيران (نفت بعد ذلك الحكومة العراقية تلك المزاعم).
أوقفت تركيا خط الأنابيب في آذار 2023، بعد أن أمرت غرفة التجارة الدولية أنقرة بدفع 1.5 مليار دولار لبغداد تعويضاً عن صادرات غير مصرح بها بين عامي 2014 و2018.
واستئناف الصادرات سريعاً من إقليم كردستان العراق، قد يساعد في تعويض الانخفاض المحتمل في صادرات النفط الإيرانية التي تعهدت واشنطن بخفضها إلى الصفر في إطار سياسة "أقصى الضغوط" التي تنتهجها مع طهران.
انغلاق دبلوماسي
وتبدو العلاقات بين بغداد وواشنطن بعد عودة ترامب بالولاية الثانية، ليست بافضل حال، بحسب مثال الالوسي، النائب السباق.
ويقول الالوسي لـ(المدى) ان "أطراف عراقية قريبة من الإطار التنسيقي عملت ضد ترامب في فترة السباق الانتخابي، وفريق ترامب يحقق باموال عراقية ربما دفعت لدعم الديمقراطيين".
وكانت بغداد قد اصدرت مذكرة اعتقال ضد ترامب، في 2021، على خلفية حادث مقتل ابو مهدي المهندس، نائب رئيس الحدش السابق، والجبنرال الايراني قاسم سليماني، قبل ان يكشف القضاء، الاسبوع الماضي، بان مذكرة اعتقال الرئيس الامريكي "مزورة"، والتي قد تجنب الحكومة الحرج بالتعامل مع ترامب.
وبهذا الصدد يستغرب نوري المالكي، رئيس الوزراء الاسبق، صعوبة تواصل بغداد مع الادارة الامريكية الحالية.
ويقول المالكي في مقابلة تلفزيونية، "كنت أتحدث مع بوش وأوباما كل أسبوعين (حين كان رئيسا للحكومة) ومن الغريب صعوبة تواصل العراق مع واشنطن الآن".
ويكشف المالكي عن معلومات تتعلق بـ"نوايا تخفيض تزويد العراق بالدولار الى إلنصف"، ضمن عقوبات متوقعة ضد العراق.
وأكد المالكي أن العراق مقبل "على أزمة كهرباء في الصيف ولا يوجد حل كما يبدو"، تعليقا على قضية منع الغاز الايراني.